الوثيقة القادرية

الوثيقة القادرية
الوثيقة القادرية انحراف عميق في تاريخ الامة

vendredi 21 juin 2013

قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ ) سورة النمل آية34

قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ )
سورة النمل آية34
في هذه الآية الكريمة تأكيد على حقيقة تاريخية وسنة ثابتة، وهي أن الأعداء إذا احتلوا بلدا عنوة كثر فيه الفساد. ومن مظاهر الفساد استحلال الأموال والدماء والأعراض. وقد رأينا في التاريخ الحديث ذلك الفساد يستشري في كل بلد تطؤه أقدام الأعداء. ولانريد ان نذكر أمثلة فهي أشهر من أن تذكر.
ثم بينت الآية أن هؤلاء الدخلاء يذلون سادة البلد وقادته ويتقصدون ذلك. وربما يختارون أزمانا معينة وهيئات معينة إمعانا في الإذلال والاستخفاف. وقد رأينا من ذلك ونرى أصنافا وألوانا. والعجيب أن هذه السنة الثابتة ربطها القرآن بمن يريدون الدنيا والملك والسلطان والتوسع. وهذه المعاني العجيبة وغيرها كثير، من أعظم معجزات القرآن.
ولكن الرسول، صلى الله عليه وسلم، حين دخل مكة فاتحا وقال بعض الناس هذا يوم تذل فيه قريش، رد عليه النبي، صلى الله عليه وسلم، قائلا: بل هذا يوم تعز فيه قريش. وحين ظن الناس أن الرسول سيذل سادة قريش فاجأهم عليه السلام بقوله: من دخل بيت أبي سفيان فهو آمن. وحين قال لأهل مكة الذين كذبوه وآذوه وقاتلوه وأخرجوه من بلده وقتلوا أصحابه، قال ماتظنون أني فاعل بكم؟ قالوا أخ وابن أخ كريم، فقال: إذهبوا فأنتم الطلقاء.
هذه سنته وسيرته العطرة، سيرة عبد رسول، وليس بملك جبار متكبر. فتصرفاته كلها تتفق اتفاقا عجيبا مع معاني القرآن الكريم. فلا عجب أن وصفته أم المؤمنين عائشة سيدة الفصاحة والفطنة والفقه بقولها: كان خلقه القرآن. وحين خير بين أن يكون عبدا رسولا أو نبيا ملكا اختار أن يكون عبدا رسولا.
وحين دخل عليه السلام مكة فاتحا ونصره الله نصرا عزيزا دخل مطأطئا رأسه قائلا: لاإله إلا الله وحده نصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده. العجيب في هذه الكلمات قوله : عبده وقوله وحده. فذكر نفسه بصفة العبودية وليس بصفة النبوة أو الرسالة ونسب النصر لله وحده. فكأنه عبد لاحول له ولاقوة وإنما النصر من الله وحده. كما قال عز من قائل: وما النصر إلا من عند الله.
تلك صورة واحدة من صور هذا النبي الكريم، وتبعه على ذلك خلفاؤه الراشدون المهديون وصحابته الأبرار الذين كانوا يفتحون قلوب أهل البلاد قبل أن يدخلوها عنوة. وصلح بدخولهم حال أهل البلاد وازداد الأعز وفيها عزا وسؤددا. حتى قال بعض مؤرخي الغرب ممن عنده بعض الإنصاف: لم ير العالم فاتحا خيرا من العرب.
ذلك لأن الإسلام لم يأت لمزاحمة أهل الأموال والمناصب الذين كثيرا مايتخوفون من الإسلام، ظانين أنه سيسلبهم ملكهم وسلطانهم. والحقيقة عكس ذلك تماما، فإن شواهد التاريخ تؤكد أنه ما من حاكم أو أمير أو سيد دخل الإسلام إلا ازداد سؤددا ومجدا وعزا.
والله أعلم
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه الاخيار وسلم

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire