الوثيقة القادرية

الوثيقة القادرية
الوثيقة القادرية انحراف عميق في تاريخ الامة

mardi 13 août 2013

اللعب على المكشوف في تونس

اللعب على المكشوف في تونس


صحيفة الشرق القطريه الاثنين  1 ربيع آخر 1434 -  11 فبراير 2013
اللعب على المكشوف في تونس – فهمي هويدي
اللعب في تونس أصبح على المكشوف.
طرف مجهول يقتل زعيما يساريا معارضا للإسلاميين ولحركة النهضة صاحبة الأغلبية في المجلس التأسيسي،
على الفور تسارع الأبواق الإعلامية والقوى المعارضة إلى اتهام الإسلاميين بقتل الرجل.
ويعبأ الشارع وتخرج المظاهرات منددة بحركة النهضة،
ويلجأ البعض إلى إحراق بعض مقارها.
ووسط الهيجان والتعبئة والتحريض يخرج وزير الداخلية الفرنسي مانويل فالز بتصريح ينتقد فيه ما أسماه «فاشية إسلامية تبرز في كل مكان تقريبا»،
ثم يضيف أنه «لا يزال يعول على الاستحقاق الانتخابي حتى تفوز به القوى الديمقراطية والعلمانية التي تحمل قيم ثورة الياسمين».
وبعد أن يطلق الرجل تصريحه من باريس يستدعى رئيس الحكومة التونسية وكذلك وزير الخارجية السفير الفرنسي وإبلاغه باحتجاج تونس على تدخل الوزير الفرنسي في الشأن الداخلي التونسي.
هذه الخلفية تستدعي عدة ملاحظات هي:
< أن القوى المعارضة سارعت إلى اتهام حركة النهضة بعد ساعات قليلة من الحادث، وقبل أن تسفر التحريات والتحقيقات عن أية نتائج. كأن الاتهام كان جاهزا والقتل كان مطلوبا.
< أن وزير الداخلية الفرنسي أقحم نفسه في الموضوع ونسب بدوره الجريمة إلى ما أسماه بالفاشية الإسلامية،
ثم قال صراحة إن بلاده تعول على القوى الديمقراطية والعلمانية، التي ينتظر فوزها في الانتخابات.
علما بأن الخارجية الفرنسية أعلنت عن دعمها للرئيس السابق بن علي في بداية الثورة، ولم تكن تعنيها القوى الديمقراطية في ذلك الوقت.
< أن بعض الأصوات الديمقراطية والعلمانية التونسية طالبت فرنسا بالتدخل في تونس لإنقاذها من «الفاشية» المزعومة أسوة بتدخلها العسكري في مالي!
< أن الإعلام المصري سار وراء خطاب المعارضة التونسية، فقامت أبواق المعارضة عندنا بما يلزم لاتهام حركة النهضة بالمسؤولية عن القتل.
ووجدنا أن كاتبا كبيرا تبنى ذلك الموقف ونقل في عموده اليومي بالأهرام أمس نص عبارة زوجة الفقيد التي قالت فيها: حركة النهضة وبالذات زعيمها راشد الغنوشي بشخصه هم الذين اغتالوا زوجي.
 أما صحيفة «المصري اليوم» فقد ذكرت في عنوان أبرزته على خمسة أعمدة بصفحتها الأولى أن وزير الداخلية الفرنسي انتقد الفاشية الإسلامية في مصر وتونس، علما بأن الرجل لم يذكر البلدين ولم يشر إلى مصر.
 صحيح أن تونس احتجت لأن حادث القتل وقع فيها، فضلا عن أن الوزير أشار إليها ضمنا حين تحدث عن ثورة الياسمين، لكن إقحام مصر لم يكن له ما يبرره خصوصا أن فرنسا تخوض معركة أخرى ضد المتطرفين المسلمين في مالي.
بالتالي فإن الزج باسم مصر كان يراد به استدعاء إسقاطات غير بريئة ومحاولة استثمار الحدث للتخويف والترويع من النظام القائم فيها.
< في حين أن الموقف الفرنسي استبق وعمم الاتهام على الإسلاميين وحاكمهم بتهمة الفاشية، فإن صحيفة «الجارديان» البريطانية كانت أكثر إنصافا ورصانة، حين استبعدت أي مسؤولية لحركة النهضة في الجريمة، وميزت بينها وبين غيرها من التيارات الإسلامية في تونس، وهذه النقطة الأخيرة يكتنفها بعض الالتباس، وتحتاج إلى بعض الإيضاح.
ذلك أنه يؤخذ على الحكومة التونسية أنها فتحت الأبواب واسعة للمشاركة في العمل العام واكتساب الشرعية لمختلف التيارات السياسية.
وقد استفاد السلفيون من ذلك لأنهم ظلوا محجوبين ــ هم وحركة النهضة ــ طيلة سنوات حكم بن علي. في حين كان للشيوعيين نشاطهم الشرعي،
السلفيون انقسموا إلى فريقين فريق تبنى فكرة الدعوة وآخر انحاز إلى العنف.
والأولون أتيح لهم أن يتحركوا في العديد من الساحات،
أما الآخرون فقد رفضت الحكومة ممارساتهم ولا تزال تلاحق من ارتكب منهم أية أفعال مخالفة للقانون.
 ووصل الأمر إلى حد الاشتباك معهم، حين حاولوا اقتحام السفارة الأمريكية مثلا، مما أدى إلى قتل خمسة من السلفيين،
وحين حاولوا تهريب السلاح عبر الحدود وقع اشتباك مماثل قتل فيه اثنان منهم.
وحتى الآن قتل من السلفيين 12 شخصا في مواجهات مع الشرطة في حين جرح عشرات.
في اتصال هاتفي مع السيد راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة قال لي إن العلمانيين في تونس يريدون من النهضة أن تحظر نشاط السلفيين وتضعهم جميعا في السجون كما كان يفعل الرئيس السابق. لكن حكومة النهضة لا تحارب جماعات ولكنها تقف ضد كل من يخالف القانون من الأفراد أيا كانوا.
وأضاف أن العلمانيين بذلك لا يريدون فقط قمع السلفيين ومصادرتهم، ولكنهم يريدون الإيقاع بينهم وبين النهضة لإضعاف موقف الحركة في الانتخابات المقبلة.
إننا أمام مشهد يبعث على الحزن، ليس فقط لأن مناضلا تونسيا قتل غيلة وغدرا، ولكن لأن مختلف الأطراف في تونس ومصر أرادت توظيف دم الرجل لتصفية حساباتها السياسية قبل أن يجف الدم وأن يعرف القاتل.
....................

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire