لعل من أكثر الأحاديث مخالفة لكتاب الله سبحانه وتعالى، وتلقتها الأمة بالقبول ، الأحاديث التي تَنْسِبُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم إخباره أصحابه بالغيب، بما كان وبما هو كائن إلى أن تقوم الساعة، عن بدء الخلق حتى دخل أهل الجنة منازلهم وأهل النار منازلهم .
1. "عن عمرو بن أخطب قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الفجر وصعد المنبر، فخطبنا حتى حضرت الظهر، فنزل فصلى ثم صعد المنبر فخطبنا حتى حضرت العصر، ثم نزل فصلى ثم صعد المنبر فخطبنا حتى غربت الشمس، فأخبرنا بما كان وبما هو كائن، فأعلمنا أحفظنا" ( مسلم: الفتن وأشراط الساعة ؛إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بما يكون إلى قيام الساعة )
2. "عن حذيفة قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقاما ما ترك شيئا يكون في مقامه ذلك إلى قيام الساعة إلا حدث به، حفظه من حفظه، ونسيه من نسيه، قد علمه أصحابي هؤلاء، وانه ليكون منه الشيء قد نسيته فأراه فأذكره كما يذكر الرجل وجه الرجل إذا غاب عنه ثم إذا رآه عرفه" (متفق عليه. البخاري : القدر ؛ وكان أمر الله قدرا مقدورا/ مسلم :الفتن وأشراط الساعة ؛ إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بما يكون إلى قيام الساعة )
3. "عن حذيفة أنه قال: أخبرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بما هو كائن إلى أن تقوم الساعة، فما منه شيء إلا قد سألته، إلا أني لم أسأله ما يخرج أهل المدينة من المدينة" ( مسلم: الفتن وأشراط الساعة ؛ إخبار النبي بما يكون إلى قيام الساعة)
4. "عن حذيفة بن اليمان: والله إني لأعلم الناس بكل فتنة هي كائنة فيما بيني وبين الساعة، وما بي إلا أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أسر إلي في ذلك شيئا لم يحدثه غيري، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو يحدث مجلسا أنا فيه عن الفتن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يعد الفتن: منهن ثلاث لا يكدن يذرن شيئا، ومنهن فتن كرياح الصيف، ومنها صغار، ومنها كبار، قال حذيفة: فذهب أولئك الرهط كلهم غيري" (مسلم :الفتن وأشراط الساعة ؛ إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بما يكون إلى قيام الساعة)
5. "عن طارق بن شهاب قال: سمعت عمر رضى الله تعالى عنه يقول: قام فينا النبي صلى الله عليه وسلم مقاما فأخبرنا عن بدء الخلق حتى دخل أهل الجنة منازلهم وأهل النار منازلهم، حفظ ذلك من حفظه ونسيه من نسيه" (البخاري : القدر ؛ وكان أمر الله قدرا مقدورا)
يبين الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم أن من في السموات والأرض لا يعلمون الغيب إلا الله: "قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ ٱلْغَيْبَ إِلَّا ٱللَّهُ ۚ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ" (النمل : 65)
ويطلب سبحانه وتعالى من نبيه صلى الله عليه وسلم، أن ينفي عن نفسه صلى الله عليه وسلم علم الغيب :
"قُل لَّآ أَقُولُ لَكُمْ عِندِى خَزَآئِنُ ٱللَّهِ وَلَآ أَعْلَمُ ٱلْغَيْبَ وَلَآ أَقُولُ لَكُمْ إِنِّى مَلَكٌ ۖ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰٓ إِلَىَّ ۚ قُلْ هَلْ يَسْتَوِى ٱلْأَعْمَىٰ وَٱلْبَصِيرُ ۚ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ" (الأنعام : 50)
"قُل لَّآ أَمْلِكُ لِنَفْسِى نَفْعًۭا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَآءَ ٱللَّهُ ۚ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ ٱلْغَيْبَ لَٱسْتَكْثَرْتُ مِنَ ٱلْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِىَ ٱلسُّوٓءُ ۚ إِنْ أَنَا۠ إِلَّا نَذِيرٌۭ وَبَشِيرٌۭ لِّقَوْمٍۢ يُؤْمِنُونَ" (الأعراف : 188)
رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يعلم أسماء جميع الرسل" ولقد أرسلنا رسلا من قبلك منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك"(غافر : 78 )
رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يعلم أسماء المنافقين من الأعراب ومن أهل المدينة :"وَمِمَّنۡ حَوۡلَكُم مِّنَ الأَعۡرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنۡ أَهۡلِ الۡمَدِينَةِ مَرَدُوا۟ عَلَىٰ النِّفَاقِ لاَ تَعۡلَمُهُمۡ نَحۡنُ نَعۡلَمُهُمۡ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيۡنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ" (التوبة : 101)
ويخفى سبحانه وتعالى عن نبيه صلى الله عليه وسلم ، إن كان ما وعد الله سبحانه وتعالى الكفارَ سيتحقق في حال حياته أو بعد مماته صلى الله عليه وسلم.
يقول الله سبحانه وتعالى:"فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون، أو نرينك الذي وعدناهم فإنا عليهم مقتدرون" (الزخرف: 41 ،42)
ويقول سبحانه وتعالى : "وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ ٱلَّذِى نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ ٱللَّهُ شَهِيدٌ عَلَىٰ مَا يَفْعَلُونَ " ( يونس :46 )
ويقول سبحانه وتعالى : وَإِن مَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ ٱلَّذِى نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ ٱلْبَلَٰغُ وَعَلَيْنَا ٱلْحِسَابُ" ( الرعد : 40)
وإذا كان الله سبحانه وتعالى قد أخفى عن نبيه صلى الله عليه وسلم هذا الأمر كذلك ، فكيف يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحابة بما كان وبما هو كائن إلى
أن تقوم الساعة، عن بدء الخلق حتى دخل أهل الجنة منازلهم وأهل النار منازلهم
وهذه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها تنفي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم علم الغيب، أو إخبار الصحابة بما يكون في غد: "ومن زعم أنه يخبر بما يكون في غد فقد أعظم على الله الفرية والله يقول : قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله" (مسلم : الإيمان ؛ معنى قول الله ولقد رآه نزلة أخرى...)
وينفي سبحانه وتعالى إطلاع المؤمنين على الغيب :"وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى ٱلْغَيْبِ" ( آل عمران: 179)
فهل ينفي الله سبحانه وتعالى إطلاعَ المؤمنين على الغيب، ويطلعهم عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم !؟
وتأتي الأحاديث في الصحيحين، تنسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أخبر أصحابه بما كان وبما هو كائن إلى أن تقوم الساعة، عن بدء الخلق حتى دخل أهل الجنة منازلهم وأهل النار منازلهم، أي علم الغيب الماضي والحاضر و المستقبل . وماذا يبقي من علم الغيب بعد هذا!؟
هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم - وهو لا يعلم الغيب - يخبر أصحابه بعلم الغيب، حتى غدا الصحابة يعلمون الغيب، غيب ما كان ، وغيب ما هو كائن إلى أن تقوم الساعة !؟
لو كان رسول الله صلى الله عليه يعلم الغيب ؛ لما مسه السوء ، ولما هزم المسلمون في غزوة أحد ، ولا كسرت رباعيته وشج رأسه يومئذ ، ولا أكل من السم الذي زعموا أنه مات صلى الله عليه وسلم من أثر ذلك السم، كما جاء في صحيح البخاري في حديث: " يا عائشة، ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر، فهذا أوان وجدت انقطاع أبهري من ذلك السم" (البخاري: المغازي ؛ مرض النبي صلى الله عله وسلم ووفاته) و لو كان رسول الله صلى الله عليه يعلم الغيب ؛ لما سحره لبيد بن الأعصم على ما يزعمون.
" قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون" (الأعراف : 188)
ولو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم الغيب لعلم المنافقين من الأعراب ومن أهل المدينة :" وَمِمَّنۡ حَوۡلَكُم مِّنَ الأَعۡرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنۡ أَهۡلِ الۡمَدِينَةِ مَرَدُوا۟ عَلَىٰ النِّفَاقِ لاَ تَعۡلَمُهُمۡ نَحۡنُ نَعۡلَمُهُمۡ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيۡنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ" ( التوبة: 101)
وإذا كان صلى الله عليه وسلم يخبر أصحابه بالغيب، فلابد أن يكون ذلك وحي من الله سبحانه وتعالى ، وقد نفى علي رضي الله عنه أن يكون عند الصحابة شيء من الوحي إلا ما في كتاب الله أو فهما يعطيه الله رجلا في القرآن وما في هذه الصحيفة .
"عن أبي جحيفة رضى الله تعالى عنه قال: قلت لعلي رضى الله تعالى عنه: هل عندكم شيء من الوحي إلا ما في كتاب الله، قال: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما أعلمه إلا فهما يعطيه الله رجلا في القرآن وما في هذه الصحيفة، قلت: وما في الصحيفة قال العقل وفكاك الأسير وأن لا يقتل مسلم بكافر" (البخاري : الديات ؛ العاقلة)
ويحاول علماء الحديث أن يتأولوا قول الله سبحانه وتعالى: "عَالِمُ الغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً * إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً" (الجن : 26، 27) ليدافعوا عن صحة الأحاديث التي تَنْسِبُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إخباره الصحابة رضي الله عنهم بما كان وبما هو كائن إلى قيام الساعة.
نعم ؛ لقد أظهر الله سبحانه وتعالى رسوله صلى الله عليه وسلم في كتابه الكريم، على كثير من أمور الغيب التي حدثت في الزمن الماضي، لم يكن يعلمها صلى الله عليه وسلم هو ولا قومه، كخلق السماوات والأرض في ستة أيام، وقوله سبحانه وتعالى للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة، وخلقه آدم عليه السلام من طين، وأمره للملائكة بالسجود لآدم عليه السلام وعصيان إبليس لعنه الله، وما كان من أمر الشجرة، ووسوسة الشيطان لآدم وزوجه للأكل من الشجرة وخروجهما من الجنة، وما كان من إرساله سبحانه وتعالى الرسل إلى الجن والإنس، وما كان من أمر الرسل صلوات الله عليهم مع أقوامهم، كل هذه الأمور من أنباء غيب الماضي التي أخبر الله سبحانه وتعالى نبيه صلى الله عليه وسلم عنها في كتابه الكريم.
يقول الله سبحانه وتعالى في سورة هود، بعد ذِكْرهِ سبحانه وتعالى، ما كان من أمر نوح عليه السلام مع قومه وابنه، وما كان من أمر الطوفان : " تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إن العاقبة للمتقين" (هود : 49)
ويقول سبحانه وتعالى في سورة آل عمران بعد ذكره قصة مريم عليها السلام: " ذلك مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ" (آل عمران : 44)
ويقول سبحانه وتعالى في سورة يوسف عليه السلام، بعد أن قص على نبيه صلى الله عليه وسلم، ما كان من أمر يوسف عليه السلام وأبيه وإخوته: "ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ" (يوسف : 102)
وإن كان الله سبحانه وتعالى أطْلع نبيه صلى الله عليه وسلم على شيء من علم الغيب الماضي، فإنه لم يظهره على علم الغيب الماضي بشكل مطلق، فلقد قصَّ سبحانه وتعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم أنباء بعض الرسل ولم يقصص عليه أنباء جميع الرسل:" وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا رُسُلًا مِّن قَبۡلِكَ مِنۡهُم مَّن قَصَصۡنَا عَلَيۡكَ وَمِنۡهُم مَّن لَّمۡ نَقۡصُصۡ عَلَيۡكَ " ( غافر : 78 )
إذن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يعلم الغيب الماضي بشكل مطلق.
كما أخبر الله سبحانه وتعالى نبيه صلى الله عليه وسلم ، في كتابه الكريم كثيرا من أمور الغيب المستقبل والتي تحقق بعضها في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام، ونوقن أن القسم الآخر من هذه الآيات سيتحقق في أَجَلِهِ الذي أَجَّلَهُ الله سبحانه وتعالى، " ومن أصدق من الله حديثا" (النساء : 87)
ومن الآيات الكريمة التي أظهر الله سبحانه وتعالى فيها نبيه على غيب مستقبل :
1. "غلبت الروم في أدنى الأرض ، و هم من بعد غلبهم سيغلبون فى بضع سنين" (الروم : 2 ، 3 ، 4 )
2. "وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ" (النور : 55)
و فوق ذلك كله ، ما أظهر الله سبحانه وتعالى نبيه صلى الله عليه وسلم في كتابه الكريم عما يكون من أهوال يوم القيامة ، وفتح يأجوج ومأجوج ، والدابة التي تكلم الناس أن الناس كانوا بآيات الله لا يوقنون، والنفخ في الصور ، والصراط، وما أعده الله سبحانه وتعالى للمؤمنين من أجر عظيم، وما أعده الله سبحانه وتعالى للمكذبين من أصناف العذاب الأليم، والآيات في ذلك كثيرة ."عَالِمُ الغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً * إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً" ( الجن : 26 ،27 )
ومع ذلك لا ننفي أن يكون الله سبحانه وتعالى قد أظهر نبيه صلى الله عليه وسلم على أمور غيبية تتعلق بوقائع محددة، وحيا دون أن ينزلها سبحانه وتعالى في الكتاب، لحكمة يعلمها سبحانه وتعالى.
ولكن ما ننفيه وبشدة، أن يكون الله سبحانه وتعالى أظهر نبيه على علم الغيب المطلق، علم كل ما كان وما هو كائن . عن بدء الخلق حتى دخل أهل الجنة منازلهم وأهل النار منازلهم .
ومن أمثلة أنباء الغيب الذي أظهر الله سبحانه وتعالى به نبيه صلى الله عليه وسلم وحيا قبل أن ينزله على رسوله صلى الله عليه وسلم في القرآن الكريم :
1. وعده سبحانه وتعالى لرسوله وللمؤمنين بإحدى الطائفتين "في واقعة بدر" أنها ستكون للمؤمنين:
"وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ." (الأنفال :7)
2. إخباره سبحانه وتعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم بما سيكون من أمر زيد رضي الله عنه ، وزينب أم المؤمنين رضي الله عنها، وأن الله سبحانه وتعالى سيزوج نبيه صلى الله عليه وسلم أم المؤمنين زينب بعد طلاقها من زيد رضي الله عنه:
"وإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولً" (الأحزاب :37)
3. رؤيا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه سيدخل المسجد الحرام:
"لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا" (الفتح : 27)
4. إخباره سبحانه وتعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بأمر أم المؤمنين التي أسر لها حديثا ونبأت به :
" وَإِذْ أَسَرَّ ٱلنَّبِىُّ إِلَىٰ بَعْضِ أَزْوَٰجِهِۦ حَدِيثًۭا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِۦ وَأَظْهَرَهُ ٱللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُۥ وَأَعْرَضَ عَنۢ بَعْضٍۢ ۖ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِۦ قَالَتْ مَنْ أَنۢبَأَكَ هَٰذَا ۖ قَالَ نَبَّأَنِىَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْخَبِيرُ" (التحريم : 3)
والمُلاحَظُ أن الأمور الغيبية التي أظهر الله سبحانه وتعالى نبيه صلى الله عليه وسلم عليها وحيا، قبل أن يُبَيَّنَها في كتابه العزيز ؛ إنما كانت تتعلق بوقائع محددة من حياة النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام، ولم تكن تتعلق بالغيب المطلق.
وإخبار الله سبحانه وتعالى البشر بأمور غيبية وحيا بدون كتاب؛ كان أيضا في السابقين من الأنبياء والصالحين، فهي سنة الله في عباده الصالحين، يظهرهم على أمور غيبية تتعلق بوقائع معينة ليرشدهم ويهديهم، ويثبت قلوبهم ، ومن أمثلة ذلك :
1. إخبار الله سبحانه وتعالى يوسف عليه السلام بأنه سينبئ إخوته بأمرهم هذا وهم لا يشعرون:
"فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (يوسف : 15)
2. إخباره سبحانه وتعالى لأم موسى عليه السلام أنه سبحانه وتعالى سيرد إليها ابنها ويجعله من المرسلين:
"وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ" (القصص : 7)
الله سبحانه وتعالى أوحى إلى أنبياءه المرسلين عليهم السلام، وإلى الصالحين من عباده المؤمنين- كأم موسى عليه السلام- أمورا غيبية تتعلق بوقائع معينة ، ولم يكن يظهرهم على مطلق علم الغيب .
وسنناقش قي كتابنا هذا،إن شاء الله سبحانه وتعالى، من أحاديث الغيب التي يزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر بها ، أخاديث علم الساعة ، وعلامات الساعة الكبرى ، وأحاديث قرن الشيطان ، والأحاديث التي تبشر أناسا بالجنة وتخبر عن آخرين أنهم من أهل النار.، وحديث رؤية المنافق ربه ، وحدبث الشفاعة وخروج من قال لا إله إلا الله من النار.
لتنزيل الكتاب الألكتروني
دفاعا عن السنة المطهرة ، دعوة للتصحيح ، ليس كل ما في الصحيحين صحيح
اضعط الرابط
وعندما تفتح الصفحة، اضغط
ملــــف - تنزيــــــــل