الوثيقة القادرية

الوثيقة القادرية
الوثيقة القادرية انحراف عميق في تاريخ الامة

mercredi 12 novembre 2014

في أصحابي اثنا عشر منافقا فيهم ثمانية لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط ثمانية منهم تكفيكهم الدبيلة وأربعة لم أحفظ ما قال شعبة فيهم صحيح مسلم كتاب صفات المنافقين وأحكامهم

 
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أسود بن عامر حدثنا شعبة بن الحجاج عن قتادة عن أبي نضرة عن قيس قال 

قلت لعمار أرأيتم صنيعكم هذا الذي صنعتم في أمر علي أرأيا رأيتموه أو شيئا عهده إليكم رسول الله صلى الله عليه وسلم 


فقال ما عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا لم يعهده إلى الناس كافة 

ولكن حذيفة أخبرني عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
 قال النبي صلى الله عليه وسلم 
 في أصحابي اثنا عشر منافقا فيهم ثمانية لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط ثمانية منهم تكفيكهم الدبيلة وأربعة لم أحفظ ما قال شعبة فيهم



mardi 11 novembre 2014

أبطال قفاصة أغفلهم التاريخ




الأزهر الشرايطي
يخاطب جمعا من الأهالي
---------------------
هل تكون هذه شعبة القيطنة
؟؟؟؟؟؟؟؟

تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :
 
لزهر الشريطي وساسي لسود صورة ناصعة وفخر لكل قفصي و تونسي أصيل هذا الثنائي وفي إحدى خطابات بورقيبة صرح بإحتقار أن أحدهما كان سيكون رئيسا للجمهورية بعد عملية إنقلاب قامت بها المقاومة سنة 1962
وقد خصصت مكافأة تبلغ مليونين للشخص الذي يأسر الأزهر الشريطي الذي يعتبر الزعيم الأكبر " للفلاّقة "، حياً أم ميتاً. فقد شارك في أكثر من هجوم على الفرنسيين ويقال أنه دبّر غارات أخرى.

وُلد هذا القائد في منطقة عمرة قرب قفصة. ويتميز بعلامة وشم أزرق تتوسط جبهته . كان منذ حداثة سنه يطمح إلى تونس حرّة. إلى أن قاده حماسه الوطني إلى التصدي إلى قوات الاستعمار الفرنسي في تونس . وهكذا يصبح خلال فترة وجيزة على رأس أكثر من ألفي مقاتل .

في سنة 1948 شارك في حرب تحرير فلسطين. وكان لهذه التجربة وقعاً كبيراً في نفسه حمله، إثر عودته إلى تونس ، على تنظيم الكفاح وإنشاء مقاتلي الفلاّقة، إلى جانب ساسي الأسود. فكافح بلا هوادة من أجل مقاومة المحتل ولتخليد ذكرى رفاقه الفلاّقة الذين استشهدوا على ساحة القتال . وهكذا نذر هذا القائد حياته للنضال بإرادة لا تنثني من أجل منح الشعب التونسي حريته.

الفلا ّقة : هؤلاء الذين غفـلهم التاريخ التونسي

الفلا ّقة هم أفراد من عامة الناس، يأتي معظمهم من جنوب تونس،عمال مناجم و فلاحون تشبّعت أياديهم بتراب أرضهم، يجنون رزقهم اليومي بعرق جبينهم. إلاّ أنهم استطاعوا حمل السلاح والقتال تلبية ً لنداء الوطن ولاستقلاله. آن الأوان إنصاف هؤلاء الفلاجة وأسرهم ومنحهم المكانة التي يستحقونها وعرفان التاريخ لما بذلوه.

تتميز حركة الفلاقة بثلاث فترات. تمتد الفترة الأولى من يناير/كانون الثاني 1952 إلى سبتمبر/ أيلول 1953 وتتميز بإنشاء وتعزيز وتنظيم "العصابات" فضلاً عن توزعها الجغرافي في السهل و قفصة وجابس والمناطق العسكرية. وتخصصت فلاقة منطقة قفصة، وهي مجموعة قد أحسن تنظيمها وتسليحها، في الهجمات التي تشنها ضد العساكر ووسائل الاتصال. والقائدان الرئيسيان لهذه المجموعة هما ساسي الأسود والأزهر الشريتي. بدأ ً من شهر مارس /آذار 1954 تتطورت الحركة لتشمل ما يقرب إلى غالبية تونس.

تونس والمسيرة نحو الاستقلال (1945 – 1956 ) ، سلمى المشاة

لزهر الشريطي وساسي الأسود:

حاصر الجيش الفرنسي منطقة رأس بون (كاب بون) لفتؤة امتدت من 20 يناير/ كانون الثاني إلى 1 فبراير/ شباط ووضعتها تحت قيادة اللواء جاربي الذي سبق له أن " أثبت مهارته" في مدغشقر سنة 1947، في أعمال السلب والتدمير والإعدامات التعسفية واغتصاب النساء والفتيات .... إلى كل ما هنالك من فظائع، دون جدوى.

في ذلك الوقت، تشكلت فرق الفلاقة لتحدق الرعب في المدن وحول المزارع المعزولة للمستعمرات، مما أدئ إلى وقوع مجموعة مريعة من أعمال الإرهاب والقمع العشوائي. ولا يستقر الوضع إلى أن يدلي بيير مندس فرنس خطابه الشهير في 31 يوليو/ تموز 1954 في قرطاج، يمنح فيه، في آخر المطاف، السيادة الداخلية لتونس، الموعودة بها منذ سنة
1950
هذه لمحة من تاريخ حركتنا الوطنية التي تداخلت فيها المصالح وعمدت فئة من الانتهازيين الى كتابة التاريخ الوطني على مقياس شخص واحد واغفلت امثال الساسي لسود ولزهر الشرائطي والدغباجي وغيرهم من ابطال تونس المجاهدين لانهم وببساطة لم يكونوا من حزب معين ومن جهة معينة ولا يدينون بالولاء الا لتونس وقدم المئات منهم ارواحهم فداءا للوطن دون تردد والجميع يذكر معارك الفلاقة في سيدي عيش وجبل توزان وبرقو وغيرها من الوقائع المجيدة التي ثبتت فيها فئة قليلة العدد والعدة امام جيوش المستعمرواعطت مثالا رائعا للتضحية والفداء في سبيل تونس ولم ينصفهم التاريخ ولا البشر اللذين كتبوا ذلك التاريخ وعاد الفضل لشخص ومجموعة من الانتهازيين ونسي امر الفلاقة الا من رحم ربك وعاش غالبيتهم على المساعدات وانكرت جهود البعض لكن الله لن ينكرهم فضلهم ولهم منا المنة والاحترام ووقفة اجلال ولتحيا تونس ابد الدهر والسلام
 
 
 
اليوسفية : ترمز هذه الكلمة إلى ظاهرة سياسية –اجتماعية تبلور ظهورها قبل أن يلتحق بها "صالح بن يوسف" نفسه، إذ يعود ظهورها إلى سنة 1952 تاريخ بروز المجموعات المسلحة التي ترى في العمل المسلح الأسلوب الأسلم لمقاومة الاستعمار الفرنسي. تجسد هذا الموقف في تجربة "جيش التحرير الشعبي" الذي أسسه "الطاهر لسود" والذي تبلور بصورة أوضح مع توقيع اتفاقيات الاستقلال الداخلي سنة 1955. برزت اليوسفية كحركة تحررية أثناء الفترة الاستعمارية مشكلة رد فعل مسلح على وجود الاستعمار في تونس والمغرب العربي، واليوسفيون هم أنصار الزعيم "صالح بن يوسف" الأمين العام للحزب الحر الدستوري الجديد. عرفت اليوسفية تأييد تيارات فكرية وأحزاب سياسية ومنظمات نقابية وعناصر وطنية وأخرى ثورية آمنت بالكفاح المسلح([18]). واستطاعت أن تكسب تأييد الغالبية العظمى من الشعب التونسي، ثبت ذلك من خلال إحصاء الشعب الدستورية المنتمية إلى الحركة اليوسفية التي قدر عددها في حدود 747 شعبة([19]). واليوسفية ليست أيديولوجيا وليست نظرية في كيفية التحرر من الاستعمار، وإنما هي حركة سياسية ذات هوية مغاربية وذات عمق عربي إسلامي، وهي نتيجة لعوامل ذاتية وأخرى موضوعية، تجسدت الأولى في قدرة الأستاذ "صالح بن يوسف" على تجديد شخصيته السياسية بصورة جذرية بعد أن برزت الظروف الموضوعية المساعدة على ذلك مجسدة في بروز مصر كقاعدة خلفية للحركات الاستقلالية في الوطن العربي بعد قيام ثورة الضباط الأحرار سنة 1952، هذا علاوة على انعقاد مؤتمر باندونغ بأندونيسيا الذي حضره "بن يوسف" وهو المؤتمر الذي أرسى مبادئ عدم الانحياز([20]). لقد خاضت اليوسفية معركتين متوازيتين، الأولى ضد الدولة الاستعمارية والثانية ضد الجماعة البورقيبية أو ما يسمى بجماعة الديوان السياسي التي حسم الصراع لصالحها بفضل دعم الإدارة الاستعمارية، وما انفك الصراع أن تحول بين حزب الأمانة العامة و الدولة الناشئة التي أصبح بورقيبة رئيسها بعد وضع حد لنظام البايات وإعلان الجمهورية سنة 1957 والتي تمكنت من تصفية المجموعات اليوسفية المعارضة بفضل الدور الذي قامت به "لجان اليقضة " البورقيبية وما تبعه من محاكمات صورية وعمليات إعدام وتصفية كان آخرها اغتيال "صالح بن يوسف " نفسه يوم 11 أوت 1961 بمدينة فرنكفورت الألمانية ([21]).

- المحاولة الانقلابية : توصف بأنها محاولة لتغيير نظام الحكم في تونس، اشترك في القيام بها مجموعة من العسكريين والمدنيين([22]).

- أسباب المحاولة الانقلابية : تنقسم هذه الأسباب إلى قسمين، داخلية وخارجية :

- الأسباب الداخلية : تتعلق باستغلال بورقيبة للشرعية النضالية ليتحول إلى "حاكم مستبد سخر الدولة وأجهزتها لبناء شخصية أسطورية ملهمة مستخفا بالشعب وقدراته وقيمه مشككا في إمكانياته فهو بالنسبة له غبار من البشر"([23]). وهو ما شكل مقدمة للقضاء على مكونات المجتمع المدني جنينية التشكل، وتدجين اتحاد الصناعة والتجارة واتحاد الفلاحين والمنظمات الشبابية. كما تم استئصال كل معارضة لعل أبرزها المعارضة اليوسفية وما يعنيه ذلك من تهميش للمقاومين واصفا إياهم بأنهم "... أشخاص بسطاء، فبعد مرحلة الجبال شهدوا كيف أن الجبش الفرنسي ينسحب بين عشية وضحاها وكيف أصبحت الوزارات بين أيدي تونسيين فأصيبوا بنوع من النشوة وصورت لهم عقولهم البسيطة أنهم انتصروا على فرنسا واحتفلوا بذلك، وكان لزاما علينا أن لا نتركهم يفقدون الصواب... "([24])، وهي الأرضية التي تساعد على بلورة دور الحزب الواحد والزعيم الأوحد كطريقة في الحكم. بالتوازي مع ذلك سن بورقيبة مجموعة من القوانين الاستثنائية ما بين 1957 و1959 قدرت ب375 قانونا، لعل أكثرها إثارة قانون الفصل 13 الذي يسحب حق المواطنة على المواطن التونسي وقانون 59 الذي يسمح بانتزاع الممتلكات ([25])، وأحدث محكمة أمن الدولة التي تصدر أحكاما نافذة غير قابلة للاستئناف لتولي المحاكمات السياسية، وخطة المدعي العام. وسمح بورقيبة لنفسه أن يعبث بالمؤسسة الدينية من خلال غلق الجامعة الزيتونية وحل جمعية الأحباس والاستخفاف بالقيم الإسلامية([26]). لقد دعمت هذه العوامل الأزمة الاقتصادية التي كانت تعيشها البلاد نتيجة فشل التوجه الليبرالي لفترة الخمسينات، والشروع في تطبيق سياسة الاقتصاد المخطط، وتدعيم التفاوت الجهوي بين الساحل والشمال الشرقي وبقية مناطق البلاد في الشمال الغربي والجنوب ([27]).

- الأسباب الخارجية : يقصد بذلك أساسا ما يعرف في تاريخ تونس المعاصر بمعركة بنزرت التي يرى فيها منظمو المحاولة الانقلابية عملية فاقدة للمبررات الموضوعية وللحسابات السياسية الدقيقة خاصة وأن الرئيس الفرنسي "ديغول" كان قد وعد بالجلاء عن بنزرت بمجرد الانتهاء من مشكلة الجزائر ([28]). إلا أن بورقيبة اختار الزج بآلاف العسكريين والمتطوعين في معركة غير معدة سلفا وغير متكافئة عسكريا انتهت بسقوط ما بين 5000 و6000 من الشهداء([29]). وبذلك استطاع كسب تعاطف العالم الثالث وبلدان عدم الانحياز وتأييد الزعيم المصري "جمال عبد الناصر" الذي سيزور تونس لاحقا بعد أن كان أكبر خصم ل "بورقيبة" بسبب تأييده واحتضانه ل"صالح بن يوسف". بالتوازي مع ذلك تمكن "بورقيبة" من التخلص من كثير من معارضيه من الثوار اليوسفيين الذين رفضوا تسليم أسلحتهم ولكنهم كانوا ضحية للخدعة البورقيبية.
يشير أحد المشاركين في المحاولة الانقلابية إلى أن انقسام عملهم إلى قسمين يعكس وجود مرحلتين تولت العناصر المدنية الإعداد لها عبر تمرد مدينة قفصة بقيادة "عبد العزيز العكرمي" و"أحمد الرحموني" و"الزموري" و"الشرايطي"، على أن تدوم فترة التمرد بين يومين وأسبوع حتى تصلهم التعزيزات والدعم من الجزائر التي تولى التنسيق معها "إبراهيم طوبال" و"المسطاردي بن سعيد" كما هو الشأن بالنسبة للتنسيق مع مصر ([32]). وتولت العناصر العسكرية إعداد خطة للقيام بانقلاب عسكري بعد أن تبين استعداد عدد كبير من الضباط للمشاركة في ذلك وقد تولى "عمر البنبلي" عملية التنسيق بين الطرفين العسكري والمدني نظرا لقيامه بنفس الدور في انقلاب عسكري في دمشق. إلا أن المحاولة فشلت بسبب الرغبة التي أبداها العسكريون في الانفراد بالعملية الانقلابية وبالتالي تأجيلها وما صاحب ذلك من وشاية أحد الضباط الصغار([33]).

-نتائج المحاولة الانقلابية : إذا أمكن الحديث عن نتائج هذه المحاولة فلابد من الإشارة إلى الفشل التام في تحقيق هدفها الرئيسي المتمثل في إزاحة "بورقيبة" من هرم السلطة. بل إن نتائجها كانت وخيمة على القائمين بها في مستوى أولى ظروف الاعتقال- التي تصفها إحدى الشهادات بأنها "كانت مرعبة ولا يستطيع أحدا أن يتصور كيف يتواصل بقاء إنسان على قيد الحياة وهو مغلول في سلسلة مشدودة إلى حائط وطولها 80 صم فقط لمدة 7 سنوات كاملة بـ37 درجة في دهليز مظلم، وقد أذاقنا مدير السجن... الأمرين فلم يمكننا من الأحذية رغم قسوة البرد في الدهليز، ثيابنا رثة ممزقة وسخة يرعى فيها القمل ويتغذى من أجسادنا الهزيلة... إلخ"([34])- وفي مستوى الأحكام الصادرة في حق "الانقلابيين" التي تراوحت بين الإعدام والأشغال الشاقة والسجن. فقد "حكمت المحكمة بإعدام "عمر البنبلي" و"كبير المحرزي" و"صالح الحشاني "وعبد الصادق بن سالم" و"المنصف الماطري" و"حمادي قيزة" و"الحبيب بركية"وكلهم من العسكريين و"الحبيب حنيني" و"الهادي القفصي" و"الأزهر الشرايطي" و"عبد العزيز العكرمي" و"أحمد الرحموني" و"المسطاردي بن سعيد" (في حالة فرار) وكلهم من المدنيين، وبالأشغال الشاقة المؤبدة على "محمد الصالح البراطلي" و"الساسي بويحي"، وبعشرين عاما أشغالا شاقة على "العربي العكرمي" و"علي كشك" و"عبد القادر بن يشطر" و"أحمد التيجاني" و"تميم بن كامل التونسي "وعشر سنوات أشغال شاقة على "علي القفصي" و"عز الدين الشريف"، وخمسة أعوام أشغالا شاقة على "علي الكفلي الشواشي"، وعامين سجنا على "محمد العربي المثناني" و"حسن مرزوق"، وعام سجنا على العربي الصامت. وقد نفذت أحكام الإعدام في المحكوم عليهم بتاريخ 24 جانفي 1963، مع استثناء "المنصف الماطري" و"محمد قيزة" الذين أبدل الحكم في شأنهما إلى الأشغال الشاقة المؤبدة([35]).
المصدر: مجلة علوم انسانية العدد 18، السنة الثانية - فبراير 2000
 
 
الحامة إحدى مدن الجمهورية التونسية، تقع في ولاية قابس بالجنوب الشرقي. سميت قديما بمدينة النحاس وهي تلقب اليوم ببوابة الصحراء أو واحة الصحراء تمتاز بالمناظر الصحراوية الخلابة وجمال واحاتها الغناءوبمياهها الجوفية الحارة تبعد عن ولاية قابس قرابة ال30كم سكانها من العرب الوافدين من شمال وجنوب الجزيرة العربية خاصة قبائل بنو هلال وبنو سليم وبني زيد لذلك تسمى أحيانا ببني يزيد وبنو يزيد هم فرع من قبيلة بني سليم بضم السين جاؤو خلال التغريبة الهلالية واستقرو بالحامة وهم أربعة أفخاذ/الصهبة/الخرجة/الحمارنة/والأصابعة.. ويتفرّع بنو يزيد اليوم إلى عدّة فروع ينتشرون على كامل تراب مدينة الحامّة وضواحيها إذا فالنسب العربي القحّ هو ما ما يفسر تمسك أهلها بالعادات العربية الاصيلة كالكرم والجود والفروسية بالإضافة إلى محافظة اهلها على لهجة عربية اقرب ما تكون إلى اللهجة الخليجية المستعملة اليوم ..أهم منتجاتها الفلاحية إضافة إلى تربية المواشي والابل التمور والرمان..من قرى الحامة نجد الدبدابة-الصمباط-المزارع -القصر-منزل الحبيب-بشيمة-الخبيات-وادي النور- أنجبت مدينة الحامة العديد من رواد الفكر والادب أمثال الطاهر الحداد محمد علي الحامي إضافة إلى المجاهد محمد الدغباجي والسياسي جلولي فارس والعديد من المعاصرين السياسين مثل راشد الغنوشي الذي تعرض للنفي لعديد المرات وكذلك شيخ المجاهدين التونسيين الطاهر لسود قائد التمرد ضد القوات الفرنسية بشمال أفريقيا.
 
 
 

في تسجيلات نادرة وفريدة بصوته حصلت عليها «الشروق»: القصّة الكاملة للمناضل الكبير الطاهر لسود (3)...لهذه الأسباب انتقل الطاهر لسود بالمقاومة من الجنوب الى الشمال الغربي




 












في تسجيلات نادرة وفريدة بصوته حصلت عليها «الشروق»: القصّة الكاملة للمناضل الكبير الطاهر لسود (3)...لهذه الأسباب انتقل الطاهر لسود بالمقاومة من الجنوب الى الشمال الغربي
نشر في الشروق يوم 18 - 06 - 2005
تواصل «الشروق» في هذه الحلقة الثانية نقل تفصيلات التسجيلات التي حصلت عليها بصوت المناضل الكبير الطاهر لسود والتي تروي تفاصيل حياة هذا «البطل» الذي سجّل اسمه بأحرف ذهبية في تاريخ الحركة الوطنية ولظروف وملابسات يعلمها الجميع بقي «عم الطاهر» مغمورا من الاجيال اللاحقة عن الاستقلال...
التسجيلات تحمل «تدقيقات» مهمّة عن اسهامات رجل حمل «السلاح» ورفض تسليمه او التخلي عنه الى حين حصول البلاد على استقلالها التام... وأنت تستمع الى «الصوت» يهزّك احساس كبير بصدق هذا الرجل الذي رفض كل الاغراءات من مال وجاه وسلطان على أن يتخاذل مع ارواح الشهداء ونضالات المجاهدين او حتى ان يتناسى ارتباطاته المغاربية والعربية والاسلامية...
في هذه الحلقة يتحدّث الرجل عن «حمل السلاح» والصعود الى الجبال ومقارعة الاعداء بالحديد والنار.
اعداد: خالد الحداد
يقول «عم الطاهر» انه ترك زوجته وابناءه عند الطيب بن بلقاسم دون ان يخبرهم عن أمر توجهه الى «الجبل». وقال ل «الطيب»: «المرا عندك كان تحب خلّيها وكان عينك اقتلها» ويواصل: «كنت ألبس «برنوص» ومررت بأبناء خالتي اولاد فرح في بعطوط وقلت لهم إني متّجه الى العادود في حين أنني كنت اقصد خنة عيشة التي اعرف فيها احد الدستوريين القدماء «الحاج سعيدان» والذي صارحته بأمر خروجي ل «الجبل». وكوني لا أملك سلاحا فقال لي: «هناك واحد اسمه منصر عنده 6 مكاحل... واكثر من 700 تاجورة (في كل تاجورة 5 خراطيش»...». وجاءني المنصر وطلبت منه ان يحضرلي مكحلة جديدة و100 تاجورة (أي 500 خرطوشة) وباشرت عملي في البداية بقطع 18 عود تل حديد ليلا باستعمال المقص الذي ارسله «الديوان السياسي» واستغرب الناس في الصباح من ذلك الامر وتساءلوا عن فاعل ذلك.
وبدأ «السؤال» يتزايد وتكاثرت الرغبات في الانضمام الى المقاومة وكانت البداية أن انضم لنا اثنان هما «الطاهر بوزعيمة» و»علي بن مصباح» وكانا دون سلاح فاستنجدنا بالمنصر مرّة أخرى وزوّدنا ب 2 مكاحل اضافية و200 تاجورة والتحق بنا كذلك بلقاسم البازمي وأخذنا له كذلك سلاحا من عند المنصر وقرّرنا ان نقيم حاجزا في «خنة عيشة» ونبدأ في الحرب...
حوالي س2 ليلا اعترضنا شاحنة إيطالي يشتغل في منطقة القطار أطلقنا عليه النار ولكن لم نتمكّن من قتله وعندما وصل إلى «القطار» قال : «خنة عيشة ملأى بالثوار..» فجاءت قوات الاحتلال وجمّعت كل الأهالي ولكنّهم أطلقوا سراحهم عندما لم يعثروا عليّ شخصيّا... وعددنا ثانية وقمنا بعملية أخرى ضدّ سيارة مدني فرنسي ولكن بعد ذلك تخوفنا من أن ينكّل المستعمر بأهالي خنة عيشة فقرّرنا تغيير الخطّة وقلنا : نعمل عملية في ابس ثم عملية أخرى في مارث بين المنطقة العسكرية وابس لكي نشتّت تركيز المستعمر ونشعره بأن المقاومة في كل مكان» وفي تلك الأثناء تكثف البحث عن «عم الطاهر» ومرافقيه من المقاومين ودسّ المستعمر عددا من الواشين واعدا إياهم بالملايين يقول عم الطاهر : «هناك اثنان أذكرهما جيّدا هما ساسي بن شرف الدين والحبيب بن ناعس الأول «شيخ» والثاني يبحث عن المشيخة...» ويذكر عم الطاهر أنّ الحاج سعيدان قال له : «الحبيب وساسي شكُوا بيّ للمراقب الفرنسي في ابس وقالوا له لو يأتي معنا سعيدان سنتمكّن من القبض على الطاهر لسود..» فقرّرت الخروج ليلا وسلّمنا الحاج سعيدان مليونين فقلت له : «خلّيهم عندكم ماناش مستحقينهم وبارك اللّه فيك على الضيافة وقلنا له نحن سنعود للجبل..»!
خطط ومواجهات
تحوّلنا إلى ابس عند «باك علي» الذي كان يُلقّب ب»قلب القاضي» وقلنا لهم : «لابدّ من عملية ضدّ الفرنسيين في ثكنة سيدي بولبابة... لكي تُبعد التهمة على بني زيد...» وافقوا على الأمر وقالوا سنتمه الليلة بعون اللّه... ورغب علي بالرّحال في الانضمام إلينا وطلب مكحلة من عند شقيقه عبد اللّه لكن هذا الأخير رفض وقال : «أنا نمشي معاهم..»
بدأنا من رأس الوادي واتجهنا نحو ابس.. ووصلنا إلى «مرسيط» وفي الأثناء أنجزت الجماعة الأولى المطلوب منها وتردّدت «الإشاعة» هجوم على ابس والمدافع تضرب من كل اتجاه يقول عم الطاهر : «كانت تلك هي الدعاية التي كُنا نرغب فيها...»
وعند وصولنا إلى «رباطات الحمارنة» (الوحايشة) طلبنا من محمد الجعيدي أن ننجز عملا عسكريا بين ابس ومارث فوافق على الأمر على أنّ في الأمر خطورة إذ لاتوجد جبال في تلك المنطقة. وصلنا الطريق وجاءتنا أضواء شاحنات عسكرية قادمة من مارث فقلت لمن معي (7 أفراد) : «هاجموا الشاحنة الأخيرة... وهو ماتمّ وقتلنا 8 عسكريين فرنسيين وبقينا في عرّام، واتفقنا على تنفيذ عملية أخرى بين مدنين وابس (وادي الجباس) ويذكر عم الطاهر أن ذلك كان في صائفة سنة 1952 وضعنا برفقة أهالي الجباس (غبنتن) أكداسا من الحجارة للحدّ من سرعة الشاحنات العسكرية الفرنسية وللإضرار بها... وفعلا انقلبت إحدى الشاحنات ومات 11 عسكريا ممن فيها... ثم اتجهنا إلى مطماطة وكان بها «ايد» أعلمنا أنّه تم نقل العديدين إلى السجون عقب الأحداث الأخيرة... وهناك قرّرنا تنفيذ عملية أخرى... كُنّا 14 فردا وفي ذلك اليوم قدمت 18 شاحنة من ابس في اتجاه مطماطة... وعند رجوع 8 منها هاجمناها وضربنا بعنف وقتلنا منهم تقريبا 10 عسكريين... واقترح مرافقيّ أخذ أسلحتهم لكنّي رفضت ذلك وقلت لهم: «السلاح موجود الله يرحم الألمان والأساس هو قتل العسكريين فقتل واحد منهم أفضل من 100 سلاح...»... وعدنا الى «بني زيد» وكان معنا مواطن اسمه «بلقاسم» (قريب للشيخ ساسي...) كان في السجن بتهمة القتل خرّجوه وقالوا له: تبّع الطاهر واقتله بكل الطرق بالسلاح او ب»السم» وبعد ذلك فرنسا تلغي عنك الاحكام...
وأعلمنا شوشان السبوعي بأن بلقاسم قد غاب عن الانظار وانه قد أوصل الوشاية الى الفرنسيين وأن الاماكن كلها سوف تحاصر. ارتحنا في زاوية سيدي علي بن سالم وكان به «حفيظ» اسمه عبد الله الطرابلسي هو الذي كان يأتينا بالأخبار من الحامة، ويذكر عم الطاهر ان فرنسا قد كثفت في ذلك الوقت من الواشين و»القوادة»... عندما ذهبت الى خالي الهادي في العادودي قال لي... كثر عددهم... هناك: ساسي وعلي الفليس من العقاربة ومحمود السلامي من المعايطة والعياري (منظف في الجامع)، الذي كان يقطن عند النفطي بن عامر، ويقول عم الطاهر: «جاءتنا الأخبار أنه في مشيخة الخرجة فقط أنزلت فرنسا 25 واشيا... وكان راشد الشكوش في المراقبة الفرنسية هو الذي يكشف لنا باستمرار عن اسماء وهويات كل هؤلاء.
وبدأنا في تلك الفترة التنظيم الفعلي وقررنا ان نكوّن لجانا تعمل في سبيل الثورة تنقل الاخبار وتجمّع الاسلحة وتعتني بالعائلات ويتصلون بالقبائل.
وشاية و»قوادة» لايقاف المقاومة
ومما يذكره عم الطاهر ان المقاومين لم يكونوا ليتناسوا جرائم هؤلاء الواشين لذلك عاقبوا أحدهم أفضل عقاب على حدّ قوله: كنا في جبل بن عواجة عند الهادي بوشمال حتى جاء الطاهر العياري راكبا على بهيم أنزلناه وأكرمناه... وعرف مصيره المحتوم لذلك لم يكن قادرا على الأكل... أخبرنا بكل الاسماء والخطط الموضوعة للايقاع بالمقاتلين وقال: البهيم اشتراه له الحبيب بن ناعس والبردعة النفطي بن عامر... وأنا ندور وانقل الاخبار كما أراها واسمعها... وكان اليوم ساخنا جدا، حفروا له قبره ودفنوه حيا «عينو تشوف»... ومن الغد نزلت أمطار غزيرة وشربنا «الشاي» على قبره... ارتحنا منه!
... ومن المهاذبة تحولت المجموعة الى الدوارة ثم بوشاش اين اعلموا بوجود «قواد» آخر عامل بخور وبندير ويدور بين القبائل... وألقي عليه القبض في وادي الضبعة وقتلوه خنقا كما ذكر... ولما وصلوا الى مطمط ونتيجة لوشاية من «الكيلاني بن العبيدي الحوّة» استنفرت القوات الاستعمارية نفسها وحاصرت 18 شاحنة عسكرية و300 حصانا المنطقة وبحثوا عنهم لكن هربوا الى الجبل وبقوا هناك... وطلب جماعة الحزم (المهاذبة) الالتحاق بنا فاشترطنا عليهم تنفيذ عملية عسكرية قبل ذلك وهو ما تم اذ هاجموا سيارة عسكرية ودمروها وقتلوا من فيها والتحقوا بنا... كانوا هم 13 ونحن 12 فردا...
وقد تمكنوا في طريقهم الينا من القبض على أحد الواشين (محمود بن سلام) وقتله... ومن المهاذبة يقول «عم الطاهر» أنهم انتقلوا الى جبال بوهدمة وكانت السلطات الفرنسية تتبع خطاهم بالطائرات وبكل الوسائل المتاحة «وبقينا هناك شهرا و يوما.. يوما منها دون أكل نأكل في الحشيش والضمخ... وصعدنا فوق جبل عرباط وهو جبل صعب جدا ونتيجة وشاية من واحد اسمه ساسي وهو راعي عند بوحلاب، وصل العسكر الفرنسي وجاءت الطائرات وبحثوا عنا طويلا لكن لم يجدونا وقالوا حينها في الجرائد : «جماعة الطاهر لسود سحّارة.. انحاصروهم وما نشدوهمش..».
ويذكر «عم الطاهر» حرص المجموعة التي كانت معه والاحتياطات التي كانوا يتخذونها باستمرار : «علي ومفتاح والحسين ما يعطوني كأس الشاي الا بعد ما يتذوقونه.. خوفا من السموم..» ويذكر عم الطاهر انه ذات يوم جاءهم ساسي لسود وجماعته فافتكوا أسلحتهم وقيّدوهم ولم يرغبوا في قتلهم.
... المنعرج.. من قابس الى الشمال الغربي
وفي جبل قرب العقاربة حاصرتهم القوات الفرنسية من كل مكان «كنا .. قسّمنا أنفسنا الى مجموعات أنا وصولة وحسين ومحمود.. ثم الطاهر ومفتاح وعلي وبلقاسم.. فمحمود بن نافر وخليفة بن ثامر وعمار القطاري وسعيد بن ذياب (الذين هربوا) فبقينا فقط، وبدأت المواجهة.. متريوز وهاون من كل الانواع ونحن كان بالمكاحل وعندما كثر «الضرب» لمح العسكر الفرنسي بلقاسم البازمي يتحرّك فقذفوا عليه وعلى من معه (مفتاح والطاهر بوزعيمة) وعلي قنبلة (قرينات) فاحترقوا جميعا : «نعم نشبحوا فيهم يحترقوا» وتمكنا حينها من قتل كماندة فرنسي...» وأخبرني عسكري جزائري ان كل المجموعة قد ماتت واتجهنا صوب خنافس وبقينا أنا وصولة ومحمود وحسين فقط.. وتفارقنا مرة أخرى ذهب محمود وحسين ونزلا عند باك مسعود الذي تمت الوشاية به لاحقا وقتلوه : «قالوا له احفر قبرك بيدك وقتلوه..».
وكثر اللغط والهرج في جميع الربوع ولم يمر عيد الاضحى لذلك العام كما يجب نتيجة المواجهات التي حصلت واتصل صولة بالناس وأعلمهم بأن الطاهر لسود لم يمت، وبدأت رحلة أخرى للمناضل الكبير الطاهر لسود في اتجاه الشمال وكانت البداية بالهمامة.. يقول عم الطاهر : «خرج معنا محمد بن علي بن عامر وقلنا له نحن جماعة بني زيد لنا أكثر من سنة نقاوم وانتم لم تفعلوا شيئا بعد.. وعملنا في الهمامة اجتماعا كبيرا حضره مشايخ كبار ورافقنا الكثير من أبنائهم واتجهنا الى سيدي بوزيد. وفي الاثناء حاصرت القوات الاستعمارية أولا الهمامة في جبل قولاب فأعنّاهم وفتحنا عليهم الطريق.. والتحقنا بجلاص (أولاد حفوز) ثم الى جبل قطرانة قبل ان نلتحق بأولاد عيّار.. وجدناهم غير فاهمين.. ولا يفرّقون بين «القومية» و»الثوار» وخطبنا فيهم كثيرا وانطلقت الثورة بعد موافقة الشيخ أحمد بن الحسين، يقول عم الطاهر «ما وجدناهُ عند أولاد عيّار لم نجده حتى في جهتنا.. بالاضافة الى كرم أهالي أولا عيّار.
كانت الغابات الجبلية أكثر ملاءمة لعملنا في المقاومة ويؤكد عم الطاهر أن ما وجده كذلك عند الفراشيش في سبيطلة والقصرين كان يماثل ما وجده في مكثر والكاف وسليانة.. وكان السلاح موجودا في كل مكان «ارتحنا كثيرا في ماجر وأولاد عيّار.. و لقينا منهم كل خير وخرجت منهم رجّالة للثورة»، ويواصل «عم الطاهر» «بلاد الكاف وماجر وأولاد عيّار بلاد الثورة الحقيقية».
وعن سبب التحاقه بالشمال الغربي يقول «العم الطاهر» «هذه خطة شخصية أنا نخطط والجماعة تنفّذ.. لا بدّ من تغيير الأماكن خاصة وأن البلاد كلّها قد دخلت في الثورة ولم يعد لنا أية علاقة برجال السياسة وتقطّعت الصلة معهم لم تعد لنا ثقة إلا في أنفسنا تدعمت اللجان وكثر تجميع الأموال والسلاح وكانت كل الأخبار تصلنا لحظة بلحظة بفضل الصحف والمذياع..» ويواصل «لا وجود لأي مركز.. عندما تتكون جماعة تلتحق بالجبل وتبدأ المقاومة.. والأمور كانت أفضل في الشمال.. الشمال هي بلاد الثورة والثورة ترعرعت عند أولاد عيّار وماجر أهلها فهموا الثورة وكان الاتفاق معهم على ضرورة أن تترعرع الثورة بينهم وتكبر ولو لزم الأمر سنين طويلة.. ومع بدء الثورة الجزائرية في أول سنة 1954 تشجّع الناس أكثر وبدأت فرنسا في التراجع وفوجئنا ذات يوم بنداء تسليم السلاح وقالوا : ستتكوّن لجان من الديوان السياسي (المجلس المحلّي) سيتصلون بالثوار ويجمعون أسلحتهم ويستسلم الجميع لكي تعطينا فرنسا الاستقلال الذاتي».. ويستدرك «عم الطاهر» : «أي استقلال ذاتي لقد اختلفنا مع الثعالبي وغيره على هذا الموضوع وقلنا نريد الاستقلال التام.. فما الذي يحصل الآن..؟! إذا لم تفهم فرنسا نفسها وتنسحب نهائيا فنحن مستعدين للمواصلة»..
ويواصل «عم الطاهر» : «ما رغبت فيه فرنسا هو اعطاء استقلال ذاتي لكل من المغرب وتونس لكي تنفرد بالجزائر الواقعة تحت الاحتلال.. القوات الموجودة في تونس والمغرب كلها يتم توجيهها للجزائر.. وقتها هبّت عليّ حاجة كحلة وحزن.. ما هي هذه الأفكار.. وأصبحت أحدّث نفسي عن سرّ هذه الدعوة لتسليم الأسلحة..!
وتكونت لجان المجلس المحلي وبدأت تدور على الثوار.. وتجمع الأسلحة.. لم أفهم كيف كان ذلك يتم.. كيف رمي السلاح بعد كل هذا العناء والتعب.. هذه هي الخيانة الكبرى..»؟
 

بورڨيبة و تاريخه الاسود


بورڨيبة و تاريخه الاسود

    
                                 انقلاب 1962
من أجل البحث في المسكوت عنه



 


تقديم
لا شك بأن التاريخ المعاصر لتونس لم تتم بلورته إلى الآن و ذلك لاحتكار الحزب الحاكم حزب التحرير للرؤية الأحادية للأحداث أما أولائك  الفاعلون في تلك الأحداث و الأزمات و المواقف إن لم يكونوا من صنف الشهداء أو المنفيين طوعا أو كرها فهم فضلوا السكوت إلى حين و لكن مع وقع الزمن الهادمة ضرباته بدأ يتناقص عدد الأطراف الذين  يملكون الحقيقة أو على الأقل وجهة النظر المغايرة للرواة الرسمية و من أهم تلك الأحداث حادثة انقلاب 1962 أو ما يطلق عليه "انقلاب الشرطي" .
 
 
في الحادثة
جدت أحداث هذه الأزمة في مطلع ديسمبر كانون الأول1962 لتونس لأول محاولة انقلابية في تاريخ تونس قد ذهب ضحيتها و للأسف الشديد أبناؤها لا غير لأن الحادثة قد أحبطت قبل الشروع فيها و هم  نخبة من الكفاءات المدنية العلمية و العسكرية النخبوية كانت تونس التي انفكت لتوها من رقبة الاستعمار لفي أشد الحاجة إليهم جميعا لبناء المؤسسات الوطنية التي مازالت تعج بالكادر الاستعماري  و لكن لظروف عصيبة و وجهات نظر تبناها هؤلاء النخبة لم يجدوا طريقا سوى السعي لإزاحة بورقيبة بالقوة فكان أن أزاحهم بورقيبة ليبقى وحده في الساحة و قد قدم لتوه في 1961 صالح يوسف الى الرياح.
الأسباب و الدوافع
انه لمن العسير تحديد الهداف الحقيقية التي جمعت نخبا من تيارات فكرية تشتت على التوحد تحت راية السلاح لتغيير هرم السلطة بالقوة و لكن لابد من ذكر أهم الأسباب المعلنة و التي تستغاب من السياق السياسي السابق لتلك الحادثة كي نفي ضفة "التجريم" التي أطلقت بهؤلاء الرجال  الذين كانوا قبيل الانقلاب يوصفون أينما حلوا بالبطولة أو يقدمون علميا أو يجلون عسكريا.
أهم الأسباب
1.     
 اغتيال الشهيد صالح بن يوسف في 11 أوت 1961 بمدينة فرنكفورت بألمانيا  و الذي شكل صدمة كبيرة لأنصاره داخل و خارج تونس و أسس لعهد جديد من تصفية الحسابات السياسية بالسلاح في بلد لابؤ من أهله بالقوة تاريخا و هم أقرب للسلم و الوداعة .
 
2.     
تفرد بورقيبة بالسلطة و تنكره للزيتونيين الذين كان لهم السبق في تأسيس الحزب على يدي المرحوم الشيخ الثعالبي ثم افتك منهم بورقيبة بدهائه كما افتك منهم شرعية النضال السياسي و ذهبت تضحيات "صوت الطالب الزيتوني" أدراج الرياح ليعلو صوت الديوان السياسي .
 
 
3.     
إصرار بورقيبة على تجريد المقاومة المسلحة من أسلحتها دون طرح بدائل لتلك الجموع التي ضحت بأعز ما تملك حتى أن لزهر الشرايطي قاد مظاهرة في 28 نوفمبر 1955 شارك فيها 200 مقاوم تطالب بحقوق المقاومين بعد المظاهرة التي قادها السياسي الأسود في أكتوبر 1955 و فيها 1000 مقاوم.
4.     
رفض بورقيبة التعاطي مع واقع المقاومين بل و سعى إلى إقصائهم و استغلال أمية أغلب هؤلاء ليوظفهم كشواش مثلا في المحاكم بل و لا يفتأ إلا و يحرض عليهم الجماهير ليثبت تفرد دوره النضالي فقد قال في أحد خطبه "هم أناس بسطاء استقر في أذهانهم أنهم هم  الذين رفعوا السلاح و حاربوا في الجبال إلى أن خرجت فرنسا و هكذا أصبحوا يحسبون أنهم هم الذين أسسوا الدولة و من ثم يجب أن تكون تحت تصرفهم و أن يكونوا هم الوزراء و السياسيون و السفراء و القادة و أن تسند إليهم رخص النقل و تمنح لهم الضيعات و امتيازات التصدير و التوريد... هكذا كانوا يتصورون الاستقلال و بما أنهم قاموا في الجبال و شكلوا ما يدعى جيش التحرير و ظهر فيهم القائد الأزهر و القائد ساسي و من لف لفهما فأنهم يجسمون هذه الدولة و أننا استثمرنا جهودهم و تبوأنا الكراسي و تخلينا عنهم ...
 هذه هي نفسية "الفلاقة" و لا أقول نفسية المقاومين و من حسن الحظ أنها لا تشمل جميعهم".
5.     
تفاقم الخلاف الحاد بين بورقيبة و الجناح الآخر للحزب الذي كان يتزعمه الأمين العام للحزب السيد صالح بن يوسف و تحول  هذا الخلاف الى حملة اعتقالات واسعة طالت اليوسفيين و أزاحت صالح بن يوف نفسه لا من الساحة السياسية بل من الحياة .
6.     
سقوط المقاومة في فخ معركة "الجلاء" عن بنزرت ليذهب ضحية تلك الفبركة السينمائية ما بين 5000 الى 6000 شهيد ليعلن بورقيبة لعالمين أنه كذلك مجاهد سلاح لا كلمة فقط كما بدأ يهمس الكثيرون و ليسحب الشرعية من القيادة الجهادية التي كلفت من جديد دون وعي لأعداد لمتطوعين "لحرب الجلاء " عن بنزرت ثم أبدت عن ساحة الحدث كي لتكسب شرعية جديدة هي ليست فحاجة إليها لكن بورقيبة في حاجة لتلك الشرعية فقد كلف الأزهر الشرايطي من الطيب المهيري كما كلف غيره لإعداد المتطوعين "لحرب الجلاء" عن بنزرت و بعدها أتم ما طلب منه أبعد الشرايطي الى قابس ثم رمادة .
7.     
الاعتداء السافر على الجامع الزيتونة و غلقة بتعلة توحيد النظام التعليمي و لم تجرأ قبل بورقيبة فرنسا على غلق الجامع رغم بروز حركة طلابية قوية بداخله أطلق عليها "صوت الطالب الزيتوني" كانت تناوئ المشروع الفرنسي للحل الذي يمثله بورقيبة و من لف لفه كان من أبرز مؤسسيها الشيخ عبد العزيز العكرمي القائد الفعلي للانقلاب .
8.     
سن قانون حل الأحباس الشريان الأساس للتعليم الشرعي و ظمه الى ممتلكات الدولة و التفويت فيه بعد ذلك بالمحاباة و بالولاء السياسي وقع سن هذا القانون يوم31 مارس 1956 أي بعد أحد عشر يوما من إعلان الاستقلال .
9.     
سن بورقيبة مجموعة من القوانين الاستثنائية ما بين 1957 و 1959 قدرت ب375 قانونا من بينها القانون 59 الذي يسمح بانتزاع الممتلكات .
في المسكوت عنه
المسكوت عنه في هذه الحركة الانقلابية كثير و متجدد و كلما توصلنا الى معلومات جديدة تشعر أنك أمام حدث غامض لا تكاد تمسك فيه بخيط حتى ينفلت منك آخر و من أهم المسكوت عنه
*اللقاء السري الذي جمع الشيخ عبد العزيز العكرمي العقل المدبر الفعلي للانقلاب و الرئيس بورقيبة لمحاولة استمالته للسلطة فما حقيقة هذا اللقاء الذي لم تحتويه أية وثيقة و لم يذكره أي من الذين قدموا شهادتهم لكن الشيخ علي الإصبعي (أبو تمام ) أحد تلامذة  الشيخ عبد العزيز العكرمي و الذي اعتقل بضعة أشهر على خلفية تلك الأحداث (في قابس) يؤكد كذلك سعي الشيخ العكرمي لتشكيل قائمة انتخابية وطنية مقابلة لقائمة الحزب الحاكم أي نواة حزب.
*ما حقيقة أن قائد جيش التحرير الوطني لزهر الشرايطي لم يكن يعلم بتفاصيل الانقلاب و لا يعتبر من قادته و أن بورقيبة استغل فرصة تورط الغالبية العظمى من أبناء مدينة قفصه المناصبة العداء لبورقيبة في المحاولة الانقلابية لتصفية الحسابات القديمة معها بدليل أن لزهر الشرايطي لم يكن من المعسكر الرافض لبورقيبة و نبين  ذلك في حينه و قد كان كذلك مقربا من وزير الداخلية و الذي منحه قصر الباي بحمام الأنف و سيارة.
*من كان صاحب الفكرة المحورية في الانقلاب
التيار الزيتوني العروبي (الإسلامي) المشيخي الذي له ثارات عديدة مع بورقيبة أقلها انقلابه على الحزب القديم الذي أسس الزواتنة و غلق جامع الزيتونة كما ألمعنا و حل مؤسسة الأحباس ليتشتت جمع الزواتنة بين القضاء و التعليم و المؤسسات المدينة و البطالة بعدما كانوا يحضون بمؤسسة قوية علميا و شرعيا و مستقلة ماديا و من أهم ممثلي هذا التيار داخل المجموعة الانقلابية الشيخين البارزين الشيخ عبد العزيز العكرمي و الشيخ الرحموني أم الحركة اليوسفية التي كان لها امتداد قوي داخل نفس الحزب و تدين بالولاء لصالح بن يوسف ب747 شعبة و كان لهذه الحركة امتداد مغاربي قوي لإيمان زعيمها صالح بن يوسف بالبعدين المغاربي و العربي بل و الإسلامي و كان إبراهيم طوبال أحد أقطاب الانقلاب و أحد رموز الحركة اليوسفية يتحرك منذ عهد الاستعمار مغاربيا بتنسيق كبير مع الجارتين و قد ذكر منصف الشابي في كتابه صالح بن يوسف حياة كفاح "يقول الزعيم المناضل ابراهيم طوبال أن شحنة كبيرة من الأسلحة حلت بمطار طرابلس يوم 18 سبتمبر 1954 قادمة من القاهرة و موجهة الى الحركة الوطنية بتونس و قد رافق هذه الشحنة من  مصر الى ليبيا العقيد صادق الملحق العسكري بالسفارة المصرية بطرابلس و كان في انتظارها عند الوصول عدد من الفدائيين التونسيين تم إيفادهم للغرض كما حضر من الجانب التونسي الأخوين إبراهيم طوبال باعتباره لجنة تحرير المغرب العربي و علي الزليطني موفود من الحزب الدستوري الجديد .
ابراهيم طوبال هو نفسه الذي نراه في محاولة 1962 صحبة المسطاردي بن سعيد يكلف من المجموعة الانقلابية بدعم تمرد قفصه الذي  سيقوده الشيخ العكرمي بمدد من المقاتلين يأتي به من الجزائر ثم بعد صدمة المركز بتمرد مدينة الرفض قفصه يقع الانقضاض على المركز نفسه أي تونس العاصمة و قتل بورقيبة .
إن هذا التيار فقد لتوه زعيمه  صالح بن يوسف في فرنكفورت و فقد العديد من قواعده في لعبة تحرير بنزرت و البقية أما مشتتة داخل الوطن تختفي من لعنة عيون لجان يقظة بورقيبة أو تبحث لها بالأساس عن لجوء في الجزائر .
أم هؤلاء العسكريين الذين توزعت انتماءاتهم على مختلف الطيف القومي و قد كان لبعضهم محاولات في التغيير بالقوة حتى خارج الوطن , إذ أن " عمر البنبلي"  نفسه ساهم في أحد الانقلابات العسكرية التي اشتهرت بها سوريا .
أم ذلك الكم الهائل من المقاومين الذين توزعت ولاءاتهم بين لزهر الشرايطي و الساسي الأسود و لم يجدوا لهم لا في الولاء البورقيبي نصيبا و هو الذي لا يفتأ يسخر منهم و يطلق عليهم لقب "الفلاقة" و هي لفظة قريبة من قاطع الطريق و لا في اليوسفية المعارضة ملجئا و مؤوى فرفضوا تسليم أسلحتهم ثم تورط البعض منهم في لعبة تحرير بنزرت ثم التجئوا مكرهين  الى العودة الى السلاح من جديد
لقد كانت تلك الفئة المؤمنة و الأمية في آن واحد لعبة شبه طيعة يحاول أكثر من طرف اللعب بها و توظيفها حسب أهدافه و سياساته في غضون شهر جانفي 1955 حسب الإقامة العامة اتصل القيادي الدستوري ووزير الدولة و المفاوض في حكومة الطاهر بن مار المنجي سليم بالأزهر الشريطي محاولا إقناعه بضرورة  تجميع مقاتليه و الصعود للجبل ثانية فرفض هذا الأخير رفضا قاطعا .كما يفيد نفس المصدر بأن القائد الآخر الساسي الأسود قد اعتذر هو أيضا.
قراءة في الأشخاص نظرة في الحدث
لا يمكن التطرق الى الحدث أو الى الأزمة دون النظر في كنه الأشخاص وذلك لأن أفكارهم هي التي جمعت حولها الرجال و بنت التنظيم و أعدت الخطط و نظرت للمستقبل و عليه فاننا سنحاول رسم جدولين بهما أهم الأسباب المدينة و العسكرية و سنحاول تتبع الأحداث من خلال الرجال
المذنبون
الجهة
الحكم
الصفة
الاسم واللقب
أصيل ولاية قفصه
الإعدام
أستاذ عربية بجامع الزيتونة المعمور
الشيخ عبد العزيز العكرمي
أصيل ولاية القصرين
الإعدام
خريج جامع الزيتونة أستاذ بالشعبة العصرية بمعهد ابن شرف
الشيخ أحمد الرحموني
أصيل ولاية قفصه
الإعدام
القائد العام لجيش التحريرالوطني
الأزهرالشرايطي
_______________
الإعدام في حالة الفرار
ناشط يوسفي لاجئ بالجزائر
المسطاري بن بو بكر بن سعيد
أصيل ولاية قفصه
الأشغال الشاقة المؤبدة
مساعد ثاني لقائد جيش التحرير
الساسي بو يحي
أصيل ولاية بنزرت
الأشغال الشاقة المؤبدة
مقاوم قديم
محمد صالح البراطلي
_______________
_______________
يشتغل بالقضاء قبل أن يقال ليمتهن الفلاحة بجهة الكاف
أحمد التيجاني
أصيل ولاية قفصه
10سنوات سجنا
مدرس خريج جامع الزيتونة
عز الدين الشريف
أصيل ولاية بنزرت
الإعدام
______________
الهادي القفصي
______________
الإعدام
_______________
الحبيب الحنبني
أصيل ولاية قفصه
الأشغال الشاقة20 سنة
شيخ تراب من قادة المقاومة
العربي العكرمي
_____________
الأشغال الشاقة20 سنة
_______________
علي كشك
    
                 القيادة العسكرية
الحكم
الصفة
الإسم و اللقب
الإعدام
خريج مدرسة سانسير العسكرية الفرنسية
محمد الحبيب بركية
الإعدام ثم  خفف إلى الأشغال الشاقة
  خريج مدرسة سانسير العسكرية الفرنسية
محمد قيزة
الإعدام ثم  خفف إلى الأشغال الشاقة
خريج مدرسة سانسير العسكرية الفرنسية
المنصف الماطري
الإعدام
ضابط سابق بالجيش المصري و الجيش السوري
عمر البنبلي
الإعدام
ضابط بالجيش الفرنسي أو حرس الباي على وجه التدقيق
عبد الصادق بن سعيد
الإعدام
نقيب مكلف بحراسة القصر الرئاسي
كبير المحرزي
الإعدام
ملازم مشرف على حامية قفصة
صالح الحشاني
التنفيذ:
وقع تنفيذ حكم الإعدام بتاريخ 24 جانفي 1963 مع استثناء المنصف الماطري و محمد قيزة اللذين أبدل الحكم في شأنهما إلى الأشغال الشاقة المؤبدة.
التوابع و الزوابع:
خلفت هذه المحاولة الفاشلة أزمة حادة داخل الشارع التونسي كان على إثرها قد أمسك الرئيس بورقيبة بزمام الحزب و الحكم في البلاد و وسع دائرة '' أكباش الفداء '' لتطال حل الحزب الشيوعي التونسي و الذي لم تكن له أية صلة بالمحاولة الانقلابية لا من بعيد و لا من قريب و القضاء النهائي على اليوسفية و سير البلد نحو حكم الحزب الواحد و الزعيم الواحد و شن بورقيبة حملة شرسة على الإسلام الذي كان يعاديه تقية خوفا من سطوة '' الزواتنة '' ليجاهر بإفطاره علنا في اجتماع اتحاد المعلمين العرب بالبلمريوم بالعاصمة تونس و نزوله إلى الشارع لنزع '' السفساري '' و التشجيع على ارتداء التنورة ( القصيرة ) و تركيزه للمشروع التعليمي الفرنكفوني الذي أرسى دعائمه المستعمر '' دوبياس '' و إخراجه تونس من الحضيرة العربية و اعتبارها أمة قائمة الذات على شاكلة '' الأمة الفرنسية '' و حارب الشخصية التونسية في بعدها العربي الإسلامي.
الأزهر الشريطي: قراءة في الرجل:
لن نستطيع التأريخ لشخصية بهذا المستوى في ورقات و لكن الذي يهمنا هو تقديمه بشكل قريب من الواقع يسمح لنا بقراءة دوره في هذه الحادثة التاريخية.
تؤكد السيدة محجوبة ابنة الأزهر الشريطي أن والدها ولد في 19 مارس 1919 بأولاد الشريط أحد عروش الهمامة من أرياف قفصة و الذي يهمنا في تفاصيل الرجل أنه كان أميا و كان عاملا منجميا في منجم المظيلة و قد تطوع الشريطي للجهاد في فلسطين سنة 1947 و كانت عودته بعد سنتين أي في أواخر 1949.
التحق سنة 1952 بالمقاومة المسلحة ضد المحتل الفرنسي و يبدو أن المحرض الأساس  له للالتحاق بالمقاومة هو المناضل الكبير أحمد التليلي و يذكر كذلك أن بورقيبة التقاه عند زيارته لقفصه في أواخر 1951 و كان قد لمع في تلك الفترة ثلاثة أسماء قيادية مقاومة هم الطاهر الأسود و الساسي الأسود و الأزهر الشريطي و لما عقد مؤتمر سمامة في ربيع 1954 انتخب الشريطي قائدا عاما للمقاومة و الطاهر الأسود مساعدا أولا للقائد العام و الساسي الأسود مساعدا ثانيا و بعد تاريخ حافل بالبطولات سلم الأزهر الشريطي و من معه سلاحهم يوم 8 ديسمبر 1954 بسيدي عيش على يدي أحمد التليلي و حسونة بن الطاهر عضوي '' لجنة الاتصال '' بجهة قفصة أما الساسي الأسود فقد رفض تسليم سلاحه (7).
الشريطي في ثوبه الجديد:
بعد الاستقلال صار هذا البطل الذي أقض مضاجع الاستعماريين رجلا وديعا من علية القوم يسكن قصرا من قصور الباي و يتمتع بسيارة و زوجتين إحداهما فيفيان السويسرية على عكس العديد من القادة الذين لم يحظوا بشيء من بورقيبة لشدة تحفظه من '' الفلاقة '' خوفا من ماضيهم المسلح.
الأزهر الشريطي الذي صرح قبل تسليم سلاحه لمبعوث جريدة '' الصباح '' سأقوم بأية مهنة كانت و سأعمل في المنجم كما كنت (8) هو الذي انتقل بقدرة قادر إلى قصر الباي في نفس الوقت الذي كان يطارد فيه رفقاء السلاح فكيف لهذا الرجل الذي كان يحظى برضى الحكم أن يكون على رأس انقلاب مغامر يفقده مكانته.
لعبة الولاء:
قد يكون من المؤلم أن نؤكد كما سبق و أكد القلة من الباحثين بأن الأزهر الشريطي قد دخل في لعبة البيع و الشراء رضاء عيشة رغيدة كان يستحقها أصلا دون التنكر لرفاق السلاح.
(7) في سيرة المقاوم الأزهر الشريطي لعميرة علية الصغير – مجلة روافد – عدد 11/2006
(8) جريدة الصباح 3/12/1954
فالأزهر الشريطي بطل فلسطين و ابن منجم المظيلة و بطل معارك جبال قفصة و القائد العام لجيش التحرير هو الأزهر نفسه الذي دخل في لعبة النفوذ بين شقي الحزب شق بورقيبة و شق صالح بن يوسف طبعا في صف بورقيبة رغم أن الرجل لم يكن بورقيبيا و لم يمتع بالحظوة بعد ذلك إلا من طرف وزير الداخلية الطيب المهيري الذي أعطاه القصر و ربما وضعه تحت العين كما يقال لأن القائد الذي يبيعك نفسه اليوم ربما يعرض يعرض نفسه للبيع مرة أخرى لغيرك و هل يحق لنا أن نسأل بكل حياء هل كان البطل الأزهر الشريطي يعرض نفسه للبيع لمن يدفع أكثر؟
لكن بعض القادة الآخرين كذلك لم ينأوا بأنفسهم عن الخلاف الحزبي و لم يتعالوا بقدسية الثورة فوق الحسابات الحزبية الضيقة فقد شهدنا كذلك التحاق قادة آخرين بمعسكر صالح بن يوسف من أمثال الطاهر الأسود و عبد الله البوعمراني و عمار بنّي و عبد اللطيف زهير فهل أخطأ هؤلاء جميعا من انضم منهم إلى هذا المعسكر أو ذاك ؟ لأن معركتهم ضد فرنسا لم تكن حزبية أبدا بل كان الحزب يحاول الاستفادة من ولائهم للوطن و من نضالاتهم لتحسين موقفه التفاوضي و كسب التأييد الشعبي فللأمانة التاريخية لم يكن هؤلاء حزبيون بالأساس و قد أفقدهم الحزب ما كسبوه بشرعية المقاومة.
في أتون الخطأ:
اجتهد بورقيبة العازم على القضاء على خصومه برنة السلاح في تجنيد ما أمكن من قادة المقاومة و الذين يسهل تجنيدهم ذاتيا و موضوعيا.
-       ذاتيا :
هم في أغلبهم أميون فقراء و يطمحون في نيل نصيب من '' الكعكة '' التي بدأت تقسم خاصة في الساحل و في تونس على من يستحق و من لا يستحق.
-       موضوعيا:
مازال هؤلاء يتمتعون بحس وطني قد يقودهم إلى حمل السلاح حتى ضد رفيق مسلح إذا اعتقدوا بأنه قد يلحق الهزيمة بالوطن من جراء آرائه أو طموحاته السياسية.
و قد أنشأ آليتين لمقاومة هؤلاء " الخارجين عن القانون" و الذين كانوا لوقت قريب أبطال.
أما الآلية الأولى و كانت تحت الحزب و هي ميليشيا مدينة تعرف ب" لجان الرعاية" متألفة خاصة من قدماء الفلاقة بل و من المتعاونين مع الاستعمار( القوادة) و الساعين لركوب التيار و من أبرز قادتها الساسي لسود و المصباح الجربوع و الساسي بو يحي أما الآلية الثانية فتعرف ب(المخزن المتجول الإضافي) .وكان تحت إشراف وزارة الداخلية و قد التحق به قادة كبار من المقاومة أمثال المحجوب بن علي و الأزهر الشريطي في الرجل.
السؤال الملح الذي يطرح نفسه بقوة الآن هو كيف تورط الأزهر الشريطي في محاولة انقلابية يبدو للوهلة الأولى بأنه لا ناقة له فيها و لا جمل.
إن الرجل قد نال من الحظوة أكثر مما نال غيره من قادة المقاومة بل لعله لم يكن يطمح في تلك المكانة بما يعلم من أمته و فقره بل إن الرجل تورط في ولائه للصف اليورقيبي بأن رفع السلاح ضد رفاق السلاح فهل يعقل أن تجمعه محاولة انقلابية لا يخفى النفس اليوسفي عليها  و لم يكن الرجل يوسفيا بل لعله يعتبر عدوا لليوسفيين  و النفس الزيتوني و لم يكن الرجل زيتونيا و الطموح العسكري و كان الرجل مدنيا بامتياز بل و من الطبقة الكادحة و التحاقه بالمقاومة كغيره من أحرار قفصه لم تصبغ عليه صفة المتفرغ الدائم للقتال بل  شهدنا أنه كان من السباقين لتسليم سلاحه معربا عن استعداده للعودة إلى العمل في المنجم .هل سقط الأزهر فعلا في لعبة اليوسفيين الذين انتقموا منه بأن ورطوه في معركة لا تعنيه و قد صرح في المحاكمة بأنه غرر به.
أم أن الأزهر الشريطي دفع ثمن اغترابه من بورقيبة الذي  اكتوى بنيرانه العديد من الشخصيات لأقلها رفيق النضال الأمين العام للحرب المرحوم صالح يوسف فبورقيبة الذي دفع الشريطي الى مقاتلة اليوسفيين رفاق السلاح و لم يكن الأزهر يعاديهم .هل هو نفسه بورقيبة الذي صنع من الأزهر الشريطي بطل انقلاب 1962 دون علم منه أو أنه كان يعلم و اليوم يحق لنا أن نطرح ما كان يعلم و قد حدثني الشيخ الأصبعي (أبو تمام)  بأن الأزهر لم يكن يعلم شيئا أسفت ورطة بورقيبة بقدرة قادر ليتخلص منه ففي نفس ( المغامرة ) تشعر و تدرك و توقن بأن المستفيد الوحيد من لحادثة ككل بورقيبة.
ففي المحاكمة تخلص بورقيبة من باقي "الفلاقة" و من بقايا قادة التيار اليوسفي و من بقايا قيادات الزيتونة و من نخبة غير موالية من العسكريين .
فهل يمكن أن تشعر أن الأزهر بالأساس كان ضحية مؤامرة أطاحت برأسه ليفقد نصاعة البطل المقاوم و تورط في قتال رفاق السلاح و نصاعة التونسي الغيور و قد تورط في الانقلاب على الشرعية التي كان يملها الزعيم الأكبر الرئيس بورقيبة.
الثأر
لا أدري كيف أهمل العديد من الباحثين و المختصين في البحث ما يمكن أن تخلفه هذه الأزمة من أزمات أخر أو بوادر انتفاضات إذ لما سلمنا بأنها حركة واعية و مرشدة إلا أنها لم يكتب لها النجاح فلا بد أن يبقى بعض من لهيبها تحت الرماد حتى يتسنى له الثوران.
قفصه مدينة الثورات الفاشلة
عودتنا مدينة قفصه تلك المدينة التي مدت البلد الخارج لتوه من رقبة الاستعمار بالفسفاط العصب الرئيس للاقتصاد في تونس غير أن تلك الثروات يقع استثمارها بالساحل و الشمال و تونس العاصمة لتبقى المدينة رهينة الموت في أنفاق الفسفاط "الداموس" و رهينة الفقر و الخصاصة و ضعف البنية التحتية .
  
عودتنا قفصه على رفضها و قد جرحتها تجربة 1962 في الصميم اذ فتحت قفصه بيوت عزاء في شتى أرجاء الولاية و هي تودع نخبها على المشانق .
يروي كبار السن و الذين عايشوا تلك المحنة و منهم أمي أن النساء خرجن في مواكب "نواح و نديب" على أثر صدمتهن بفقدانهن خيرة نخبة الولاية و على الخصوص الشيخ عبد العزيز العكرمي الذي كان يتمتع بشخصية كاريزمية فهو الذي يلجأ إليه في حالة الخلافات بين مختلف "العروش" و مازال كبار السن يذكرون أنه صفع "القايد" لسوء تصرفه في قسمة ماء عين (ترتش) من وادي بياش بقفصه مما كاد يتسبب في قتال بين (القفاصة) و (القصارة) .
إني في أد الغرابة كيف لم يربط الباحثون بين ما يسمى (عملية قفصه المسلحة لسنة 1980 ) و (انقلاب 1962 ) إن اطلاعك على قائمة قادة عملية قفصه 1980 نتفاجأ بأن القائد السياسي (للكومندوس) كما كان يسمى هو نفسه ذاك الشاب الذي حوكم ب10 سنوات أشغال شاقة و أتمها يوما بيوم مقيدا بسلسلة طولها 80صم مشدودة الى الحائط دون أن يسمح له و لزملائه بالانتقال حتى أتموا العقوبة انه أحد انقلابيي 1962 انه خريج جامع الزيتونة رجل التعليم المرحوم عز الدين الشريف و لم يكن وحده منة مجموعة 1962 و صهر الشيخ عبد العزيز العكرمي الرجل الأول و المخطط الفعلي لانقلاب 1962 .
إن قادة 1980 اجتمعوا مع الشيخ  العربي العكرمي في بيته في حي المحطة بقصر قفصه ليلة المحاولة الفاشلة ربما لنيل الشرعية أو لتأكيد الولاء لمشروع 1962 ربما ...ربما.
أسئلة الحرجة
بعدما قدمنا من تسلل دقيق للأحداث يحق لنا أن نطرح الأسئلة التالية
-ماهي الدوافع السياسية لحركة انقلاب 1962 .
-هل كانت تونس 1962 مؤهلة لحركة تغييرية للفصل بين التيار البورقيبي و التيار اليوسفي و بين التيار البورقيبي و التيار الزيتوني .
-هل كان بورقيبة في حاجة لذريعة لتصفية الأزهر الشريطي قائد جيش التحرير و حل للأحزاب و انتخابه رئيسا مدى الحياة و تنفيذ المشروع الفرنكفوني في تونس.
-هل حقا استطاعت حركة 1962 أن تجمع ما تشتت من عناصرها و تعيد بناء تنظيمها لتبرز في صورة جديدة و لكن كانت في 1980 أقرب إلى النجاح لولا تدخل قوات ال(j.j.n (الفرنسية و طائرات الميراج.
هل حقا أراد الوزير الأول الراحل الهادي نويرة قصف مدينة قفصه بالكامل أو لولا تمرد الجنرال (القفصي) الطاهر بن يحي و الذي هدد بدوره بقصف مدن أخرى بسلاح المدية إذا قصفت قفصه.
-       لماذا تعود قفصه من جديد لواجهة الأحداث الثورية و هل يمكن أن نطلق عليها مدينة الثورات الفاشلة فمنها سطا "أولاد عبد الكريم" على جباية الباي و قسموها بينهم و فيها انطلقت الشرارة الأولى للكفاح المسلح و فيها خطط و دبر لانقلاب 1962 و هاهي تعيد الكرة أو يعيد أحد أبناءها الكرة ليسيطر على كامل المدينة و يهزم الجيش التونسي بنفر قليل من النخبة الثورية التي تدربت في ليبيا و قاتلت في تشاد و جنوب لبنان و صحبة البوليساريو.
-       الثوب الجديد
كنا قد أمعنا إلى أن السيد عز الدين الشريف قد هاجر إلى ليبيا اثر إتمامه فترة محكوميته و التي كانت ملجأ للثورات من شتى الاتجاهات .
برز نجم الشريف في ليبيا حتى كلف بعمليات في تشاد و جنوب لبنان و شارك في القتال صحبة البوليساريو حيث سمحت له تلك التجربة في ربط علاقة متينة مع المخابرات الجزائرية التي كانت لها يد في محاولة انقلاب 1962.
 تشكلت المجموعة التي تظم حوالي 60 فردا في ليبيا و استطاعت أن تظم إلى صفوف نخبة مقاتلة أثبتت مهارات قتالية جد عالية إبان احتلالها لمدينة قفصه أمثال القائد العسكري أحمد المزغني و هو من مواليد جرجيس بالجنوب التونسي سنة 1941 تلقى تعليما ابتدائيا فقط ثم هاجر الى الجزائر سنة 1962 ثم الى ليبيا سنة 1971 قصد العمل و هناك وقع استقطابه سياسيا لينتمي الى الجبهة القومية  لقوى التقدمية التونسية و قد كلف في أول اختبار له بتفجير مقر الحزب الحاكم في تونس و المركز الثقافي الأمريكي و ذلك في شهر جوان من سنة 1972 و قد ألقي عليه القبض قبل تنفيذ العملية و حكم عليه بخمس سنوات سجنا ثم عاد الى ليبيا ليلتحق بالجبهة من جديد ليسافر بعدها في مهمة الى لبنان و البوليساريو ثم ليظهر كقائد عسكري لعملية قفصه 1980 .
قفصه من جديد
يحق لنا أن نسأل الآن لماذا اختار بقية قادة 1962 قفصه كمنطلق لعملياتهم العسكرية التغييرية للمرة الثانية فقد حذفها اختصار تفاصيل خطة 1962 لنذكر الآن بأنها كانت ستنطلق بتمرد مدينة فقصه الذي كان سيقوده الشيخ عبد العزيز العكرمي لعدة أيام ثم يأتيهم الدعم من الجزائر ليقع إرباك المركز (تونس العاصمة) لينقص بقية المدنيين و العسكريين الذين جاؤوا من أقصى الجنوب على قصر قرطاج .
في 1980 يتغير التكتيك كثيرا إذ أن التمرد كان سيبدأ بثورة مسلحة من بعض أبناء الجبهة نفسها و غيرهم و من لهم سبق في النضال ضد فرنسا أمثال الشيخ العربي العكرمي صاحب الشرعية النضالية الكبيرة و عز الدين الشريف أحد بقايا انقلاب 1962 و دعوة السكان لحمل السلاح من خلال مكبرات صوت المآذن ثم يأتي الدعم من ليبيا عبر الجزائر لينتفض "الفلاقة" الغاضبين تاريخيا على بورقيبة و يحملوا السلاح و بعد ذلك يتم الزحف نحو العاصمة و لكن هذا المخطط قد سقط في الماء الاعتبارات التالية و التي لم تشر لها أية دراسة أخرى .
الفشل               
لا يمكن لأي ثائر تربى في المهجر لسنوات على حلم الثورة و هو مفارق لأرض الواقع و الحراك السياسي و النقابي و الثقافي أن يراهن لا على النخبوي الذي من الصعب إقناعه في ظل هجمة بوليسية شرسة متحكمة حتى في عقول الناس و أحلامهم ببرنامج سياسي قد يراهن إلا على الخبزة و قد صنعت منه فلسفة بورقيبة حول قدسية لقمة العيش و التي كان يطلق عليها "الخبزيسة" مواطنا كسولا و ليس بطموح يحاول أن يراهن على الموجود و الذي يمنحه نصف رغيف خوفا من المراهنة على قادم جديد يعده برغيف كامل فلا هو قد تحصل على الرغيف الكامل و لا حافظ على الربع الذي لا يكفيه و قد رأيناه (القفصي ) على وجه الخصوص و الذي كان يمر قرب (البازوكا) و (الكلاشينكوف) المرمية في شوارع قفصه و لا يلقي لها بالا يشعل قفصه و الأخضر و اليابس و يقدم الشهداء لما تجرأ بورقيبة و رفع ثمن الخبزة الى 270 مليما و كان أن رضخ بورقيبة لثورة التونسي المستضعف و الذي لم تقدمه الأحزاب و لا المنضمات و لا النقابات و كان التونسي المستضعف هو الصانع لثورة الخبزة و المنتصر و قد تغيبت كل القيادات و كل التيارات بدون استثناء.
ليست المرة الأولى التي يراهن الخط الرافض لبورقيبة فيها على قفصه و ليست المرة الأخيرة و ليست المرة الأولى التي تخذل فيها قفصة من راهن عليها و ليست المرة الأخيرة و لكن هل يحق لنا أن نسأل لماذا يحمل كل هؤلاء قفصة أكثر مما تحتمل لماذا صنع هؤلاء من قفصة مهدا للثورات الفاشلة
 
 
                                              أبو الشهيد التونسي
                                                  قفصه مهد الثورات الفاشلة
                                                        
2008

 
 
 مكان الصورة  نهج زرقون عبدالله قش بعاصمة ساحل تونس
 
 
 
في تونس :
نادى " بورقيبة " بتخليص المرأة من قيود الدين و جعلها رسولاً لمبادئه العلمانية
وهذه صورة له وهو ينزع الحجاب من علي امرأة
 
 
 

صورة للظلم والإهانه الذي تتعرض له المرأه الفلسطينيه على ايدي الصهيونية