الوثيقة القادرية

الوثيقة القادرية
الوثيقة القادرية انحراف عميق في تاريخ الامة

lundi 18 août 2014

الاصول الخمسة للمعتزلة و الزيدية







الاصول الخمسة للمعتزلة و الزيدية
1 التوحيد
2 العدل
3الوعد و الوعيد
4 المنزلة بين المنزلتين
5 الامر بالمعروف و النهي عن المنكر
الاختلاف الوحيد بين المعتزلة و الزيدية  الاصل الرابع حيث قالت الزيدية النبوات و ما يلحق بها من الامامة




يعتبر الإمام الهادي بن إبراهيم الوزير - وهو أحد أئمة الزيدية - المعتزلة والزيدية فرقة واحدة ، وقد نقل كلامه العلاَّمة صالح المقبلي في العلم الشامخ وأيَّده حتى في تقديم أئمة المعتزلة على أئمة الزيدية
1. بداية: هناك صلة كبيرة بين الزيدية والمعتزلة ، وقد أثرت كل فرقة منهما في الأخرى، فالزيدية قد اعتنقت فيما بعد أصول المعتزلة الخمسة ، وهذا الأمر ثابت عنهم في كتب الفرق ، وتعترف به فرقة الزيدية ، بل وتفتخر بانتسابها إلى أئمة المعتزلة أكثر من انتسابها إلى أئمة أهل البيت ، يقول الشهرستاني عن زيد: "وصارت أصحابه كلهم معتزلة "(1) .
ويقول عن زيدية زمانه: "وأكثرهم في زماننا مقلدون لا يرجعون إلى رأي واجتهاد ، وأمَّا في الأصول فيرون رأي المعتزلة حذو القذة بالقذة ، ويعظمون أئمة الاعتزال أكثر من تعظيمهم أئمة أهل البيت، أمَّا في الفروع فهم على مذهب أبي حنيفة إلاَّ في مسائل قليلة يوافقون فيها الشافعي رحمه الله ، والشيعة"( 2) .
ويعتبر الإمام الهادي بن إبراهيم الوزير - وهو أحد أئمة الزيدية - المعتزلة والزيدية فرقة واحدة ، وقد نقل  كلامه العلاَّمة صالح المقبلي في العلم الشامخ وأيَّده حتى في تقديم أئمة المعتزلة على أئمة الزيدية ، وقال في آخر كلامه : "وإنما أطلت لك الكلام في اتحاد الفريقين مع وضوحه لما ظهر في بعض أهل العصر من اعتقاد التباين الكلي بينهما"( 3).
ومن الجدير بالتنبيه إليه ، أن هناك معتزلة صاروا زيدية، وخاصة معتزلة بغداد ، يقول د. الكمالي: " إن علاقة الزيدية بالمعتزلة يمثله أشخاص كثيرون سواء كانوا زيدية اعتزلوا كالإمام الهادي .. أو معتزلة صاروا زيدية كمعتزلة بغداد ، ومنهم جعفر بن مبشر (ت 234 هـ ، (وجعفر بن حرب الهمداني ( ت236 هـ )، ومحمد بن عبد الله الإسكافي (ت 241 هـ) ، فإنهم أئمة المعتزلة ومالوا إلى الزيدية معلنين ذلك بأنفسهم كما ذكر ذلك شرف الدين في الروض النضير ، وممن يمثل هذا الجانب أصدق تمثيل الصاحب بن عبَّاد (385 هـ)، حيث آزر المذهب الزيدي ودافع عنه بحماس شديد .."( 4) .
2. ذكر الشهرستاني أن بداية الصلة بين الزيدية والمعتزلة كانت حين تتلمذ زيد على واصل ، ولهذا فهو ينسب كثيراً من آراء المعتزلة الاعتقادية إلى زيد بن علي ، وقد تبين فيما مضى من الحلقات بطلان هذا الكلام , وأن القول بالتلمذة غير صحيح.
وقد أثبت الباحث د. شرف الخطيب عضو هيئة التدريس بقسم العقيدة بجامعة أم القرى بطلان ذلك من وجوه عديدة ، يمكن الرجوع إليها في كتابه "زيد بن علي ، الإمام المفترى عليه" .
وأحب أن أنبه هنا ، بأن التلاقي بين الزيدية والمعتزلة في عهد زيد مستحيل لاختلافهم في أهم مسألة وهي الموقف من علي بن أبي طالب ،فواصل بن عطاء موقفه من علي في غاية السوء ، ثم إن المذهب الذي تميز به واصل واشتهر به هو القول بالمنزلة بين المنزلتين ، وزيد بن علي اشتهر عنه أنه لا يكفر الظلمة ، ولا يقول فيهم بآراء واصل ، ولا يحكم عليهم بالخلود في النار ، وكان محارباً للمبتدعة كمحاربته للظلمة ، فلا صلة البتة بين زيد وواصل في العقائد ، ولكن يمكن أن يقال إن المعتزلة في رؤيتها جواز الخروج على الإمام
الظالم ، تميل إلى الزيدية ؛ لأنهم يطبقون هذا الأصل من أصولهم فعلياً .
وقد قام بعض الباحثين بدراسة بداية الصلة بين الزيدية والمعتزلة ، - وأثبت بما لا يدع مجالاً للشك أنها - كانت متأخرة عن زمن زيد بن علي( 5) .
3. ختاما: القول الصواب هو أن زيد بن علي كان على منهج أهل السنة والجماعة في جميع أبواب العقيدة ، وفي الصفات ، وفي القول بأن القرآن كلام الله غير مخلوق ، وهذا ما يثبته كل من ترجم لزيد بن علي من علماء الجرح والتعديل ، وقد وصفوه بالسنة ، في حين كان القول بنفي الصفات من أشد البدع عند أهل السنة والجماعة ، يقول ابن تيمية: "إن الأئمة المشهورين كلهم يثبتون الصفات لله تعالى ، ويقولون : إن القرآن كلام الله ليس بمخلوق ، ويقولون إن الله يرى في الآخرة ، هذا مذهب الصحابة والتابعين لهم بإحسان من أهل البيت وغيرهم" (6).
وقد رجعت إلى بعض كتب الزيدية في العقيدة ، فما وجدتهم ينسبون هذه العقائد إلى زيد بن علي(7) ، مما يدل على أنهم يعترفون بأنها لم تصلهم عن طريقه ، والله الموفق.

----------------------

(1) الملل والنحل  (1/ 155).
(2) المرجع السابق ( 1/162).
(3) العلم الشامخ (13)، وانظر ما قبلها وبعدها من الصفحات .
(4) الإمام المهدي ، يحيى بن أحمد بن المرتضى (31).
(5) انظر : تأثير المعتزلة في الخوارج والشيعة ، عبد اللطيف الحفظي (401-418).
(6)  منهاج السنة (1/157).
(7) انظر على سبيل المثال : النجاة ، لأحمد بن الهادي ، وخلاصة الفوائد لجعفر بن أحمد ، وينابيع النصيحة للحسين بن بدر الدين ، وشرح الأساس الكبير لأحمد بن صلاح الشرفي ، والزيدية لعبد الله بن محمد حميد الدين ، وسبيل الرشاد إلى معرفة رب العباد لمحمد بن الحسن.


 
http://taseel.com/display/pub/default.aspx?id=2692&ct=4&ax=3 




بسم الله الرّحمن الرّحيم

علاقَة الزيديّة بالمُعتزلَة والحَنفيّة أصولاً وفروعاً

الحمُد لله ، والصّلاة والسّلام على أشرف الأنبياء والمُرسلين ، سيّدنا محمّد النّبي الأمين ، وعلى آله الطّيبين الطّاهرين ، سفن النّجا وعلامات الاهتدَا ، ورضوانُ الله الأكبَر على الصّحابة المتّقين ، والتّابعين لهُم بخيرٍ وإحسانٍ إلى يوم الدّين.

وبعَد :

فقد يأتي الكَلام حول مسألَة تأثّر الزيديّة بالحنفيّة في الفُروع ، وبالمُعتزلَة في الأصول ، فآثرنَا تحريرَ كلامٍ مخُتصرٍ نسألُ الله تعالى أن ينفعَ به طُلابَ العِلم والبَحث والفائدَة ، قسّمناه إلى قِسمَين :

القِسم الأوّل : الخَلط بين الزيديّة والمُعتزلَة في الأصول :

فالمُلاحَظ خلطُ البعض الكَثير في نسبَة الزيديّة إلى التأثّر بالمُعتزلَة في أصول الدّين ، ومَن يقولُ بهذا فإنّه حقيقةً لم يعرِف تاريخ تلقّي المُعتزلة لأصولهَا ، ولم يعرِف تاريخَ تلقّي الزيديّة لأصولهَا ، وإنّما اطّلعوا على عقائد المُعتزلَة ووجَدوا أنّها أكثرُ حضوراً في التّاريخ الإسلاميّ الجَدلي فجعلوهَا الخطّ الأصليّ لذلك الاعتقَاد الأصوليّ ، وما تشابَه أو تشاركَ معها في تلكَ العقائد من أقوال الفِرق الأخرَى جعلوهُ من تلكَ الفِرق تأثّراً بالمُعتزلَة ، تماماً كمَا يُقال مع الزيديّة ، فإنّ المُعتزلَة كانَت أكثرَ حضوراً في التّاريخ الإسلاميّ الجَدلي فرسخَت أصولُهم في عقولُ العُلمَاء والمُؤرّخين فجعلوها الأصلَ وأصولَ بقيّة الفِرق الإسلاميّة التي اشتركَت معها في أصلِ التلقّي جعلوهَا متأثّرة بالمُعتزلَة ، فكأنّ المُعتزلَة أصبحَت المصدر الوَحيد لأصول تلك الفِرق التي شاركَت وشابهَت المُعتزلَة في أصولهَا .

مثال ذلِك :

الشّيخ (أحمَد) ، يأخذُ عنهُ ، (عَمرو) وَ (زَيد) في المَدينَة النبويّة أصول الدّين ، ثمّ ينتقلُ (عمرو) إلى الكوفَة وهُناكَ يُعاصرُ تياراتٍ من المُسلمين باختلافِ مذاهبهِم ويدخلُ معهم في الجِدال ، فيعرفونَه ويعرفونَ عقيدتهُ التي هُو عليهَا ويُفنّدونَها ويردّونَها عَليه ، فيُقال لمن تأثّر بقولِ (عمرو) أنّهم الفرقُة العُمَريّة ، ثمّ يأتي (زَيد) إلى الكوفَة ويجِد النّاس أنّ عقيدتَه مُشابهَة لعقيدَة (عمرو) ، فيقولون تأثّر (زيد) بـ (عمرو) ، أو أنّ (زيداً) أخذ أصوله من الفرقَة العُمريّة ، وهذا وَهم فزيدٌ لم يأخُذ أصوله عن (عمرو) ، وإنّما أخذها عن شيخهِما (أحمَد) في المدينَة النبويّة .

نعَم! وهذا يرحمُنا الله وإيّاك أخي الباحِث حالُ الزيديّة والمُعتزلة وما يُوصمُون به من تقليدِ الزيديّة للمُعتزلَة أو أخذُ زيد بن عَلي عن واصل بن عطَاء ، فإنّ أصولَهما واحدَة كان مصدر التلقّي لها واحداً ، فكانَت أصولهم لذلك واحِدَة.

- فشيخُ زَيد بن عَلي ، أبوه زين العَابدين ، وأخوهُ الباقِر ، وشيخُ الباقر أبوهُ زين العَابدين ، وشيخُ زين العَابدين أبوهُ الحُسين بن عَلي ، وشيخُ الحُسين بن عَلي أبوهُ عَلي بن أبي طَالب صلوات الله عليهِم أجمَعين .

- وشيخُ واصل بن عطَاء هُو أبو هاشِم محمد بن عبدالله بن محمّد (ابن الحنفيّة) ، وشيخُ أبو هاشِم محمد أبوه عبدالله بن محمّد (ابن الحنفيّة) ، وشيخُ محمّد (ابن الحنفيّة) أبوهُ علي بن أبي طالب رضوان الله عليهِم أجمعِين .

وأبو هاشِم محمّد بن عَبدالله شيخُ واصل بن عطَاء هُو والدُ (ريطَة) زوجَة الإمام زَيد بن عَلي ، وأمّ الإمَام يحيى بن زَيد قتيلُ الجَوزجَان ، فقد كانَت علاقَة واصل بالبيت العَلوي قويّة ، ويدلّ عليها قوّة علاقَة ومُبايعَة ومُناصر واصل للإمام زيد بن عَلي ، وكذلك مُبايعَة واصل وعمرو بن عُبيد المُعتزليّ للإمام النّفس الزكيّة محمد بن عبدالله ، وذلكَ لمّا كاَنت القواسم المُشتركَة بينهُم في العقيَدة (الأصول) والأمر بالمَعروف والنّهي عن المُنكَر قويّة ، فالمثالُ السّابق ينطبقُ على الإمَام زيد بن عَلي وواصل بن عطَاء أبو حذيفَة ، فغلطَ البعض الكَثير للأسَف عندما نسبُوا عقيدَة الزيديّة سادات بني الحسَن والحُسين إلى التأثّر بالمُعتزلَة لمّا كان مذهبُ المُعتزلة هُو المُشتهر في الوسط الجَدلي الإسلاميّ المذهبيّ بينما كانَ توجّه أئمّة بني الحسن والحسين في القرون الثّلاثة الأولى هو الإصلاح المَيداني بالأمر بالمَعروف والنّهي عن المُنكَر وكانَت وجوه العلمَاء من العامّة مُنصرفَة عنهُم لأسباب الخَوف أو العُزوف عنهُم روايةً ودرايةً، وكذلك كان ساداتُ بني الحسن والحُسين مُشرّدين مُطرَّدين في البلاد شاميّها ويمانيّها وأقصَى وأبعَد من ذلك ، والله يحبّ الإنصَاف أخي الباحِث ، فإنّ للبعض أهواءٌ في بترِ علاقَة الزيديّة بسلفهِم من أهل البَيت ونسبتهِم إلى التأثّر وتقليد المُعتزلَة في أصولهِم ، لمّا ظهرَ لهُم الاتّصال السَّنديّ والرّجالي والتأريخيّ ببني الحسَن والحُسين في المدرسَة الزيديّة ، وأنّ علماء وأئمّة الزيديّة هُم أنفسُهم سادات أهل البَيت بقيّة ذريّة الحسَن والحُسين ، نعم! ومَن أراد الاستزادَة في هذا راجعَ مبحثَنا (الزيدية والمعتزلة والتأثّر قراءة متأنيّة) ففيه تفصيلٌ وإسهَاب .

القِسم الثّاني : الخَلط بين الزيديّة والحنفيّة في الفروع :

أيضاً مُلاحظٌ نسبَة الزيديّة إلى التأثّر بالحنفيّة في الفُروع ، والمعَلومُ (بالنّسبَة للمحقّق العالِم بالتّراثين الزيديّ والحنفيّ) أنّ هذا تهويلٌ في جُملَة إطلاقِه ، لسببٍ سأذكرُه في آخِر كلامِي هُنا ، وإنّما أشيرُ إلى أصل إطلاق صحّة التأثّر على افتراضِ صحّة إطلاقِه ، فيُسأل الباحث هُل يُنسبُ الأصلُ للفَرع أو العَكس ، فمَن اطّلع على حالِ أبي حنيفَة رضوان الله عَليه وجدَه قد درسَ على يد الإمام زيَد بن عَلي (ع) سنتان ، فأيّهم الأصلُ في التلقّي والتأثّر وأيّهم الفرع؟!. ، فلمَ لا يُقال تأثّر أبو حنيفَة (الحنفيّة) بزيد بن عَلي (الزيديّة) ، هذه قرينَة على صحّة عكس الإطلاقِ السّابق من قِبل البَعض بتأثّر الزيدية بالحنفيّة في الفُروع ، وقرينةٌ أخرَى أنّ أئمّة أهل البَيت (ع) يحكونَ أنّ لإمام الزيديّة النّفس الزكيّة محمد بن عبدالله بن الحسَن بن الحسَن بن عَلي بن أبي طالب (ع) كتابٌ في الفِقه قد نقلَ عنه وتأثّر به تلميذُ أبي حنيفَة محمد بن الحسَن الشّيباني ، قالَ إمام الزيديّة النّاطق بالحقّ الهارونيّ يحيى بن الحسين بن هارون بن الحسين بن محمد بن هارون بن القاسم بن الحسن بن زيد بن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (ع) (ت424هـ) في كتابِه [الإفادَة في تاريخ الأئمّة السّادة] : ((وسمعتُ جماعة من فقهاء أصحاب أبي حنيفة وغيرهم يقولون: إن محمد بن الحسن [الشيباني] نقل أكثر مسائل السير عن هذا الكتاب)) ، نعم! ، فهل يصحّ مع هذه القَرائن بإقرارات فقهاء الحنفيّة أن يُقال تأثّرت الزيديّة بالحنفيّة في الفُروع ، أو يُقال العكس ، هذه يُجيبُ عليهَا الباحثُ المُنصِف ، وأزيدُه قرينَة ثالثَة على اهتمام والتفات الأحنَاف لفقه وفروعِ الزيديّة أنّ علي بن محمّد بن كاس النّخعي شيخُ الحنفيّة المشهُور في القرن الرّابع هُو أحد ُرواة مُسندَ الإمام زيد بن َعلي (ع) ، عن (جدّه أبي أمّه) سليمان بن إبراهيم المحاربيّ ، وأحدُ رُواة مُسلسَلة الصّلوات الإبراهيميّة عن الإمَام زيد بن عَلي (ع) ، نعم! وهُنا أذكرُ سبب التّهويل الذي أشرتُ إليه قريباً وهُو أنّ الزيدية تُحرّم التّقليد على مَن بلغ مرتبَة الاجتهَاد من الأئمّة والعُلمَاء فلذلك قد تجدُ الإمَام الزّيدي يقتربُ في بعض المسَائل من اجتهادَات الحنفيّة أو من الشّافعيّة بلا تقليدٍ منهُ لهُم ولكن لأنّ اجتهادَه ونظرَه أدّى به إلى هذا الاقترَاب ، فيتوهّم البَعض أنّ هذا تأثّرٌ وتقليد للحنفيّة أو الشّافعيّة والاجتهادُ لا يعرفُ التّقليد أصلاً ، أيضا قد يُقال ذلك مع محمّد بن الحسَن الشّيباني أو أبي حنيفَة فإنّ اجتهاداتهِم في الفُروع اقتربَت من اجتهادَات الزيديّة (زَيد بن عَلي) ، (النّفس الزكيّة) ، ولا يلزمُ منه تقليدَ الحنفيّة أو تأثّرهم بالزيديّة ، لأنّ الأصل هُو الاجتهَاد ، فعندهَا يلزمُ المُنِصف بناء على أصل التأثّر أن يقولَ بتأثّر الحنفيّة بالزيديّة لا العَكس ، وبناءً على أصل الاجتهَاد أن يقولَ لم تتأثّر الحنفيّة بالزيديّة ، ولا الزيديّة بالحنفيّة ، وإن اشتركُوا في بعض الأقوال لأنّ دافع ذلك الاجتهَاد لا التّقليد منهُم ، ثمّ سأزيدُ الباحِث بما قد يجعلُه يُرجّح تأثّر الأحناف بفقه الزيديّة بأنّ الزيديّة أشدّ منعاً للتّقليد على علماءها وأئمّتها مِن الأحنَاف على علمَاءها وأئمّتها ، أيضاً بسماع الإمام النّاطق بالحقّ الهارونيّ الحسنيّ وهُو الثَّبتُ العَدل من (جماعَةً) من فقهاء الأحنَاف يذكرونَ (نَقلَ) الشّيباني لـ (أكثَر) مسائل السّير من كتاب النّفس الزكيّة في الفِقه ، فمَن نقلَ ، ومَن تتلمَذَ ، كانَت قرينَة التأثّر له أقرَب ، ولا أقطَع ، والله يحبُ الإنصَاف. إلاّ أنّ الذي أقطعُ عليه مع مضَى من القرائن والاستنتاجَات أنّ الزيديّة لم تتأثّر بالحنفيّة ، وأبو حنيفَة فإمامٌ له مكانته عند الزيدّية أصولاً وفروعاً ومُناصرًة لأهل بيتِ نبيّه (ص) .

نعم! فهذا أخي الباحِث عن الحقّ ما قد يُتوجّه إليه الكَلام في مسـألَة التأثّر لسادات بني الحسَن والحُسين أئمّة الزيديّة ، فالحذّاق من الباحثين فطنوا لعلاقَة وارتباط الزيدية بساَدات بني الحسن والحُسين بشكل مُتواترٌ وظاهِر لأصغَر طلبَة العِلم فضلاً عن المُجتهدين والعُلمَاء فجهدوا إلى فصل تراثهِم عن سَادات بني الحسن والحُسين في الأصول والفروع ، وأكثروا في ذلكَ فتخبّطوا تخبّطاً عجيباً ، والله المُستعَان ، هذا وصلّى الله وسلّم على سيّدنا محمّد وآله الطّيبين الطّاهرين.

وكتبَه الشّريف أبو الحسَن الرّسي (الكاظِم الزيديّ)
يوم الثّلاثاء الموافق 26/9/1433هـ ، بمكّة المكرمّة أيّام القِيام بمناسِك العُمرَة.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire