الوثيقة القادرية

الوثيقة القادرية
الوثيقة القادرية انحراف عميق في تاريخ الامة

vendredi 23 août 2013

نصارى مصر.. الأقلية التي تحكم الأغلبية في الخفاء

المختصر/ طفا مسيحيو مصر إلى السطح، ودوّلوا ما اعتبروه قضيتهم مع الإخوان والإسلاميين، ضمن معادلة حماية الأقليات، وأيضا تشويه الإسلام في العالم، رغم أن التاريخ يشهد أنه لم يمسسهم سوءٌ أبدا في مصر. والغريب أنهم كانوا لا ينتقدون الرؤساء الذين يتداولون على حكم مصر، إلا بعد رحيل هؤلاء، حيث وصفوا جمال عبد الناصر، بعد وفاته بـ"عدوّ المسيحيين"، رغم أن انشغالات عبد الناصر كانت أبعد ما تكون عن ذلك عندما منح مراكز قيادية في الجيش للأقباط. وقالوا إن السادات كان إسلاميا ولم يحمهم من بطش الإخوان، وزوجته جيهان كانت تزور الكنائس باستمرار وهي التي ساهمت في جعلها أجمل من كل مساجد مصر، ثم قالوا إن أسوأ فترة عاشوها في تاريخهم، كانت في عهد حسني مبارك، وعدّدوا الكثير من الأحداث التي رافقت فترة حكمه، مثل الاعتداء على الأقباط في كنيسة العمرانية أو حادثة تجمّع حمادي.
وفي الفترة الأخيرة، أعلنوا الحرب على الإخوان واتهموهم باختطاف بناتهم الصغيرات واغتصابهن، وإجبارهن على الزواج من مسلمين. والغريب أنهم هللوا لقرار الإفراج عن حسني مبارك، لأن كل التقارير تؤكد أن زوجته سوزان مسيحية ولم يكن لها أي انشغال سوى منحهم مزيدا من الرفعة. وكان المفكر محمد عمارة قد أثار الرأي العام في مصر عندما كشف عن تحوّل مصر بالكامل بعد مئة سنة من الآن إلى الإسلام، لأن عدد 40 ألف قبطي الذين يعتنقون الإسلام في السنة الواحدة، يعني اضمحلال المسيحية في مصر، إضافة إلى كون المسيحيين لا همّ لهم سوى الهجرة من مصر.
وبهذه السيناريوهات الأخيرة، نسفوا الصور الجميلة التي صنعتها ثورة 25 يناير 2011 على مبارك، عندما جمع "ميدان التحرير" في عز الثورة الشعبية، شعائر دينية إسلامية وطقوسا مسيحية، تابعها العالم بأسره، خاصة الذين يدينون بالإسلام وبالمسيحية في دولة حق ومساواة حقيقية صنعها الميدان لبعض الوقت، جمعت كل الأطياف التي فرقتها دولة مبارك، "ميدان التحرير" الذي حوّلته الأحداث إلى الأشهر في العالم، ورُشح حينها لخطف الأنظار من أهرامات الجيزة أو أبي الهول أو المومياءات أو الأقصر أو منتجعات الغردقة وشرم الشيخ، وكان القداس المسيحي وصلاة الغائب الإسلامية، التي تابعها العالم في زمن الثورة الأولى، عبر المئات من فضائيات العالم أنست المصريين كل الخلافات الدينية التي زرعتها الأنظمة المصرية وأجّج لهيبها الموساد..
وإذا كان الفراعنة قد بنوا الأهرامات، والفاطميون بنوا الأزهر، وجمال عبد الناصر شيّد السد العالي، وكلها معالم ما زالت قائمة وشاهدة، فإن شباب مصر أضاع بعد "الثورة" الثانية تشييد أكبر ميدان، وأهمه في العالم بعد أن تمكن لفترة وجيزة فقط من تفتيت نظام جبّار كتم الأنفاس، وحتى المستشفيات الميدانية وهي شبه عيادات في الهواء الطلق التي شيدت هناك، جمعت المسيحيين والمسلمين، وكان الشباب من طول مدة بقائهم في "ميدان التحرير" يكتبون مذكراتهم ويركّزون على وحدة المصريين، لتنقلب المعادلة الآن رأسا على عقب بعد أحداث ما بعد الأربعاء الأسود .
ولم يجد السيسي من حل لإقناع الغرب بانقلابه، سوى المساس بالمسيحيين وإدخالهم في صدام مع الإخوان، لأنه يدرك أن المساس بالمسيحيين في أي دولة عربية يثير أوربا وفرنسا بالخصوص، التي ليّنت موقفها. ويبلغ تعداد المسيحيين في مصر حوالي 8 ملايين نسمة، أي 10 بالمئة من تعداد المصريين، ولم يساهموا كثيرا في النهضة المصرية، فكانوا يركزون على الحياة البورجوازية، ولم يواكبوا ما قدّمه المسلمون في ميادين العلم والآداب والفنون، وعندما نعلم أن قرابة 5 ملايين مصري من المهاجرين من المسيحيين، ندرك أن ارتباطهم بالغرب هو همّهم الأول.
وهناك من اتهمهم بتدبير حرق الكنائس لطلب اللجوء إلى الدول الأوروبية بسبب الحالة الاقتصادية والاجتماعية الصعبة حاليا في مصر، إذ أحصت بريطانيا وحدها في العامين الماضيين قرابة 5 آلاف طلب للهجرة إلى أراضيها دوّن طالبوها من المسيحيين، ما أسموه بـ"البطش" الذي عاشوه و"المحارق" التي يزعمون أنهم تعرضوا لها من طرف الإخوان المسلمين، وتكهنوا بأن تتحول مصر إلى بؤرة إرهاب يتم فيها تصفية المسيحيين، وهي أمنيتهم حتى يتمكنوا من ترك مصر نهائيا.
المصدر: الربيع العربي


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire