الوثيقة القادرية

الوثيقة القادرية
الوثيقة القادرية انحراف عميق في تاريخ الامة

dimanche 23 juin 2013

الزيدية التعريف والنشأة



الزيدية التعريف والنشأة
علي ناصر علي الغرسي
مقدمة بين يدي البحث:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على إمام المتقين وقائد الغز المحجلين إلى جنات النعيم سيدنا محمد
وعلى آله الطاهرين وصحابته الراشدين ومن سار عن نهجهم واقتفى أثرهم إلى يوم الدين أما بعد:
فإنه لما تقرر على طلاب المستوى الثالث بمركز الدعوة العلمي إعداد بحوث في مواضيع متعددة طرحت من
قبل مدرس مادة البحث العلمي الشيخ الفاضل / عبد الرحمن بن محمود - حفظه الله تعالى -، وكان من بين هذه
المواضيع موضوع (الزيدية التعريف والنشأة) فوقع اختياري عليه ، وذلك لما وجدت في نفسي من رغبة جامحة
وحب كبير في تصفح التاريخ الإسلامي؛ لأن قراءة التاريخ تكسب المرء معرفة ، ويشعر بحلاوة العيش ،
وتسمو النفس وتلك حقيقة لا أحد يستطيع أن ينكرها ويؤكد ذلك قول الشاعر:
من لم يع التاريخ في صدره لم يدر حلو العيش في مره
ومن وعى أخبار ما قد مضى أضاف أعماراً إلى عمره
ومن باب أولى معرفة تاريخ صدر الإسلام بما فيه من ملاحم وبطولات وتضحيات في سبيل الله تعالى وزهد
وورع وتقوى وإخلاص لله رب العالمين، تمثل هذه الصفات رجال تربوا في مدرسة رائد هو رسول الله -صلى
الله عليه وسلم- الذي هو صفوة الخلق فأخرجت خير جيل عرفه التاريخ استحقوا أن يكونوا سادة الدنيا، ثم جاء
من بعدهم جيل التابعين وتابيعهم توارثوا العلم والشرف والأخلاق وصدق رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
حيث قال: "خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم".
وهذا الموضوع متعلق بما قبله ومرتبط بأصله؛ فالزيدية فرع عن أصل هو الإمام زيد -رضي الله عنه- فلا
يمكن الكلام عن الزيدية دون ذكر زيد -رحمه الله تعالى-، وهو أحد شخصيات القرن الأول الذي شهد له النبي
-صلى الله عليه وسلم- بالخيرية، وهو من حفل تاريخه بأحداث بدأت بالمواجهة وانتهت باستشهاده عندما تواجه
مع جيش الأمويين في عهد هشام بن عبد الملك بعد خروجه عنه حيث أصبح الخروج على الظلمة مبدأ أو جزء
من عقيدته والذي بدأت عند جده الحسين -رضي الله عنه- من قبل، فشخصية زيد والحديث عنها هي من أسباب
اختياري هذا الموضوع.
وسبب آخر وهو معرفة حقيقة الفرق المنتسبة إلى الإمام زيد -رضي الله عنه-، ومدى صحة متابعتها له في
الاعتقاد دوماً وما دعى إليه وقد تناولت في هذا ما يلي:
حياة الإمام زيد: مولده، بيئته ونشأته، طلبه للعلم، زواجه وأبنائه، ثورته ثم وفاته.
١) نشأة الزيدية.
٢) فرق الزيدية: اعتقادات وآراء هذه الفرق وهي:
2
أ- الصالحية.
ب-السليمانية.
ت-الجارودية.
هذا وإني لأرجو الله العلي القدير أن ينال ما أعددت في كتابتي حول هذا الموضوع فائدة وإعجاب القارئ الكريم.
والله الموفق
الفقير إلى الله الغني
على ناصر الغرسي
__________________________
تنسب الزيدية - وهو فرقاً وسطاً بين أهل السنة وبين التشيع الإمامي - إلى الإمام الجليل زيد بن علي بن
الحسين بن علي بن أبي طالب -رضي الله عنهم أجمعين-، فزيد -رضي الله عنه- ينتسب من قبل أبيه إلى علي
بن أبي طالب ابن عم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وإلى فاطمة الزهراء بنت رسول الله -صلى الله عليه
وسلم-، فهو بهذا صاحب نسب رفيع شريف لا يدانيه نسب.
وأما والدته فهي أمة سندية، وقد اختلف في اسمها هل هي حيدام أو حيدان( ١). ويذكر أبو الفرج الأصفهاني في
مقاتل الطالبين: أن المختار ابن أبي عبيد الثقفي اشتراها واستحسنها ووجدها لا تليق إلا بعلي بن الحسين فاهداها
.( إليه. وقيل أن علي بن الحسين هو الذي اشتراها( ٢
ويكنى الإمام زيد بأبي الحسين تكنية له باسم ولده الحسين.
مولده:
اختلفت الروايات في سنة ولادته فذكر ابن عساكر أنه ولد عام ٧٨ ه( ٣)، ولكن صاحب كتاب الإفادة ذكر أن
مولده كان عام ٧٥ ه( ٤)، وإلى هذا الرأي ذهب صاحب الفكر الإسلامي في اليمن والذي يرجح ما رواه ابن
عساكر؛ ذلك لأن جميع المؤرخين يجعلون وفاته في عام ١٢٢ ه( ٥)، وهذا يتفق مع قول صاحب فوات الوفيات
من أن زيداً مات عن أربع وأربعين سنة.
بيئته ونشأته:
نشأ الإمام زيد -رضي الله عنه- حيث ولد في المدينة المنورة التي كانت منارة العلم بما كان فيها من الصحابة
والتابعين، فلقد نشأ زيداً في بيت من بيوت العلم عامرة بميراث النبوة فوالده علي زين العابدين كان من كبار
التابعين وساداتهم ديناً وعلماً، وكان زاهداً في الدنيا لا ينظر إليها، وكان دائم الإنفاق على المساكين والفقراء،
حيث كان يقوم بالإنفاق على عائلات كثيرة سراً.
ومن مقولاته: "نفقة السر تطفئ غضب الرب"، فقد ورث زيد بن علي من أبيه الخلق الكريم وسمو النفس
والرحمة بالآخرين حيث ترعرع ونشأ نشأة تربوية أخلاقية طيلة ثماني عشرة سنة وهي الفترة التي عاشها مع
أبيه ربا خلالها على الخلق الرفيع وغذاه بالروح الدينية العالية وبعدها انتقلت كفالته ورعايته إلى أخيه محمد
3
الباقر وهو من هو في الزهد والورع والتقوى فلقد طبعت هذه البيئة الخيرة في قلب زيد تقوى الله عز وجل-
والخوف منه وحب تلاوة القرآن والزهد في هذه الدنيا، فلقد قال عاصم بن عمر بن الخطاب: "فلقد رأيته -يعني
زيداً- وهو غلام حدث ليسمع الشيء من ذكر الله فيغشى عليه حتى يقول القائل: ما هو بعائد إلى الدنيا".
طلبه للعلم:
كما ذكرنا أن زيداً نشأ في بيئة علم وتقوى فكان سادة هذه البيئة هم آباؤه وأجداده أهل بيت النبوة فلا غرابة أن
يطلب زيد العلم في سن مبكرة، فقد حفظ القرآن الكريم جرياً على عادة الصحابة والتابعين في تحفيظ أبنائهم
القرآن منذ حداثة سنهم، ولقد كان للإمام زيد اشتغال دائم بالقرآن الكريم، فهو يقول عن نفسه: "لقد خلوت بالقرآن
الكريم ثلاث عشرة سنة أقرؤه وأتدبره"( ٦)، وقد أخذ زيداً الفقه عن أبيه وأخيه وكذلك الحديث وعلوم الدين.
زواجه وأبناؤه:
يدل ما ورد في المصادر التاريخية أن زيداً تزوج ثلاث نسوة، تزوج أريطة بنت أبي هاشم بن عبد الله بن محمد
.( بن الحنفية وقد جاءت له بولد وهو يحيى( ٧
وعندما كان في الكوفة تزوج اثنتين( ٨) وهما ابنة يعقوب بن عبد الله السلمي أحد بني فرقد، وتزوج ابنة عبد الله
بن أبي العنبس الأسدي( ٩)، وتزوج بأم ولد فجاءت له بثلاثة أولاد هم: عيسى، حسين، محمد، وبهذا يكون لزيد
أربعة أبناء وبنت واحدة.
ثورته:
خرج زيد بن علي بن الحسين -رضي الله عنه- وهو بالكوفة وهو في الثانية والأربعين من عمره مطالباً
بالإمامة، وقد انتهى خروجه باستشهاده -رضي الله عنه-، وبقيام الحركات والفرق الزيدية من بعده وهذا ما
سنتحدث عنه في مجال الحديث عن نشأة الفرق الزيدية -إن شاء الله تعالى- في هذا البحث.
وفاته:
لقد مضى زيد شهيداً إلى ربه تعالى كما مضى أجداده من قبله فلقد كان لزيد -رضي الله عنه- قوة شخصية
جعلته شامخاً كالطود لا يقبل الذل والهوان، فلم يكن بذي الشخصية الضعيفة الخائرة التي ترضى بالسكوت عن
الحق بل إن المحن لم تزده إلا صلابة وثباتاً على الحق. فقد اجتمع كل المواصفين لزيد على أنه كان على درجة
عظيمة من التقوى رفعته إلى قول الحق والمطالبة به وعدم التحول عنه ولو كان في الإمامة على الحق الخروج
والجهاد والاستشهاد بعد ذلك.
وقد كان لخروج زيد على هشام بن عبد الملك أسباب عدة من أهمها وأبرزها: الخروج عن الجادة، ومخالفة
النهج الذي سار عليه أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الحكم فنتج عن ذلك انتشار الظلم والجور.
فبعد أن كان قد بايع زيداً جمهوراً كبيراً من أهل الكوفة على قتال الأمويين يقدر بخمسة عشر ألف نقض أهل
الكوفة العهد، وحصلت الخيانة ولم يقاتل معه إلا مائتين وثمانية عشر كما يقول ابن جرير في تاريخه؛ في الوقت
4
الذي كان عدد جيش الأمويين اثنا عشر ألف، وعلى الرغم من ذلك استمرت المعركة أيام انتهت بقتل الإمام زيد
-رضي الله عنه- في شهر محرم سنة ١٢٢ ه.
نشأة الزيدية:
بعد أن عرفنا الإمام زيد -رحمه الله تعالى- منذ نشأته وحتى وفاته شهيداً بالكوفة نأتي الآن إلى بيان نشأة
مصطلح الزيدية وما تفرع منها من الفرق وسنحاول قدر الإمكان التعريف بكل فرقة من هذه الفرق ومدى صحة
التزامها في اتباع مذهب زيد -رضي الله عنه-.
فبعد أن قدم زيد إلى الكوفة وحصلت له البيعة من أهلها( ١٠ )، ودخول الإمام زيد ومن معه في الحرب مع
الأمويين انتهت بقتله ظهر مصطلح الزيدية والرافضة فكان الأول اسماً لمن بايعوا زيداً وقاتلوا معه ودانوا
بإمامته، وبقي ذلك اسماً لمن جاء بعده ومنتسباً إليه وإن خالفه.
أما الثاني: وهو اسم الرافضة فقد أطلقه الإمام زيد على من رفضوا بيعته عندما لم يوافقهم في البراءة من أبي
بكر وعمر -رضي الله عنهما-.
فقد روى ابن عساكر وغيره قال عيسى بن يونس عندما سئل عن الزيدية والرافضة: أما الرافضة فأول ما
ترفضت جاء زيد بن علي حيث ظهر وخرج فقالوا: أتبرأ من أبي بكر وعمر حتى نكون معك؟ فقال: بل
أتولاهما وأبرأ ممن يبرأ منهما، قالوا: أما الآن نرفضك فسميت رافضة.
وأما الزيدية فقالوا نتولاهما ونبرأ ممن يبرأ منهما فخرجوا معه فسموا الزيدية، ويبين ابن كثير منشأ الرافضة
والزيدية فيقول: إن الشيعة عندما علموا بأن يوسف بن عمر الثقفي يطلبه اجتمعوا عند زيد بن علي فقالوا له: ما
قولك في أبي بكر وعمر؟، فقال: غفر الله لهما، ما سمعت أحداً من أهل بيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
تبرأ منهما وأنا لا أقول فيهما إلا خيراً، قالوا: فلم تطلب بدم أهل البيت؟ فقال: إنا كنا أحق الناس بهذا الأمر ولكن
القوم استاثروا علينا ورفعونا عنه ولم يبلغ ذلك عندنا بهم كفراً، قد ولوا فعدلوا وعملوا بالكتاب والسنة، قالوا: فلم
تقاتل هؤلاء إذاً؟ قال: إن هؤلاء ليسوا كأولئك، إن هؤلاء ظلموا الناس وظلموا أنفسهم وإني أدعو إلى كتاب الله
وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- وإحياء السنن وإماتة البدع، فإن تسمعوا يكن خيراً لي ولكم وإن تأبوا فلست
عليكم بوكيل فرفضوه وانصرفوا عنه ونقضوا بيعته وتركوه، ولهذا سموا الرافضة، ومن تابعه على قوله سموا
.( الزيدية( ١١
ويجمع هذه الفرق ما يجعلها منتسبة إلى الزيدية كالقول بأفضلية علي -رضي الله عنه- وإمامته ثم إمامة الحسن
والحسين وكالقول بالخروج ونبدأ بذكر أقرب هذه الفرق إلى أهل السنة.
١٦٨ ه) المكنى بأبي عبد - أولاً: الصالحية أو البترية: وهم أصحاب الحسن بن صالح بن حيي الهمداني ( ١٠٠
الله وكثير النواء الملقب (بالأبتر)( ١٢ )، وكان الحسن بن صالح ناسكاً عابداً فقيهاً محدثاً زاهداً، ولذلك امتدح علمه
أهل السنة( ١٣ ) لكن سفيان الثوري عاب عليه في الخروج.
له كتب في التوحيد وغيره وهي كتاب التوحيد، كتاب إمامة ولد علي من فاطمة، وكتاب الجامع في الفقه.
5
أهم أرائه ما يأتي:
١) إقامة المفضول مع وجود الفاضل: فهم يقولون معتقدين كان علي -رضي الله عنه- أفضل من الصحابة
أو أفضل الناس بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأولاهم بالإمامة، ولكنه سلم الأمر راضياً وترك
حقه راغباً فنحن راضون بما رضي مسلمون بما سلم. وهم يثبتون شرعية خلافة كل من أبي بكر وعمر
( -رضي الله عنهما-، وتوقفوا في أمر عثمان -رضي الله عنه- وترك أمره إلى حكم الحاكمين( ١٤
لسكوته عما حصل من بني أمية من استهتار واستبداد بأمور لم يوافق الصحابة عليها وسكت عنها في
زمن خلافته.
٢) الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: كل من خرج من ولد فاطمة حسنياً كان أم حسينياً شاهراً سيفه
وكان عالماً زاهداً سخياً شجاعاً فقد وجبت نصرته وإن خرج إمامان وتوفرت فيهما الشروط ينظر إلى
الأفضل والأزهد.
٣) إنكار التقية: لا يكون إماماً من يتقي بالباطل في أمر من الأمور مبرراً ذلك بالتقية؛ لأن الإمام يجب أن
يفتي بما أمر الله لا يخشى في الله لومة لائم، وقد أثارت هذه الأقوال مشاعر الشيعة الإثنا عشرية وعدتها
نقداً لأئمتهم.
ثانياً: السليمانية (الجريرية): وهم أصحاب سليمان بن جرير الرقي كان تابعاً لجعفر الصادق، ثم انفصل عنهم
ولحق بالصالحية فوافقها في أشياء واختلف عنها في أشياء وكان سليمان بن جرير عالماً فقيهاً متكلماً.
أهم آرائه السياسية:
١) الإمامة: وهي عنده شورى بين الخلق، ويصح أن تنعقد بعقد رجلين من خيار المسلمين وهو يقصد بذلك
إمامة أبي بكر وعمر إذ عقدها عمر وأبو عبيدة، وتصح الإمامة في المفضول مع وجود الفاضل فإمامة
أبي بكر وعمر حق باختيار الأمة حقاً اجتهادياً، ولكن الأمة أخطأت بالبيعة لهما مع وجود علي، خطأ لا
يبلغ درجة الفسق وإنما هو خطأ اجتهادي، ولكن سليمان خالف الصالحية في رأيه في عثمان إذ كفره.

  .( للأحداث التي أحدثها كما كفر كل من حارب علياً( ١٥
٢) إنكاره البداء: وذلك أن الشيعة يعتبرون أئمتهم مطلعين على الغيب لا يخفى عليهم ما كان وما هو كائن
وما سيكون فإذا لم تتحقق نبوة الإمام أرجعوا ذلك إلى البداء. فأنكر عليهم سليمان ذلك قائلاً: إن الأئمة
إذا أظهروا قولاً أنه سيكون لهم قوة وشكيمة وظهروا ثم لا يكون الأمر على ما قالوا بدا لله تعالى في
ذلك فأحلوا لأنفسهم من شيعتهم مكانة الأنبياء من قومهم في العلم بما سيكون.




٣) إنكاره التقية: أجاب أئمة الشيعة الاثني عشرية عن أسئلة شيعتهم في مسائل عن التقية خشية انتقام
الحكام، حتى إذا كانوا بين شيعتهم الخلص أجابوا إجابات مخالفة حول نفس المسائل وقالوا: إنما أجبنا
عن ذلك جهراً عن تقية، ونحن نعلم ما يصلحكم وما فيه كف عدونا عنكم، وقد أنكر سليمان عليهم ذلك
قائلاً كيف يعرف لهم حق من باطل.
6
ثالثاً: الجارودية: وهم أصحاب ابن الجارود وهو زياد بن أبي زياد المنذر الهمداني المتوفي سنة ١٥٠ ه أو
١٦٠ ه. كان من أتباع محمد الباقر ثم ابنه جعفر ثم تركهما ولحق بالزيدية، وكان قد حارب مع الإمام زيد مع
أنه كفيف، ونظراً لصلاته القديمة مع الشيعة الإمامية فقد جاءت متضمنة بعض عقائدهم.
وقد افترقت الجارودية في الإمامة إلى فرقتين:
فرقة زعمت أن علياً نص على إمامة الحسن والحسين نص على إمامة الحسن، ثم هي شورى في ولد الحسن ثم
الحسين فمن خرج منهما يدعو إلى الله تعالى وكان عالماً فاضلاً فهو إمام.
وفرقة زعمت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نص على الحسن بعد علي وعلى الحسين بعد الحسن ليقوم واحد
بعد واحد.
أهم آراء الجارودية:
١- النص على الوصف دون التسمية: لم يشر الإمام زيد إلى فكرة النص من النبي -صلى الله عليه وسلم-
على إمامة علي، وإنما ذهب إلى أن الأمة قد اختارت المفضول دون الأفضل لظروف راعوها، ولكن
هل نص النبي -صلى الله عليه وسلم- على علي؟ ينكر ذلك أهل السنة ويقول الإمامية بالنص الجلي
فجاء رأي الجارودية في النص الخفي معبراً على الاتجاه الزيدي ومن ثم لقي قبولاً من اللاحقين، لقد
نص النبي -صلى الله عليه وسلم- بالوصف دون التسمية، والناس مقصرون إذ لم يتعرفوا الوصف ولم
يطلبوا الموصوف.
ثم أضاف: وإنما نصبوا أبا بكر باختيارهم فضلوا، ثم ضلت الأمة بعد ذلك حين أبعدت الحسن والحسين
عن الخلافة( ١٦ )، والإمامة مستحقة لكل إمام من أولاد الحسن والحسين فهم في ذلك سواء، ومن تخلف
.( عن بيعة الإمام فهو كافر( ١٧
٢- الخروج: كل إمام عدل من أولاد فاطمة ودعا لنفسه فهو الإمام المفروض الطاعة، ومن تخلف عن ذلك
من أهل البيت وقعد في بيته وأرخى عليه ستره وادعى الإمامة فقد ضل( ١٨ )، وقد ساق أبو الجارود
الإمامة في علي إلى الحسن ثم الحسين ثم علي بن الحسين ثم إلى ابنه زيد ثم منه إلى الإمام محمد بن
عبد الله بن الحسن بن الحسين المعروف بمحمد النفس الزكية.
٣- العلم: إن الجارودية يعتقدون أن علم ولد الحسن والحسين كعلم النبي -صلى الله عليه وسلم- يحصل لهم
قبل التعلم فطرة وضرورة متساوون في العلم منذ المهد، وعند آل محمد -صلى الله عليه وسلم- جميع
ما جاء به النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يزيد كبيرهم عن صغيرهم شيئاً في العلم، ولا يحتاج أحدهم
أن يتلقى العلم من سواهم( ١٩ )، ولكن الجارودية تراجعت عن هذا الاعتقاد إذ أنها فكرة الإثناء عشرية.
ولم ترق لها الزيدية مما أدى بالجارودية إلى القول بأن العلم مكتسب مشترك بين أهل البيت وبين غيرهم من
العلماء وجائزان أن يؤخذ عنهم وعن غيرهم.
7
وهكذا تجددت معالم المذهب الزيدي من بين هذه الفرق في الخروج، وعدم الطعن في الشيخين، والنص
الخفي على علي وابنيه بالوصف دون التسمية، وأن الإمامة فيمن خرج من أولاد فاطمة داعياً إلى نفسه
مستوفياً شروط الإمامة.
غير أن هذه الفرق الثلاث لم تصمد خلال عصور التاريخ الزيدي؛ إذ زاد الإنكار فنجد من بين علماء الزيدية
اللاحقين منتسباً إلى فرقة من هذه الفرق ويبدو أنه لا بد من إمام حتى يستجيب لدعوته المتشيعون ولم يكن
أحد من موسسي هذه الفرق من بين الأئمة أيا ما كانت درجتهم في العلم والفضل والجهاد.
الخاتمة:
في ختام هذا البحث لا بد أن أنوه إلى أن مؤسسوا فرق الزيدية الثلاث المذكورة في البحث لم يكونوا من
الأئمة المعتبرين عند الشيعة، ولذلك نجد أن كثيراً ممن انتسب إلى هذه الفرق لا يلتزم بآرائها وبعض
اعتقاداتها والأدل على ذلك أن الزيدية في اليمن متأثرون بمذهب الهادي (يحي بن الحسين) والذي جاء
متأخراً وهو من أئمة آل البيت، ويخالف الإمام زيد في مسائل الفروع وقد يختلف معه أيضاً في الأصول، ثم
إن غالب ما جاء في البحث عبارة وقائع تاريخية ونصوص ثابتة فقد أخرجته من بطون الكتب كما هو دون
إضافة أو حذف هذا وأملي في الله -عز وجل- كتابة بحث أوسع وأشمل عن الإمام زيد والزيدية اعتقاداً
ومنهجاً وأسأل الله التوفيق لذلك.
أما المراجع التي استخرجت منها أو رجعت إليها في هذا البحث فهي كما يلي:
١- الإمام زيد بن علي لشريف الخطيب.
٢- الزيدية للدكتور أحمد محمود صبحي.
٣- الزيدية نشأتها ومعتقداتها للقاضي إسماعيل الأكوع.
٤- الإمام زيد لمحمد أبو زهرة.
هذا وبالله التوفيق والسداد
علي ناصر الغرسي
٢٠٠٣ م. /٦/ ٣ ربيع الثاني سنة ١٤٢٤ ه ٣
-1 ذكر صاحب الإفادة في تاريخ الأئمة السادة أنها (حيد) وقال ابن قتيبة أن اسمها (حيدان).
-2 الإفادة في تاريخ الأئمة السادة.
.(١٦/ -3 تهذيب تاريخ ابن عساكر لابن بدران ( ٦
-4 الإفادة في تاريخ الأئمة السادة للسيد يحيى بن علي.
-5 تاريخ الفكر الإسلامي لأحمد شرف الدين.
8
.(٩٨/ -6 الروض النظير لأحمد السياغي ( ١
.(٣٢٥/ ٣٣١ ) الصحيح طبقات بن سعد ( ٥ / -7 الخطط للمقريزي ( ٣
.(١٧١/ -8 تاريخ الطبري ( ٧
.(٣٢٥/ -9 طبقات بن سعد ( ٥
-10 الكلام عن مسمى البيعة بغض النظر عن ما أسفر عنها من تخاذل ونقض لهذه البيعة.
.(٣٣٠/ -11 البداية والنهاية لابن كثير ( ٩
-12 لقب بالأبتر لأنه لم يجهر بالبسملة في القراءة بالفاتحة ومذهب زيد الجهر بها.
.(٢٨٧/ ٢٦١ ) وابن حجر تهذيب التهذيب ( ٢ / -13 طبقات ابن سعد الكبرى ( ٦
.( ٣٢٠ ) وغيرها كالإسفراييني في كتابه التبصير في الدين ص ( ٣٣ / -14 الملل والنحل للشهرستاني ( ١
.(٣١٥/ ٣١٥ ) والأشعري في مقالات الإسلاميين ( ١ / -15 الملل والنحل للسهرستاني ( ١
-16 القول بضلال الأمة باختيارهم أبي بكر خاص بالجارودية.
.( -17 النوبختي في فرق الشيعة ص ( ٧٤
-18 أثاره عليه هذه الأقوال خصومه الباقر والصادق.
.( -19 فرق الشيعة ص ( ٧٥

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire