ورتل القرآن ترتيلا
انقل لكم ماورد
في كتاب الدكتور محمد شحرور
"الكتاب والقرآن "
حول معنى كلمة رتل حيث وردت في قسم قواعد التأويل : القاعدة الثالثة :
الترتيل: (ورتل القرآن ترتيلاً) (المزمل 4):
بما أن مواضيع القرآن متفرقة في السور. فمثلاً موضوع آدم موجود في سورة البقرة والأعراف وطه وسور أخرى. وكذلك قصة نوح موجودة في سورة نوح وهود والأعراف والمؤمنون. وكذلك قصة موسى موجودة في كثير من السور فكيف نفهم هذا الموضوع إذا لم يتم ترتيله؟
والترتيل هنا هو أخذ الآيات المتعلقة بالموضوع الواحد وترتيلها بعضها وراء بعض. والرتل في اللسان العربي هو الصف على نسق معين. ولا يقصد بالترتيل التلاوة ولا التنغيم، كما ذكرنا.
والله سبحانه وتعالى نزل القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم على أرتال بقوله (وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملةً واحدةً كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلاً) (الفرقان 32) أي جاء القرآن إلى النبي صلى الله عليه وسلم على أرتال ولم يأته دفعة واحدة. ونحن الآن نستعملها فنقول رتلاً أحادياً أو ثنائياً. ونقول رتل دبابات "انظر مثالاً عن الترتيل في ترتيل قصتي نوح وهود".
وهناك موضوع واحد جاء مرتلاً في القرآن هو قصة يوسف التي جاءت كلها دفعة واحدة في سورة واحدة.
إن قاعدة الترتيل هي من قواعد البحث العلمي الحديث ومن دونها لا يمكن لأي بحث علمي أن يعطي أي نتائج إيجابية. فإذا أخذنا دراسة حول موضوع معين يتعلق بالمياه الجوفية مثلاً، فأول شيء نفعله هو جمع المقالات المختلفة التي نشرت في هذا الموضوع، حيث أنه في هذا الجمع يتم إخراج موضوع يحتوي على المعلومات الواردة في كل المقالات المختلفة، وكذلك في مواضيع القرآن يجب علينا إجراء عملية الترتيل. فموضوع خلق الكون أو خلق الإنسان لم يأت في مكان واحد دفعة واحدة كقصة يوسف. فوجب علينا ترتيلها أولاً.
قال المؤلف هذا انطلاقاً من فهمه أسرار اللسان العربي، حيث أن القرآن عربي وأنزل بلسان عربي مبين. لقد وصل الباحث إلى ذلك انطلاقاً من فهم جديد قدمه لمعنى "ترتيل القرآن". إن المعنى السائد للترتيل هو التأنق في تلاوته(1) وأشار الزمخشري في "أساس البلاغة" في مادة "ر ت ل" أن من المجاز: (ورتل القرآن ترتيلا) إذا ترسل في تلاوته وأحسن تأليف حروفه، وهو يسترسل في كلامه ويترتل. ولكن الباحث استند إلى الأصل اللغوية في المادة "ر ت ل" رتل الشيء: نسقه ونظمه. وقال لا يمكن أن يكون المقصود في عبارة (ورتل القرآن ترتيلا) الوارد في سورة المزمل (يا أيها المزمل * قم الليل إلا قليلا * نصفه أو انقص منه قليلا * أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا * إنا سنلقي عليك قولاً ثقيلا) (الآيات 1-5) تأنق في تلاوته، لأن ما جاء في الآية التالية (إنا سنلقي عليك قولاً ثقيلا) لا يرتبط من قريب أو بعيد بالتأنق في التلاوة، حيث أن "وصف القول بالثقيل" لا يقصد به الثقل في التلفظ والنطق، بل وعورة فهم معنى ما يشتمل عليه القرآن من علم. وإذا كان ذلك كذلك اتضح أن معنى (ورتل القرآن ترتيلا) هو رتب أو نظم الموضوعات الواحدة الواردة في آيات مختلفة من القرآن، في نسق واحد كي يسهل فهمها
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire