الوثيقة القادرية

الوثيقة القادرية
الوثيقة القادرية انحراف عميق في تاريخ الامة

mercredi 29 mai 2013

الحِجاب والنّقاب والذّئاب

أنت هنا: الرئيسية » الوطنية » الحِجاب والنّقاب والذّئاب…

الحِجاب والنّقاب والذّئاب…



بعد جدل التّأسيسي حول إلغاء المنشور 108 في المؤسّسة العسكرية ـ
 أثبتت نخبتنا البائسة أنها في مستوى جمهور «الفيراج» عندما أطلقت صَفيرها لمّا جهَر الرئيس المرزوقي عن حقّ المنتقبات في الدّراسة.
 وهي لا تفرّق بذلك بين انتقاد الأداء السّياسي والتهوّر.
 بينما يثار موضوع حجاب المرأة في المؤسّسة العسكرية من جديد بعد أن طالب النّائب جمال بوعجاجة بحذف المنشور 108 الذي يمنع «الزي الطائفي». فرفض نوّاب من التأسيسي زاعمين أنها مؤسّسة لها خصوصيّة ولا ينبغي للمحجّبات أن يتواجدن بها. ورغم اقتناعي بخصوصيّة المؤسسة العسكرية فإني شديد الاقتناع بأن وظيفة النساء في مؤسّسات الدّاخلية والدفاع لا تتجاوز العمل الإداري، ومن هنا لا أرى المانع وجيها. في الوقت الذي تُشكّل فيه النرويج لجنة لدراسة الأوضاع الدينيّة للشّرطة، للسّماح للمسلمات بارتداء الحجاب أثناء تأدية العمل، في دعوة لمزيد من التسامح وقبول إظهار المسلمين شعائر دينهم بالمجتمع النرويجي. وفي الوقت الذي نرى فيه آلافا من النّساء في جيش وشرطة ايران ودول من الخليج والأردن.
فرفْض الحجاب عَرَض لمرض الاسلاموفوبيا المستحكم لدى نُخب الوهم، إذ أثار حجاب خديجة بن قنّة جدلا في قناة الجزيرة وكذلك حصلت الضجّة حين دخلت مذيعة محجّبة القناة الأولى المصرية وحين أطلق رئيس الوزراء هشام قنديل لحيته. ولست أدري أي زلزال سيحدث لو تتصدّر فتاة محجبة لنشرة أنباء الثامنة في تونس؟.
وانتقد رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان غيابَ قيادات الجيش عن حضور احتفال بذكرى إنشاء تركيا الحديثة والعلمانية، بسبب الحجاب الذي ارتدته زوجة الرّئيس «عبد الله غول». يُدرّس جامعيّون حداثيّون تونسيّون في أوروبا أقساما كاملة من المنتقبات ولا يرون في ذلك ضَيْرا، وحين الرّجوع يلتحقون بالجَوقة التي تغار على مكاسب المرأة ويصير بعضهم شجاعا أو «سَجيعَا». متجاهلين ما عرضته المواقع الاجتماعية لصورة منتقبة تحصل على شهادة جامعيّة في جراحة النّساء والتوليد من الجامعة الملكيّة بلندن. ومعاقبة القضاء البريطاني بالسّجن مواطنا لأنه شبّه على صفحته بالفايْسبوك لباس المنتقبات الأسود بأكياس البلاستيك المعدّة للقمامة. وقضاء محكمة أمريكيّة بغرامة ماليّة قدرها 5 مليون دولار لفائدة المواطنة سُوزان بشير بعد تمزيق حجابها. وقال رئيس وزراء إيطاليا في موقف مماثل عندما طُلب منه منع الحجاب في روما: إني أشاهد العذراء مريم ترتدي الحجاب في كل صُورها، فكيف لي أن أمنع شيئا أحلّه الله من فوق السماوات ؟
تاريخ القمع والصّمود
في تحليل الموقوذة والنّطيحة والمُنْخَنِقَة وما أكل السَّبْع، فسّر أحد عباقرة الحداثة وجود الحجاب في بلدان إسلاميّة بقوله : «انتشر الحجاب لدى نساء المغرب الأقصى حزنا على وفاة مولاي محمد الخامس بن يوسف سنة 1961، وفي الجزائر بسبب خوف الجزائريات ذوات الجمال الفادح من اغتصاب الجنود الفرنسيين زمن الاستعمار ،أمّا في موريطانيا والنّيجر فالطبيعة الصّحراوية تقتضي غطاء الرأس حماية له من رمال الكُثبان التي تعفّر الوجوه. وأمّا في إيران فهو بسبب حزن الشيعيّات المُقيم منذ مقتل الحسن والحُسين يوم 10 محرّم سنة 61 للهجرة في واقعة كربلاء.
منذ بداية الحركة الإسلامية حُورب الحجاب حربا لا هوادة فيها، على اعتبار أنه نشاط دعوي صامت، وبورقيبة الذي دافع عنه زمن الاستعمار، انقلب على عَقِبيْه بعد وصوله الى السّلطة وقال : «الفساد موجود تحت السّفساري والعْجَار والخمار». فتورّط نظامه العلماني في حرب إبادة للحجاب فاح عفَنها في أنحاء الأرض. وظلّ نزع الحجاب في عهد بن علي متواصلا بل ازداد فظاعة كما فعل الملك « زُوغُو» حين نزع حجاب الألبانيّات. وحُرمت المئات المناضلات دراستهنّ ووظائفهن بسبب ارتدائه وانتهى الأمر باعتقال 400 محجّبة وأجبرت أخريات على نزعه على أعتاب السّجون لزيارة ذويهم.
في الزّمن الجميل، في السّبعينات والثّمانينات، كانت المحجّبات تبذلن قصارى جهدهنّ ليكون حجابهن شرعيا، فكان رمزا للثّقة والمصداقية والالتزام وسفيرا للدّعوة والهويّة وردّا على التّغريب القسري. ثم عاد في شكل مُوضة في أواخر عهد بن علي، ولجمعية النّساء الدّيمقراطيات «الفضل»، أيام جمر الإسلاميين وتَمْر الحداثييّن، في تنبيه النّظام لعودته في بيان صدر سنة 2003، ارتبك النّظام فطمأنه اليسار التجمعيّ و»عيون لا تنام» أنه مجرّد موضة. وليس له علاقة بالموقف من نظام الحكم، ولكن الفاجعة كانت عند استمارة وزّعت على شباب التجمّع في مؤتمر التحدّي 2008 تحوي سؤالا : «هل للحجاب أصل في الإسلام ؟» فكان الجواب بنعم بـ80 %، فغضّ النّظام الطّرف على الظاهرة كُرها لأنه يعلم أنّ الثّوب لا يصنع الرّاهب «l’habit ne fait pas le moine» وسمح بحجاب 7 نوفمبر الذي قالت عنه جريدة لُومُوند الفرنسية آنذاك «أنه ليس حجاب الالتزام بل بطريقة ارتدائه المثيرة هو أقرب إلى نداء جنسي «sex appeal».
وقد يجد النّقاب اليوم ذريعة الوجود إذ رأى الفيلسوف الفرنسي «ريجيس دُوبري» أن النّقاب وكل الرّموز الدينية هي ردّ موضوعي على العولمة المتوحّشة التي ترغب في صهر المجتمعات في قالب واحد ، والأجواء المفتوحة بعد الثورة جعلت الحجاب والنّقاب مظهرين عادييّن في الشّارع التونسي. ولكن الخطأ يكمن في اعتبار أنّ للنّقاب أصلا في الإسلام عكس ما رآه جمهور العلماء، ولكن هذا لا يعني أنّ يمنع النقاب فالنّاس أحرار. والمشكلة أنّ شبابا إسلاميّا غِرّا ينقصه العمق والفطنة، يقلب مسار الدعوة الإسلامية فرأى اللّباس وسيلة لتغيير وعي النّاس بينما كان اللّباس نتيجة تغيّر وعيهم، فاستنزف الحجاب والنّقاب واللّحية 80 % من جهود جماعات إسلاميّة ساذَجة في الغرب.
مسرحيّة سيّئة الإخراج
لم تقم الضجّة حول «ستار أكاديمي». الذي شهدت عنه الممثّلة ليلى الشابّي في تصريح صحفي أنّ بعد التربّص سُئلت ابنتها من قِبل المنظّمين إذا ما كانت تعرف الجنس بأنواعه ؟ ولم يُدِن المجتمع المدني «جمعيةfemen»الدّاعية للتعرّي حين طلبت ترخيصا قانونيا للنّشاط بتونس، ولكنّه اتفق سرّا على عدم الدّفاع عن حرية التعرّي لأن ذلك في نظرهم يحلُب في إناء «النهضة» في الانتخابات القادمة ومُكره أخَاك لا بَطلْ. وسخر الطّاهر بن حسين مدير قناة الحوار قائلا : الحجاب يُشبه «شْكيمة البْهيمة»، وأتحفنا «سي علاء»، الذي يأكل خبزه معجونا بأسرار البيوت والآلام، بامرأة منتقبة تلتقي بابنتها المنتقبة أيضا التي ولدتها سِفاحا. نَسي «سي علاء» كما يناديه الغَلاَبى، قبل أن يُلبس المرأتين النّقاب في الأستوديو، أنّ من كانت قديمة العهد بالنّقاب والحجاب لا ترتديه بتلك الشّاكلة فتبرز للنّاس ككيس محشيّ، وأنه لأوّل مرّة في التاريخ تنجح امرأة في تربية ابنتها عن بُعد، فتقتدي بها وهي لم ترها يوما، فالمعروف عن الأبناء غير الشّرعيين الانحراف وليس الاقتداء بمنْ ضَيّعهم. ولكن هذه المرّة أتحفنا «سي علاء» بامرأة تنجح في تربية ابنتها عن طريق توارُد الخواطر وتناسخ الأرواح، وهو بذلك يمضي في إِثْر «سينما الحمّام» التونسية الوَقَاح التي تصوّر المحجبة إمّا منحرفة أو مريضة نفسانيّة. سليم الحكيمي

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire