الوثيقة القادرية

الوثيقة القادرية
الوثيقة القادرية انحراف عميق في تاريخ الامة

dimanche 12 octobre 2014

المعتزلة في التاريخ.. حاملو لواء العقل




إيهاب الملاح –
كانت فرقة «المعتزلة» حاملة لواء العقلانية في التراث الإسلامي منذ ظهورها حتى اختفائها عن مسرح الحياة الفكرية والثقافية في القرن الخامس الهجري، لكن أثرها لم يخبُ تماما رغم ما تعرضت له أصول المعتزلة وكتبهم من حرق وطمس وتدمير، ولم يبقَ إلا أقل القليل مما نقله عنهم مؤرخو الفرق الدينية، ومعظمها من منظور الخصوم.

كان المرحوم أحمد أمين أول من تعرض بالدرس المنهجي والتحليل التاريخي لفرقة المعتزلة في التراث الإسلامي في كتابه الرائد «فجر الإسلام»، تتبع فيه بذور الفكر المعتزلي ونشأة المعتزلة وأعلامها، ثم وَالى اهتمامه بهم في الأجزاء التالية من موسوعته: «ضحى الإسلام» و«ظهر الإسلام»، وهو الذي توقف به البحث حتى القرن الرابع الهجري، الذي شهد ذروة ما وصل إليه المعتزلة من توقد وتوهج وتأثير في مجمل حركة الفكر الإسلامي بعامة، وعلم الكلام والعقيدة خاصة.

ومنذ قدم أحمد أمين إسهاماته في درس المعتزلة خاصة في الجانب التاريخي والكلامي من هذه الفرقة الإشكالية، فتح الباب واسعا لطلابه وتلاميذه، الذين أصبحوا أساتذة كبارا بعد ذلك، لدرس الجوانب المختلفة والمتشعبة والإسهامات المتنوعة للمعتزلة في مسار الفكر الإسلامي والثقافة العربية طيلة أربعة قرون أو يزيد قليلا. فنجد تلميذه محمد عبد الهادي أبو ريدة يترجم كتاب المستشرق الهولندي آدم ميتز «الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري»، والذي أفرد فيه فصلا مطولا عن المعتزلة، هذا إضافة إلى تأليف أبو ريدة لكتابه العمدة «إبراهيم بن سيار النظام»، أحد أعمدة الفكر المعتزلي في القرن الثالث الهجري.

ثم جاء نصر أبو زيد ليقدم دراسته التأسيسية «قضية المجاز في القرآن عند المعتزلة»، الذي درس فيه تفصيلا أثر المعتزلة في الدرس البلاغي للقرآن الكريم، انطلاقا من أسسهم الفكرية والمعرفية، ووضع جهودهم في إطار فلسفي ومعرفي معاصر، في الوقت الذي قدم فيه الدكتور عبد الرحمن سالم دراسته عن «التاريخ السياسي للمعتزلة».

أما عن دورهم في تأسيس علم الكلام والدفاع عن العقيدة، فكتب غير واحد في هذا الموضوع، وإن كان الكاتب الإسلامي محمد عمارة يعد من أغزرهم كتابة في هذا الجانب من جوانب المعتزلة، إذ ترك أكثر من عشرة كتب تدور كلها حولها المعتزلة ودفاعهم عن العقيدة، ما بين تأليف وتحقيق.
يتضح من العرض الموجز السابق، أن فرقة المعتزلة كانت من الفرق الإشكالية في تراثنا الإسلامي، وقد حظيت بدراسات معمقة وواسعة على المستوى الفلسفي، والكلامي، واللغوي، والبلاغي، لكنها لم تحظ بذات القدر علي المستوى “النقدي التربوي” سواء من ناحية الأفكار النظرية أو من خلال محاولات وتجارب تطبيقية، وهو ما تصدى له الدكتور عادل السكري في دراسته الجديدة «النزعة النقدية عند المعتزلة»، الصادرة حديثا عن الدار المصرية اللبنانية، وهو كتاب يتناول جانبا من الجوانب التي لم تحظ بالاهتمام والدراسة في حياة المعتزلة وتاريخهم الثري، إضافة إلى تركيزه على جانب مهمل من إسهامهم الفكري وهو الجانب “النقدي التربوي”.

و”التربية عند المعتزلة” ليس المقصود بها المفهوم الشائع للتربية من حيث الوسائل والإجراءات والرؤى المتبعة في تنشئة الصغار وتعهدهم بالرعاية النفسية والاجتماعية والصحية حتى يصيروا أصحاء أسوياء، بل المقصود هنا هو “التربية العقلية” و”الرعاية الفكرية” والتركيز على مقتضيات النظر العقلي، والإعلاء من شأن التفكير النقدي بما يستدعيه من رفض أي آراء مسبقة أو التسليم بأي فكرة دون عرضها على محك الفحص الحر والنقد المنفتح وطرح التساؤلات والاعتماد على “الشك” في الوصول إلى جوهر الحقائق. فالعقل عندهم “مجموعة من العلوم الضرورية الملازمة للإنسان خلقها الله فيه”.

طبق المعتزلة هذا المنهج الفريد في الفكر الإسلامي، أول ما طبقوه على قضايا الفكر الديني، ذلك أن غرضهم في الأساس هو الدفاع عن العقيدة ضد المشككين، والتصدي لدعوات الفرق والملل المخالفة وهو ما أدى في النهاية إلى بزوغ علم الكلام الذي كانوا سادته وأعلامه بلا منازع. وكان جدال المعتزلة ودفاعهم عن العقيدة الإسلامية في مواجهة أصحاب الديانات الأخرى، عن طريق “الحجج العقلية” فقط، وليس اعتمادا على الأدلة من القرآن والسنة مباشرة، كما كان يفعل أصحاب النقل.
لكن المعتزلة لم يتوقف جهدهم على الجوانب الدينية والعقدية فقط بل تخطاه إلى النظر في طبيعة المعرفة وماهيتها ووسائلها، وإذا كانت “النزعة النقدية” تعني الفحص والنظر والاستدلال العقلي بغرض تبيان الحقيقة والوصول إلى جوهرها، فإن المعتزلة قد انطلقوا في مقارباتهم التأويلية للنص الديني من مبدأ “التحسين والتقبيح العقليين”، وهو أحد المبادئ الأساسية التي تكون ركائز تيار الاعتزال.

هذا المبدأ الأساسي من مبادئ الفكر المعتزلي يقوم على الإعلاء من شأن العقل الذي يدرك بطبعه الذي فطره الله عليه ما في الأشياء والأفعال من قبح فيجتنبها‏، وما فيها من حسن قائم فيها فيقبل عليها، و”لولا أن الله خلق في الإنسان العقل‏، وميزه به على خلقه‏، ليغدو مسؤولا عن اختياره لأفعاله لما كان للثواب والعقاب معنى”، كما يقول المؤلف في الكتاب.
وقد أوضح المؤلف أن المعتزلة أطلقوا على أنفسهم “أنصار العدل والتوحيد”، وأيا كانت الخصومة التي كانت بينهم وبين الحنابلة‏، فإن تمجيدهم للعقل إنما هو نزوع يعتز به الفكر الإسلامي الذي تعلم منهم “مبدأ التأويل” ليتسق المعقول والمنقول‏.‏
ويسير مؤلف الكتاب في عرضه وتحليله لمبادئ المعتزلة الخمسة في ضوء نزعتهم العقلانية النقدية، إلى أنه يمكن رد مبادئهم أو أصولهم الخمسة: (التوحيد، والعدل، والوعد والوعيد، والمنزلة بين المنزلتين، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)، إلى مبدأين أساسيين هما: “التوحيد والعدل”.

فالله سبحانه عادل، ودليل عدله أن يكون هناك وعد ووعيد للتفريق بين المثيب والمذنب. لأن الإنسان مسؤول عن أعماله في الدنيا، ومبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مرتبط بمسئولية الإنسان هذه. وللحكم على مرتكب الكبيرة بأنه كافر أو مؤمن، فقط، فعدل الله يتطلب وجود منزلة بين منزلتي الإيمان والكفر، وهو المبدأ الخامس المنزلة بين المنزلتين وهو جزء من عدل الله.
أما المعرفة عند المعتزلة “فتسير في اتجاه صاعد من العقل البشري متأملا في ذات الإنسان وفي الكون وصولا إلى معرفة الله بصفاته من التوحيد والعدل”، معتمدين بقياس الغائب المجرد، غير المُدرك بالحواس، على الشاهد، المحسوس. وذلك بهدف الوصول إلى معرفة الله بصفاته، ثم معرفة أوامره ونواهيه، التي تؤدي بالإنسان إلى الثواب وتنجيه من العقاب، ووسيلتهم لهذه المعرفة، العقل، الذي يبدأ من المحسوس مستخدما البديهيات، ليصل إلى معرفة ما غاب عنه.

وانطلاقا من هذا التصور للمعرفة، فإن معرفة معنى كلام الله في فهم المعتزلة تشترط معرفة قصده سبحانه، ومعرفة حالة وقوع الكلام، ومواضعة الكلام. وقد اتفق المعتزلة وخصومهم من الأشاعرة على شرط معرفة “مواضعة الكلام”، أي معرفة دلالة الكلمة في اللغة، فقد اختلفا في أصل المواضعة ومصدرها، وهل معنى الكلمة توقيف من الله، أم اصطلح عليه الناس.
فالأشاعرة قالوا إن القرآن قديم، أي غير مرتبط بزمن نزوله على النبي. واللغة عندهم أصلها التوقيف من الله، استنادا الى قول القرآن الكريم في سورة البقرة “وعلم آدم الأسماء كلها”، وقالوا بأن الكلام صفة ذاتية قديمة.
وعلى العكس من ذلك، قال المعتزلة إن القرآن مخلوق لأن الكلام صفة من صفات الفعل الإلهي وليس صفة من صفات الذات، فإذا كان القرآن قديما، هذا معناه أن هناك قديما آخر مع الله، وهذا شرك في نظرهم، وذهبوا إلى أن المواضعة اللغوية اصطلاح بين البشر وليس توقيفا.
شيوخ المعتزلة وكبارهم اتخذوا من وجود “المحكم والمتشابه” في القرآن الكريم طريقا للفحص النقدي، فأكدوا دور العقل في التمييز بين المحكمات والمتشابهات، ورتبوا المحكم والمتشابه جميعا على أدلة العقول، وذهبوا إلى أن وجودهما في القرآن ربما يكون أقوى في المعرفة وأصلح للناس؛ ذلك أن المتشابهات تؤدي إلى اجتهاد الناس في أن يعرفوا الحق بعقولهم استهداء بتلك النزعة العقلية. هذا كتاب مهم، بذل فيه مؤلفه جهدا كبيرا في الإحاطة بموضوعه، ومكابدة قراءة نصوصه الأصلية على صعوبتها ومشاقها، ولعله بكتابه هذا يكون دافعا إلى إعادة النظر والاعتبار للتيارات العقلانية في تراثنا القديم وتكون خطوة على طريق عقلانية “خافتة” لم يكتب لها بعد “التوهج” و”الانتشار” في واقعنا المعاصر.

- Mofaker
 
إن أصل مسألة خلق القرآن هو قيام القسّ النصراني وعامل بني أمية في بيت المال و آخر آباء الكنيسة الشرقية يوحنا الدمشقي بالطعن على الإسلام, وهو أوّل من ألّف كتابا في الطعن في الإسلام يحميه مركزه عند بني أمية, وللعلم فإن هذا الكتاب مطبوع اليوم ويستطيع أي احد الرجوع إليه بعنوان " الهرطقة المائة ".
أول من قال بأن كلام الله غير مخلوق هو يوحنا الدمشقي النصراني.
قال للمسلمين في الشام: هل تقولون بأن عيسى كلمة من ربه أوحاها إلى مريم وروح منه؟
قال المسلمون: نعم
قال يوحنا الدمشقي: وكلمة الله غير مخلوقة، إذن عيسى غير مخلوق.
(انظر : يوحنا الدمشقي " الهرطقة المائة " ص 71 ط 1997 / بيروت . )


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire