الوثيقة القادرية

الوثيقة القادرية
الوثيقة القادرية انحراف عميق في تاريخ الامة

samedi 1 février 2014

سلسلة في الصميم ـــــ كــــــــــــــتـــــابـ ـــ السّلفيّة هي العدوّ ـــ خمس رسائل ـ الرسالة الثانية دعــم السلفية للنظم الوراثـيّة حمّادي بلخشين



سلسلة في الصميم ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ  كــــــــــــــتـــــاب ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السّلفيّة هي العدوّ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ خمس رسائل ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


حمّادي بلخشين

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ                                        ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بسم الله الرحمن الرحيم
"  إن الملوك اذا دخلوا قرية أفسدوها و جعلوا اعزة اهلها أذلة و كذلك يفعلون "
النمل                 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ   2 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الرسالة الثانية
دعــم السلفية للنظم الوراثـيّة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ    3   ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
و الناس من هول الحياة / موتى على قيد الحياة

نجيب سرور

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ  4   ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
محتويات الرسالة الثانية

إضاءة ........................................................................................  7

الباب الأول: الرسول أمات العصبية القبليّة و السلفية بعثتها من جديد.....         9

فصل/ الملكية تذل الإنسان و تفسد العمران و لا صلة لها بدين الإسلام.......   11
فصل /لا للجيش و لا لقريش.......................................................       13
فصل/ كيف وردت صورة معاوية حسب التصور السلفي المعاق و المعيق  15
فصل/ لقطة  سلفية مخلة بالشرف.........................ز............   17
فصل /الأهمية  التاريخية العظمى لمعاوية محيي العصبيات................       19 فصل/الصحابة يغيظون الكفار(*) و معاوية يغيظ المسلمين  ..............      21   
فصل/ ما كان معاوية صحابيا الا في خيال السلفية..........................        23
فصل/ هوس خلدوني سلفي.....................................          25

الباب الثاني: جناية السلفية على الشورى الإسلامية .........................         29

فصل/ الشورى الإسلامية قبل المسخ السلفي.................            31
فصل/ الشورى نهب العبث السلفي.............................          33
فصل/الشورى و ظروف فرضيتها..............................          35
فصل / قصور العقلية السلفية عن استيعاب الشورى و مقاصدها         37
فصل/ وقاحة سلفية معتادة.....................................          39
فصل /الإسلام محجوب عن المسلمين بالخشب السلفية  غير المسندة     41
فصل/ وقفة قصيرة مع كتاب الإسلام السياسي للمستشار على العشماوي 45
فصل/ إضاءات..........................................................................  47

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ  5 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
" نعوذ بالله من جنون موصول بإنقياد الأمور و طاعة الرجال "
ابو حيان التوحيدي

" و هكذا يفسد كل من فقد المخطّىء له و الموبّـخ له إذا أساء، و المقوّم له اذا إعوجّ. لا يسمع إلاّ صدق سيّدنا و أصاب مولانا "
ابو حيان التوحيدي
" أخلاق الوزيرين" 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ  6ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إضاءة
                               

" كل امم الأرض استفادت من هزائم الماضي الا نحن، كل هزائمنا تحولت سلفيا الي أمّ معارك  تستحق الإحتفال. حتى رجال الكنيسة هبوا من غفوتهم و محوا سيئآت ماضيهم المتآمر مع الملوك ... ففي حين يقتل القساوسة في الأريزونا في سبيل مصالح صغار المزارعين، وفي حين يتقدم القساوسة المظاهرات الشعبية  في اوكرانيا وبورما  وغيرهما من البلاد النصرانية، تصرّ بقراتنا السلفية المقدسة على تنويم الشعوب و الزعم بان كل ما حاق بنا كان نتيجة مؤامرات خارجية . و ان تاريخنا مضيء و لا شائبة عليه، و أن أعداء الإسلام هم من يسعى لتشويهه.

ــ ذات مرة صنع أحد العباقرة سيارة فاخرة و سخرها لقضاء حوائج كل الناس. قبل أن يموت اوصى أبناءه: لا بد لسائق هذه العربة أن يكون كفؤا،لا تهم جنسيته، المهم الكفاءة ، حتى لو كان عبدا اثيوبيا. بعد ذلك ودع اولاده ومات. عمل الأولاد بوصية والدهم لمدة قصيرة توالى على سياقة السيارة اربعة سائقين جيدين، بعد ذلك استولى احد الأشرارعلى السيارة بالقوة ثم سخرها لخدمة اغراضه الشخصية والعائلية، قبل ان يموت، اوصى بان يرثه ولده في قيادة تلك السيارة. كان ولده مقامرا و كسولا، لأجل ذلك باع محرك السيارة و قامر بثمنه وخسر كل شيء، بعد ذلك وجدوه ميتا. خلفه ابنه من بعده، و لأن ذلك الإبن كان متخلفا عقليا، فقد نزع العجلات الأربع ووضعها على سطح السيارة !.عندما لامه بعض العقلاء عن تصرفه الغريب، تكلم كاهن بالنيابة عنه وقال : ما فعله سائقنا العظيم ووالده الخالد من قبله كان بارادة الله و مشيئته، فلواراد الله للسيارة ان تسير، فستسير دون عجلات و دون محرك، و لولم يرد الله لها ان تسير، فلن تنفعها كل عجلات الدنيا و محركاتها . فاذا لم تسر عربتنا  فالخطأ ليس فيها ولا في السائق، فالسيارة جيدة،والسائق بارع، ولكن الخطا في الطريق وفي قوم متأمرين لا يريدون لسيارتنا ان تسير!.. ولدي ياسين، العربة هي الإسلام، والسائق هوالملك الوراثي، والكاهن هوالسلفي اللعين الذي يصرّعلى انّ الخطا في الطريق وفي الأعداء و ليس في السائق الأحمق ولا في السيارة المعطبة. 
هكذا اختزل رشيد قصة مأساتنا ... حين انصرف ياسين لإحضار بعض العصير، همس لي رشيد :
ـــ  ما لم اقدر ان اضيفه لياسين، ان شكوي امتنا من تآمرالقوى الخارجية عليها كشكوى امراة جذابة جلست عارية على قارعة الطريق ثم شرعت تصيح" الحقوني هذا اغتصبني، وهذا تحرش بي" . (1)
   إن الدمارالذي الحقه الغباء السلفي بأمتنا يفوق أي دمار قد يتوقع حدوثه من قبل اي عدو خارجي، بل من قبل  كلّ قوى الشر مجتمعة.فلو اجتمعت شياطين الإنس و الجن على المكر بامتنا، لما تفتقت اذهانهم الشيطانية عن فكر سلفية تمثلت في إحياء العصبية الجاهلية وطرحها في ثوب اسلامي  وجعلها الفيصل و المؤهل لإختيار حكام المسلمين و تحكيمهم في مصائر أمة محمد .ولو اجتمع اعداء الإسلام لتوهين عرى ديننا وتعطيل كل اجهزة مناعته لما قدروا على النيل منه كما فعلت السلفية حين مسخت الشوري الإسلامية التي مارسها الرسول وربى عليها الصحابة و ارسى عليها سياسة الدولة، و حولتها الي فيتو ملكي في استطاعته الإطاحة بكل اجماع شعبي ورميه في المزبلة .باعتبار ان الكلمة الفصل و القرارالأخير بيده!
سيكون ارساء الملكية، و اضاعة الشورى، هما محور حديثنا في هاته الرسالة الثانية من كتاب " السلفية هي العدوّ". والله ولي التوفيق.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) بعض ما جاء في الفصل الثاني  من روايتـنا" مآذن خرساء".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 7 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 8 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الباب الأول

الرسول أمات العصبية القبليّة و السلفية بعثتها من جديد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 9 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 10 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فصل
الملكية تذل الإنسان و تفسد العمران و لا صلة لها بدين الإسلام
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    يعدّ" توريث الحكم مصادرة كبيرة لحق الأمة في اختيار من يحكمها و مصادرة لحقها الشرعي و القانوني و الدستوري، و مصادرة هذا الحق هو مصادرة للحرية الفردية والجماعية بل هو استعباد للأمة واخراجها بالمطلق من دائرة الكينونة الى دائرة العدمية والعبثيّة.ان توريث الحكم  معناه حرمان الأمة من الخلاص" (1) ثم حرمان البشرية عموما من المخلص المتمثل في الفرد المسلم التي اذلته الملكية و مسخت روحه، وافقدته الثقة في نفسه ودينه وولدت عنده الإحساس الدائم بالإحتقار الذاتي  مما دفعه  دفعته الى الشعور بالعدمية لينتقل من عنصر فعال ومؤثر على مستوى عالمي الي " ميت على قيد الحياة "( أو كما يقول المثل العامي التونسي ياكل في القوت  ينتظر الموت)  و تلك حتمية اجتماعية أكدها المتناقض الشهير بن خلدون  حين كتب"  من كان مرباه بالعسف و القهر، سطا عليه القهر و ضيق على النفس في ابسـاطها و ذهب بنشاطها و دعاه الى الكسل و حمله على الكذب و الخبث، وهوالتظاهر بغير ما في ضميره خوفا من انبساط الأيدي بالقهرعليه، وعلمه المكر والخديعة لذلك، وصارت له هذه عادة وخلقا، وفسدت معاني الإنسانية التي له، من حيث الإجتماع والتمدن، وهي الحمية و المدافعة عن نفسه أو منزله، وصار عيالا على غيره في ذلك، بل و كسلت النفس عن اكتساب الفضائل والخلق الجميل، فانقبضت عن غايتها و مدى انسانيتها، فارتكس وعاد في اسفل سافلين، و هكذا حدث لكل امة وقعت في قبضة القهر و نال منها العسف  " ( بن خلدون المقدمة)

    لقد ادى الدفاع السلفي عن الشرعية الملكية و جعلها من صميم الحكم الإسلامي و مسلّماته، الى اتهام رسولنا من قبل بعض العلمانيين، بأنه كان طالب ملك و مجد دنيوي لقومه! من ذلك ما أورده معروف الرصافي  في سفره الضخم"الشخصية المحمدية" حين كتب" قد مر بك آنفا ما قاله اسيد بن حضير لمحمد يارسول الله: ارفق به [ أي بعبد الله ابن سلول ] فو الله لقد جاء الله بك و ان قومه لينظمون له الخرز ليتوجوه [ أي يجعلوه ملكا عليهم ] فإنه ليرى انك استلبته ملكا .... كان ينبغي لمحمد ان لا يسكت على هذا الكلام الذي تكلم به اسيد بن حضير، بل كان ينبغي له ان يقول له: يا اسيد، ان كان قومه يريدون ان يتوجوه ويملّكوه فما انا بمانعهم من ذلك، و لا أنا بمنازعه ملكه لأني ما جئت أطلب ملكا وانما جئت رسولا من الله ادعوهم الى عبادة الله وحده لا شريك له، وأهديهم الى الحق و أنقذهم من الضلال الذي هم فيه، و لكنّ محمدا سكت عن ذلك و لم يقل شيئا لما علمت فيما تقدّم من الغاية التي يرمي اليها محمد، والتي ينطوي فيها أن الإئمة من قريش، و صيرورة عبد الله بن ابيّ و غيره من العرب ملكا ينافي ذلك، فمحمد و ان كان لم يطلب لنفسه ملكا، ألا انه يطلب الملك  لقومه من قريش "[!!] (2) .                                                                                
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) يحيى ابو زكرياء " توريث الحكم مصادرة لحق الأمة " خاص بموقع آراب تايمز                                                            
عجبا لأمر هذا الجزائري الشجاع، كيف وفق بين مهاجمة الملكية و بين مدح احط ما عرفت البشرية من الملكيات عبر تاريخها الطويل و اعني بذلك مدح الشيعة و عنتريات حزب" الله الشيعي " الجوفاء  في لبنان , ثم  تجربة الخميني الذي أ ثبت العصمة لنفسه  و لمن ينوبه باعتباره نائب الإمام الغائب ثم ليبشر بنظام كهنوتي بائس يرجو خروج  حبيس سرداب وهمي  يعلم كل علوم و لغات العالم ليخرج للناس حتى يحكهم بنظرية الحق الإلهي المقدس، فلله في خلقه شؤون!.
(2) هو نفسه  الشاعر معروف الرصافي " الشخصية المحمدية" ص 93  . أما الكاتب المصري عبد الكريم خليل=                                                                                       
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ  11   ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فحاشا  لنبي  بشّر بتكريم الإنسان(( و لقد كرمنا بني آدم)) و بعث للناس كافة بصرف النظر عن عقيدته(و ما ارسلناك الا رحمة للعالمين ) وحاشا لنبي  ندد بالعصبية وسماها منتنة ( دعوها انها منتنة )  أن يرسي نظاما ملكيا كان الوحي قد أخبر بحال القائمين عليها وكونهم  "اذا دخلوا قرية افسدوها و جعلوا اعزة اهلها اذلة و كذلك يفعلون" .               
  ثم أليس في وفاة الذكور من ابناء النبي حياته ابلغ دلالة  دلالة على إغلاق الإسلام  ابواب الملكيات الوراثية و بشكل نهائي ؟ وإلاّ فهل يطيب للمسلمين تولية غير ابنائه لو ظلوا على قيد الحياة  ؟   

 ـــــــــــــــــــــــــــ
=  فقد كتب " ولنذكر هنا ان محمدا عندما مرض مرض الموت، وقبل ان ينتقل للرفيق الأعلى راضيا مرضيا بعد ان ادي الأمانة كاملة وحقق حلم اجداده باقامة دولة قريش التي تحكم الجزيرة كلها " و أورد في موضع آخر متحدثا عن" الصحابة الذين استجابوا لدعوته  و انخرطوا في السرايا التي كونها ليؤسس  دولة قريش حلم أبائه واجداده بدءا من جده العلى قصي ...  و كان [ الرسول] يرى في اشد حالات الضيق معالم دولة قريش امنية الأسلاف راي العين"  ص 8 نفس
 من  سلسلته السوداء " شدو الربابة باحوال مجتمع الصحابة" .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ  12  ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فصل
 لا للجيش و لا لقريش

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 " ليس لدينا غير وسيلتين لتغييرالسلطة: الجيش أو قريش" ذلك ما اعلنه أحد العلمانيين من ابناء المسلمين من منبر محطة فضائية يتابعها الملايين، فكان ما اعلنه بمثابة لطمة مباشرة على وجوه النظارة، فقد حسم الرجل أمر الإسلام  في ثوان معدودات، حين جعل الملكية الوارثة أو الإنقلاب العسكري هما كل ما لدى أمتـنا من آليات التغيير.              

و قد مرت لطمته  دون ردّ  خلال كلّ البرنامج فلم تكلـف الثدييات الإخوانية والرخويات السلفية نفسها عناء الردّ على الرجل, لأنها  لوفعلت ذلك، لزادت الطين بلّة, ولدعّمت قول المتحدث العلماني الغافل عن حقيقة إسلامنا العظيم  .

    فلنبحث الأن مدى صواب ما صححته السلفية من مرويات تذهب الى أن " الخلافة في قريش" أو اجتهادت تسليم الإنقلابي الناجح  ـ المتغلب حسب التسمية التراثية ــ حكم المسلمين .                                  

   خلال ما يقارب اربعة عشر قرنا  بنى الطغيان الملكي  شرعية  بقائه الثقيل على مرويات مريبة   ذات رصيد من المصداقية أفرغ من عقل سلفي، وعلى حجية أوهي من خيوط العنكبوت لمنافاتها العقل والنقل.  و لعل  حديث "الأئمة من قريش " هو اشهر ما ورد في المسألة .                                                                 

 " فإذا أعدنا دراسة الحديث متن او سندا، نجد الظنية تحيط به من كل جانب ــ  برغم  كون سنده صحيحا.
ــ ظنية كونه من الآحاد، وظنية مخالفته للقرآن الكريم في قوله تعالى ((إن أكرمكم عند الله أتقاكم))، و مخالفته لأحاديث آحاد مثله ترفعها موافقتها للقرآن الكريم عن درجته، تتعلق بمساواة المسلمين ذمما و دماء، كالتي اخرجها أحمد في مسنده و ابو داود و النسائي في سننهما و المسند الجامع 9/260 , 11/139 , 13/181 و الزيلعي في نصب الراية 3930 . كما أن ما ذكر من استشهاد ابي بكر به يوم السقيفة غير صحيح، ولا تؤيده الروايات الثابتة(1)، بل لم يقع ذكر الحديث في أي مرة انتخب فيها خليفة راشد كما هو صحيح. وما ادعي كذلك من اجماع الصحابة على اشتراط القرشية غير صحيح،  ينقضه رفض سعد بن عبادة الصحابي الجليل مبايعة ابي بكر
وعمر واصراره على ذلك الى ان توفي، و ليس في عنقه بيعة لأحد من الخلفاء الراشدين ... كما
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) فعلي سبيل المثال حين نقرأ وقائع السقيفة كما اوردها ابن قتيبة ـ وهو نفسه مؤرخ سني ذي نزعة سلفية ـ في كتابه " تاريخ الخلفاء" المعروف " بالإمامة و السياسة" نجد أن أبا بكر لم يحتج مطلقا على الأنصار بنص منسوب للنبي صلى الله عليه و سلم، و إنما تكلم عن سبق المهاجرين للإسلام و بلائهم فيه،  وقرب موقعهم من النبيّ،الي قريش. اشارة من يعرض رأيا لا اشارة من يحتج بنصّ مرفوع، باعتبارها القوة السياسية الوحيدة المؤهلة لحكم العرب" (ص 320)... وقد ترافع ابو بكر مدافعا عن حق المهاجرين فقال" لن يعرف هذا الأمر إلاّ لهذا الحيّ من قريش، هم أوسط العرب نسبا و دارا" و كما هو واضح في هذا النص[ كلام ابي بكر] الوارد في البخارى، فإن ابا بكر لا ينسب القول الي النبي صلى الله عليه و سلم، و إنما هو يتكلم عن رؤية سياسية قائمة على تحليل الواقع القبلي العربي حينذاك" ص322) (( انظر كتاب " السلطة في الإسلام" ، لعبد الجواد يس).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 13 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ان نصوصا اخرى نبوية صحيحة تعارض حديث الأئمة من قريش، وردت متأخرة عليه في حجة الوداع، مثل حديث السمع و الطاعة ولو لحبشي. و ما ورد في خطبة الوداع عن مساواة المسلمين لبعضهم فيكون بذلك اشتراط القرشية في الإمامة منسوخا على أقلّ تقدير... و لعل ما يضعف الأحاديث الواردة في امامة قريش، لجوء بعض الرواة الى احاديث بيّنة الوضع مثل مانسب الى الرسول صلى الله عليه و سلم  من حديث عامر بن شهر" انظروا قريشا فخذوا من قولهم و ذروا فعلهم " و هو عين ما يقوله بعض الصوفية "أطع شيخك و ذر فعله" مما جعلوه مسندا لبدعة رفع التكليف عند ضلاّلهم... وهذه الظنيّة المحيطة بالحديث والآخذة بتلابيبه من كل جانب، جعلت متأخري الحنفيّة وعلى رأسهم نجم الدين الطرطوسي يعتبرون الأصل في سياسة الحكم و التـصدي لقيادته، المساواة المطلقة بين المسلمين، وإن لم يصرّحوا بضعفه أو بنسخه " إهــ (1)                                                                            

  لأجل ذلك  فان الأسلام لا يعترف بالحكم  لقريش، إلا لقرشي كأبي بكر جاء الى السلطة عن طريق مؤهلاته الإسلامية الخالصة، ثم ترك السلطة دون أن يورثها قريبا له,. أو لعسكري انتخب لنفس المؤهلات لقيادة المسلمين ثم سلمها من بعده  لمن هو احق بها .

ثم هاكم كيف استغل معاوية بن ابي سفيان ــ و هو آخر شخص  تحق له الخلافة و عين مهاجري أو أنصاري تطرف ـ تلك النوعية من المرويات المضطربة، والتي تضمنت ما يشير الى ان رسول الله قد بشره بإلإمامة الكبرى! والى أنه ثالث أمناء ثلاثة (حسب الحديث الموضوع " الأمناء ثلاثة جبريل وانا ومعاوية") ليتجرأ على أسياده صحابة رسول الله تـطاولا و لعنا و تقتيلا، عاكسا مسار الإسلام و منحرفا به إنحرافا لم يتدارك بالتصحيح الى يوم الناس هذا. و ربما الي يوم النفخ في الصور.                                                                                                         

  فـلنلق نظرة سريعة لنر معا كيف غرست شجرة الملكية الملعونة، والتي اثمرت زقوما وغسلينا لتحتل مكان الدوحة الإسلام الظليلة. ولا سيبل لنا الى تناول المسألة بالتفصيل، بغير ذكر ما عرف في تاريخ الإسلام  ب"الفتنة الكبرى"، و ما كانت فـتنة اصلا، لا كبرى ولا صغرى، لأن موقف الأطراف المتصارعة كانت واضحة كما كانت أوراق الفئتين مكشوفة, في حين أن من سمات الفتنة إختلاط الحق بالباطل، وعدم وضوح الرؤية. وبالتالي تعذر التمييز بين المحق والمبطل. ولكن المنظومة السلفية  سمتها كذلك  بعد أن حظرت على الناس النظر في وقائعها، حتي يتم غلق ملفها نهائيا تستّرا على بطلها الأول معاوية بن ابي سفيان، باكورة الملوك غير الراشدين التي تمثلت كل مهمة السلفية البائسة في المنافحة على عروشهم بالباطل، وتبرير مظالمهم وشرعنة جرائمهم التي سارعت بانحدرانا الى حد أسلمتنا فيه الى الإستعمار الصليبي ثم الي  فراخه العلمانيين من ابناء جلدتنا .                        
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أ. عبد الكريم مطيع  الحمداوي مقدمة تحقيقة لكتاب  " تحفة الترك"  للطرطوسي  ص 232  

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 14 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فصل
كيف وردت صورة معاوية حسب التصور السلفي المعاق و المعيق
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  "عن ابن عباس[قال] اتى جبريل الى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال: يا محمد اقرىء معاوية السلام، و استوص به خيرا، لأنه أمين الله على كتابه و وحيه، و نعم الأمين" ثم اورده ابن عساكر من وجه آخر عن عبد الملك اابن ابي سليمان، ثم اورده ايضا  من رواية علي و جابر بن عبد الله ": أن رسول الله صلى الله عليه و سلم استشار جبريل في استكتابه معاوية[اتخاذه كاتبا] فقال استكتبه فانه امين"... و قد اوردنا من طريق ابي هريرة و انس و واثلة بن الأسقع مرفوعا " الأمناء ثلاثة جبريل وانا و معاوية "الأمناء سبعة: القلم و اللوح واسرافيل و ميكائيل و جبريل و أنا و معاوية " !!                                                                                      
كما روى أحمد بن حنبل: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي...عن العرباض بن سارية قال: سمعت رسول الله ص يقول " الله علـّم معاوية الكتاب و الحساب وقه العذاب "( تفرد بن الجنرال أحمد بن حنبل!!) و عن واثلة مرفوعا :" كاد معاوية ان يبعث نبيا من حلمه و إئتمانه على كلام ربيّ "[!!] و عن ابن عباس قال: لما انزلت آية الكرسي دعا معاوية فلم يجد قلما و ذلك ان الله امر جبريل ان ياخذ الأقلام من دواته فقام ليجيء بقلم فقال النبي صلى الله عليه و سلم: خذ القلم من اذنك فاذا قلم ذهب مكتوب عليه " لا اله الا الله, هدية من الله الى أمينه معاوية"[!!] وعن ابن عمر مرفوعا: " يا معاوية أنت مني وانا منك، لتزاحمنّي على باب الجنة"! وعن أنس مرفوعا " دعوا لي اصحابي و اصهاري".                                           
 
  لأجل كل ذلك الحشد الهائل من المرويات السخيفة التي لم يصح منها شيئ، أعتبر معاوية بن ابي سفيان سلفيّا, المقياس وان شئت فقل " الميزان في حب الصحابة و مفتاح الصحابة" ...أما أن تأخذ الكل أو تـترك الكلّ ! A prendre ou a laisser،  فكراهية معاوية يعني سلفيا كراهية ابي بكر وعمرو عثمان وعلي  و بقية العشرة المبشرين بالجنة وسائرالمهاجرين والأنصار، وبالتالي كراهية الإسلام !... سئل احمد بن حنبل أيّما أفضل معاوية أو عمر بن عبد العزيز؟فقال: لغبار لحق بأنف جواد معاوية بين يدي رسول الله ص خير من عمر بن عبد العزيز !"(1)                                                                                                         
 
  لم يكن يخطر على بال أحد الصحابة أن معاوية يعد  منهم، بل كانوا رضوان الله عنهم  ينظرون الى مسلمي الفتح بريبة و حذر، حتى ان الفاروق عمر أوصى  بأن لا يكون خليفة المسلمين منهم ولا حتى من ابنائهم " روى عبد الرحمن بن ابزى عن عمر انه قال : هذا الأمر في اهل بدر ما بقي منهم أحد، ثم في اهل أحد ما بقي منهم احد، ثم في كذا و كذا و ليس فيها لطليق ولا لولد طليق
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ                                                                 
(1) الشيخ ابراهيم رمضان في تعليقه على هوامش "الفرق بين الفرق" للبغدادي ص 23دار المعرفة الطبعة الثانية 1997
  فقيمة العدل والشورى و المساواة و حقن دماء المسلمين و حفظ وحدتهم ثم  نصرة المستضعفين في الأرض كل تلك القيم النبيلة كانت اهون في التصور المختل لإبن حنبل، من غبار دخل في انف حصان معاوية!! فهل هذا السلفي  المعتوه ينتمي فعلا الي دين  ذكر فيه نبيه في معرض الفخر والإعظام لقيمة العدل الذي بنيت عليه السماوات والأرض ، أنه ولد زمن الملك العادل ــ كسرى ــ فأي عار لديانةما ان تضم بين اتباعها متخلفا مريعا في مجال حقوق الإنسان  كابن حنبل؟ .    
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 15 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 و لا لمسلمة الفتح شي"(1) . وعن الأسود بن يزيد قال، قلت لعائشة: لا تعجبين لرجل من الطلقاء ينازع اصحاب رسول الله في الخلافة ؟ فقالت: وما تعجب من ذلك؟ هو سلطان الله يؤتيه البرّ و الفاجر، و قد ملك فرعون أهل مصر اربعامئة سنة، و كذلك غيره من الكفار" (2)

   كما كان موقف صحابة رسول الله تجاه معاوية عنيفا، فها هو سعد بن عبادة يدخل عليه(وقد حاربه مع عليّ رضي الله عنه) ليخبره بكل صراحة انه قد  بايعه كارها فيجيبه معاوية :" و لم ؟ و هل انت إلاّ  حبر من أحبار اليهود ! فيقول له قيس : وانت يا معاوية كنت صنما من اصنام الجاهلية دخلت في الإسلام كارها و خرجت منه طائعا"(3) .                                 

و اما ما قيل عن حلم معاوية فمجرد دعاية سياسية رخيصة، و إلاّ كيف يقدم(وهو الحليم) على اعدام الصحابي الجليل حجر بن عديّ و أصحابه بعد أن خيرهم بين الموت و لعن عليّ رضي الله عنه،  في الوقت الذي كان فيه مستقراّعلى العرش، و لم يكن جحربن عديّ يشكّل أي خطر على مملكته ؟!.                            
(كان السبب المباشر لقتل حجر بن عدي  تنبيه خطيب الجمعة على فوات وقت الصلاة ! ).                   
قيل لشريك " كان معاوية حليما ؟ قال ليس بحليم من سفه الحق و قاتل عليّا ". (4)       
كما يرو ى عن الحسن قوله :" اربع خصال كنّ في معاوية لو لم تكن فيه الا واحدة لكانت موبقة ,انتزاؤه على هذه الأمة بالسيف حتى اخذ الأمر من غير مشورة و فيهم بقايا الصحابة و ذوو الفضيلة[هذه اشارة الى استبعاد معاوية من جملة الصحابة] واستخلافه بعده ابنه، وادعاؤه زيادا و قتله حجرا و اصحاب حجر. فيا ويلا له من حجر فيا ويلا له من حجر يا ويلا له من حجر و من اصحاب حجر"(5)                                                                                                               
ــــــــــــــــــــــــــ
(1) بن الأثير أسد الغابة في معرفة الصحابة ج 4 ص157
(2) بن كثير البداية و النهاية ج 8 ص 527
(3) نفس المصدر ج8 ص 394
(4) نفس المصدر ج 7 ص 525
(5) بن الأثير الكامل في التاريخ ج 3 ص 209

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 16 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ







فصل
لقطة  سلفية مخلة بالشرف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   في موقع أنترنت ساخن يستقطب انتباه أصحاب الرأي الحرّ  وكلّ التائقين الى تحقيق الكرامة ألإنسانية و إخراج أمتنا من مخرأتها اللفية القذرة،  وفي معرض انكار احد هؤلاء على موضة  توريث  الحكام العلمانيين كراسي الحكم لأبنائهم, كتب بعضهم" في الحقيقة أنا لا أرى أي فرق بين معاوية و حافظ الأسد و صدام والقذافي، لماذا نلومهم إذا كنا لا نستطيع ان نلوم معاوية الذي ورّث الخلافة الإسلامية لولده يزيد بن معاوية ؟!..."  فانبرى متخلف سلفي يرد عن صاحب المقال كاتبا ما يأتي نصه: " فبعد هذا الهجوم المنظم في حق من اختارهم الله لصحبة رسوله  وجعلهم الله أمناء على الإسلام[ !] , كان لا بدّ من ردّ احقاقا للحق، و وقاية للأمّة مما يجهز لها[  لسّه بعد!! ]  وظنّي بهم [ المنتقدون لمعاوية] ان الغضب سوف يخرجهم من حضيرة البشرية التي لا اعلم أينتمون لها أم لا؟! فيا ليت هذه العقول التي أعمتهم أن تهديهم و لو مرة واحدة لأن يتساءلوا كيف طاب لهم ان يجرّحوا في رموز الدين ؟!"( موقع أراب تايمز 17/1/2005)
 
   فإن كان العلماني قد شكك في معاوية (الذي لا يعدّ من الصحابة)،  فقد شكك السلفي المتدخل في الله تعالى الذي وضع الأمانة (حسب اعتقاد السلفي القاصر) في غير محلها! حين أتمن على دينه من ليس أهلا لحمل تلك الأمانة!. فمعاوية هو من سنّ فرض الحكّام على الأمّة بقوّة السلاح كما سن ارهاب الدولة... جاء في عيون الإخبار لإبن قتيبة الدينوري ج2ص 606 " اجتمع الناس عند معاوية و قام الخطباء لبيعة يزيد و اظهر قوم الكراهة فقام رجل يقال له يزيد بن المقنّع و اخترط من سيفه شبرا ثم قال :" امير المؤمنين هذا، واشار الى معاوية. فإن يهلك فهذا، وأشار الى يزيد فمن ابى فهذا، و اشار الى سيفه،  فقال[ معاوية] أنت سيد الخطباء!)إهــ

  ثم اعجبوا معي من حال السلفي الذي صورت له غفلته أن "الأمة" على أحسن ما يرام، وأن المؤامرات لم تعصف بها بعد،  ولم  تردّها الى الحضيض،  بل هي " تجهّز" لها فقط ! ثم عن أي "رموز دينية" جديرة بالتقدير يتحدث ذلك المختل السلفي ؟! في زمن يفتن فيه المسلمون بأنباء حزم المواطنين الغربيين (الذي يحاسبون حكامهم على الفتيل والقطمير، بل ويحاسبونهم على نياتهم !!  فقد طالب أخيرا جمع غاضب من مواطني السويدا باستقالة وزيرة خارجيتهم لا لشيء الا انها ذهبت الى المسرح عشية وقوع نكبة اعصار "سيامي" الذي اودى بحياة سويديين كثر كانوا في رحلة سياحية الى البلاد المنكوبة، و قد رأوا في حركتها تلك  نقصانا معيبا  في شعورها بالمسؤولية الوطنية، وتشكيكا  في تعاطفها مع المنكوبين من بني جلدتها . فما كان منها الا ان طارت الى مكان الإعصارالمذكور، رتقا للفتق، وجبرا لخاطرهم، و محافــظة على مكانتها في قلـوب مواطنيها بإعتـبارها تمثلهم و تمثل القيم التي يتبنونها .ثم انظروا الى إستعلاء ذلك البالون السلفي الأجوف، و أعجبوامعي  من عنصريته البغيضة (التي لا يباريه فيها غيراليهود)، و هو يشككّ في انتماء  منتقدي  معاوية الى الجنس البشري ؟! و الحال أنه هو الأجدرمن غيره  بأن يشكّ في انتمائه، ليس فقط لجنس البشر، بل لفصيلة الشامبنزي ذوات المؤخرات المكشوفة. بسبب  عدم ادراكه  جريمة كشف السلفية ظهور المسلمين، و تمكين المستبدين من دمائهم وأموالهم و اعراضهم، حتى ادركنا زمنا سلفيّا كريها ينكح فيه الشاب والشيخ الملتحي في أقبية المعتقلات كما تنكح المرأة، بأن يسلط عليه مساجين الحق العام ينتهكون عرضه دون مؤاخذة قانونيّة،أو جلادون
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 17 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ








مقنّعي الوجوه أو كلاب مدربة على فعل الفاحشة، بل وصل الأمر الى حدّ تهديد الولد بالقتل أن لم يعمل بابيه عمل قوم لوط . ،ثم  اقرأ معى ان شئت، شهادة أمير أموي مخلوع أدلى بها للمنصور العباسي بعدما اخرجه ذات ليلة  من حبسه لتزجية الوقت،  لتدرك أن الحقبة الأموية التي يعد ملوكها من خير القرون لدي السلفية  قد ارتكب فيها من المظالم ما دفع أهل الأوثان الي البراءة من هؤلاء الملوك واستقذار مجالستهم. قال الأمير الأموي المخلوع " قدمت ارض النوبة و أقمت ثلاثا فأتى ملك النوبة و قد خبّر امرنا، فدخل عليّ رجل طوال أقنى حسن الوجه فقعد على الأرض و لم يقرب الثياب [ يبدو انها من النوع الذي يدلّ على الترف الفاجر] فقلت: ما يمنعك أن تقعد على ثيابنا؟ قال: لأني ملك وحقّ على كلّ ملك أن يتواضع لعظمة الله اذا رفعه [انتبه هنا الي قيمة التواضع بالنسبة لملك وثني لم تسند اليه امانة رعاية امة محمد!] ثم قال لي : لم تشربون الخمر وهي محرمة عليكم؟ قلت اجترأ على ذلك عبيدنا و اتباعنا لأنّ الملك زال عنّا [ يبدو أن الملك شاهد خدم الأمير وهم يشربون الخمر، و كان على الأمير أن يصدقه القول، و يصارحه بأن ملوك بني أمية كانوا يعاقرونها على بكرة ابيهم] قال: فلـم تطأون الزرع بدوابكم والفساد محرم عليكم ؟ قلت يفعل ذلك جهالنا. قال فلم تلبسون الديباج و الحريروتستعملون الذهب والفضة وذلك محرّم عليكم ؟ قلت: ذهب الملك منا و قلّ انصارنا فانتصرنا بقوم من العجم دخلوا في ديننا فلبسوا ذلك على الكره منا. قال: فاطرق مليا وجعل يقلب يديه وينكت الأرض ويقول: عبيدنا و اتباعنا دخلوا في ديننا وزال الملك عنّا ! يردّده مرارا ثم قال: ليس ذلك كما ذكرت بل انتم قوم استحللتم ما حرّم عليكم وركبتم ما عنه نهيتم و ظلمتم فيما ملكتم، فسلبكم الله العز وألبسكم الذلّ بذنوبكم، ولله فيكم نقمة لم تبلغ غايتها، وأخاف أن يحلّ بكم العذاب وانتم ببلدي فيصيبني معكم، و انما الضيافة ثلاثة أيام فتزوّدوا ما احتجتم وارتحلوا عن بلدي، ففعلت ذلك ( انظر ابن قتيبة الدينورى كتاب عيون الأخبار ج1ص238) .(1)
                                                                                                                         ثم اعجبوا مما  قاله " نقفور" ملك الأرمن هاجيا العباسيين معددا مفاسدهم :
                   
                   نصرنا عليكم حين جارت ولاتكم   وأعلـــنتموا بالمنكرات العظائم
                   قضاتكم باعوا القضاء بدينهم    كبيع ابن يعقوب ببخس الدراهم

 ثم بعد تمجيده عيسي و ذكره رسول الله بما لا يليق ، ذكر فضيحة لعن صحابة المصطفى من بعد موته من أعلى المـــنابر ( التقليد الأموي الذي ابطله عمربن عبد العزيز) فقال:
                     
تـنـاولتم أصحابه بعد موته بسب و قذف و انتهاك محارم (2)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) لعل اقرب ما يكون ما هاته الحادثة ما حكاه لي احد التونسيين المقيمين في الجنوب الفرنسي من ان شابا مغربيا  اشتغل ذات مرة  في ضيعة فرنسي فهضم صاحب الضيعة حقه، فالتجا الشاب الي قس القرية وقص عليه مظلمته. فاستدعى القس صاحب المزرعة وقال له وهو يشير للشاب المغربي الا تعلم ان الظلم هو الذي جعل هذا الرجل يهجر بلاده العامرة بالخيرات، ليشتغل أجيرا عندنا ؟ الاتعلم اننا لو ظلمنا كما ظلموا لحاق بنا ما حاق بهم ؟!. فتعسا للسلفية التي جعلتنا عبرة للكافرين و آية للسائلين و مسخرة للوثنيين .
(2) (ابن كثير البداية و النهاية ج 11ص 296 )                                                                                                                                   
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 18 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ








فصل
الأهمية  التاريخية  لمعاوية، محيي العصبيات
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يعدّ معاوية بن أبي سفيان على الإطلاق، و دون منازع، الرجل الثاني في الإسلام، لا من ناحية الفضل بل من ناحية تأثيره الكبير في مسارهذا الدين العالمي الذي اراده الله رحمة للعالمين مؤمنهم و كافرهم، وجعلته الملكية الجائرة التي وضع معاوية أسسها،رحمة للأرستقراطية الحاكمة و ذيولها من الإقطاعيين. فقد فوجىء العالم الذي هزته فتوحات المسلمين و سرعتهم القياسية في الإطاحة بإمبراطوريات الشر، و" قبل مرور ثلاثين سنة على وفاة الرسول، بالدولة الإسلامية وقد أصبحت مملكة عربية يديرها ملك جالس على عرش وراثي لا يختلف عن الملك جستنيانوس الحاكم البيزنطي، لاّ أن اسمه يزيد بن معاوية بن ابي سفيان، و فيما عدا الإسم، لم يكن ثمة فـروق "(1) .                                                                                                       

    وكما كان الصعود الإسلامي مفاجئا و صاعقا ومبهرا ومتألقا، كان الســقوط مفاجئا وسريعا و مدوّيا بل و مأساويّا. فقد كان  سقوط الكيان الإسلامي الجبار من قمته الشامخة الى أسفل سافـلين بمثابة سقوط جسد بطل أولمبي كانت الملايين تراهن على مستقبله الباهر وغده الواعد بمزيد النصر و التـتويج، قبل ان  تداهمه سكتة قلبية أفقدته الحياة، وأوردته مـــعسكر الأموات، وهو في أوج قوته، و ذروة مجده،  و قمة عطائه .                                                                            
 
    وقد حدث تلك السكتة الحضارية المروّعة، والنكبة العالمية المريعة، بامضاء معاوية بن أبي سفيان، الرجل الذ هوّن الإنقلابات والحركات الإنفصالية، واستهان بأرواح المسلمين، و سهّل على من جاء بعده من المغامرين وطلاّب الشهرة،الخروج على دولة الإسلام  بمبررات تضحك الثكلى وحربه حكومتها المركزية، وتصفية المعارضين، وضرب الشورى عرض الحائط ... وقد اقترف (معاوية) كل تلك الموبقات حين خرج على حاكمه الشرعي، واراق دماء خيار الصحابة ثم جعل ختامها زفت، حين قام بتوريث الحكم و لده المخمور يزيد, ملغيا من قـاموس الحكّام، و الى يوم الناس هذا  قيم الشورى و العدالة و المساواة و الرحمة.                    
  
   لأجل ذلك، كان معاوية دون أدني ريب، شخصية محورية(كارثية) في تاريخ الإسلام، بل و في التاريخ الإنساني برمّته، حتى أنه يمكن لأي مسلم طلب منه اختصر تعريف الإسلام، لمن هو واقف على صفيح ساخن، أن يقول له بايجاز شديد، وفي جملة واحدة " الإسلام مركبة اسعاف عالمية. اطلقها  محمد وأوقفها معاوية . قف إنتهى ".                               
  ولأن عد معاوية شخصية محورية، فلإن تاريخ امتنا قد حمل بصمات سياسته وآثار مخالبه دون سواه. ففي حين تطالعنا بصمات معاوية في كل زاوية من زوايا مشهدنا السياسي  المصبوغ بالدم، وفي حين تأخذ سننه الفرعونية بخناقنا في كل ما يقترفه حكام الجور في زماننا، نفتقد بصمات الرجل الأول ــ محمد ــ وسننه التي لم يعد  لهما أي تأثير يذكر في ميدان السياسة والحكم.               
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الصادق النيهوم" صوت الناس محنة ثقافة مزورة " ص 107                                                                                      

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 19 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فعلى يد معاوية  بدأ تأريخ موتـنا، وعلى يد  معاوية  تمت  نكبة البشرية جمعاء، حدث ذلك حين جمّد عربة الإسعاف العالمية التي تؤمن الخائف و تطعم الجائع و تحترم فيه حقوق الإنسان و حين اوقف تجربة الخلافة الراشدة التي امتدت الى آخر ايام الحسن بن علي رضي الله عنهم وكانت مفخرة الإنسانية، واجتمعت  فيها قيم العدل والرحمة و المساواة مع القوة والتمكن في الأرض" ولو قدّر لتلك التجربة أن تستمرّ و تمتد في عمرالإنسانية أكثر مما امتدت في شوطها التاريخي القصير، لأستطاعت أن تبرهن على كفاءة الإنسانية لخلافة الأرض و لصنعت عالما جديدا زاخرا بمشاعر العدل و الرحمة " (1)  و لقطعت الطريق على قادة الغرب الأشرار (2 )                                                                                     
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) د. محمود محمد باللي "الحرية الإقتصادية في الإسلام"  ص 14
(2)الولايات المتحدة هل هي شرطي العالم أم بلطجي العالم؟ ذلك هو عنوان مقال كتبه الأمريكي
 روبيرت جينسون وقد جاء فيه:" في النقاش الدائر حول حرب الولايات المتحدة الأمريكية على العراق، غالبا ما يبرز السؤال التالي: هل يجب على الولايات المتحدة الأمريكية أن تكون شرطي العالم؟.هنا نحن أمام سؤال جوابه ليس مهما لأن السؤال ذاته خطأ, فالولايات المتحدة لا تقدّم نفسها كشرطي للعالم بل إن مسؤولي الولايات المتحدة يتصرفون بوصفهم بلطجيّ العالم!إن هذا الكلام الدائر كله عن ان الولايات المتحدة هي شرطي العالم يساعد على إخفاء واقع بسيط، وهوأن صنّاع سياسة الولايات المتحدة يتجاهلون بشكل روتيني القانون ويتصرّفون كمارقين "
   و في مقال آخر بعنوان "عصابة بوش ـ بلير" كتب البريطاني  هارولد بيتـنر :" هناك قصة قديمة عن أوليفر كرومويل تقول انه بعد إستيلائه على بلدة" دروجيدا"الإيرلندية، تم احضارالمواطنين الى الساحة الرئيسية، وأبلغ كرومويل ضباطه قائلا: حسنا اقتلوا جميع النساء واغتصبوا حميع الرجال! فقال له أحد مساعديه: عفوا جنرال،ألا تقصد العكس؟ فأنطلق صوت من الحشــد يقول: "السيد كرومويل يعرف ماذا يـفعل". وذلك الصوت هو الآن صوت طوني بلير"[ رئيس الوزراء البريطاني و حليف بوش]السيد بوش يعرف ماذا يفعل"والحقيقة أن السيد بوش وعصابته يعرفون ماذا يفعلون و كذلك بلير... إنّ بوش وشركائه مصمّمون وببساطة تامة على السيطرة على العالم و على ثروات العالم ولا يلتفتون أدنى التفاتة إلى الأعداد البشرية التي ستقتل ضحية ذلك. و بلير يمضي معهم ... إن " العلاقـــة الخاصة " بين الولايات المتحدة وبريطانيا خلال السنوات الإثنى عشر الأخيرة قد أفضت الى موت الآلاف من البشر في العراق وأفغانســتان وصربيا، وكلّ ذلك متابعة للحملة الصليبية الأخلاقية التي تشنها الولايات المتحدة وبريطانيا لتحقيق"السلم والإستقرار" في العالم. إن إستخدام اليورانيوم المستنفذ في حرب الخليج كان فعّالا على نحو خاص و مستويات الإشعاع في العراق مرتفعة بصورة مرعبة فهناك يولد الأطفال دون دماغ و دون عيون ودون اعضاء تناسلية, لديهم آذان وأفواه و فتحات مستقيم، ولا يخرج من كل هذه الفتحات سوى الدماء، و بالطبع فإن بوش وبلير غير مبالين لهذه الحقائق، ولا تنسوا بيل كلينتن الساحر والمبتسم المخادع الذي يحتفى به بشكل ثابت كما يبدو في اجتماع حزب العمّال من أجل ماذا؟ من أجل قتله للأطفال العراقيين أوالأطفال الصربيين[وأطفال المسلمين بسبب منع كلينتن دخول السلاح للمسلمين كي يدفعوا به شراسة و همجية الصرب عنهم].... قال بوش : لن نسمح لأسوا أسلحة العالم أن تبقى في يد أسوأ زعماء العالم، صحيح تماما, انظر في المرآة إذا، انه أنت! إن الولايات المتحدة تطوّر اليوم انظمة متقدمة من أسلحة التدمير الشامل و تستعد لإستخدامها أينما تجد ذلك مناسبا . لقد خرجت من الإتفاقيات الدولية حول الأسلحة البيولوجية والكيميائية رافضة أي تفتيش لمصانعهاالخاصة، وهي تحتجز مآت من الأفغان في معتقل غوانتانامو دون أن تسمح بتسوية أوضاعهم قانونيا رغم أنهم غير متهمين بشيء...إنه اصرار على تجاهل محكمة الجرائم الدولية ... إن تبعية طوني بلير المهينة للنظام الأمريكي المجرم تحطّ من قدر بلده و تجلب له العار " إهــ

....هاتان شهادتان من مفكرين غربيين، وردتا ضمن حشد من الشهادات ضمهم كتاب بعنوان" الحرب الأمريكية على العراق" بقلم نعوم تشومسكي ــ روبيرت فيسك و آخرون من أصحاب الضمائر الحية يدينون فيها اعتداء أمريكا السافر على حرية الإنسان،  في حين نجد آلة التبرير السلفية بشقيها الوهابي و الإخواني تفتي لأمريكا و كل جيوش الغرب بجواز اجتياح بلاد المسلمين ( بن باز ) مستعينة بما في صفوفها من مجندين مسلمين ( القرضاوي) !                                                                          
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 20 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


فصل
                   الصحابة يغيظون الكفار(*) و معاوية يغيظ المسلمين


   معاوية ليس صحابيا، لأن الصحابة، و بكل بساطة، قوم أشداء على الكفار يغيظ الله بهم الكفار، في حين أن معاوية شديد على المسلمين، بالإضافة الي انه يغيظهم ، ويدمي قلوبهم ، و يثير غضب كل المتطلعين منهم الي الحرية و الكرامة و نصرة المظلومين. فلولامني بعض الطيبين (بدافع حبهم للصحابة والخشية على سمعتهم)، عن قولى هذا لأجبتهم : اسمعوا جيدا،  لوقيل قبل 1380 سنة ( زمن الفتوحات الإسلامية) لأباطرة العالم  المرعوبين وملوكه المرتعشين الذين كانوا ينتظرون بين الحين و الحين، قدوم جيوش المسلمين لتحيط باسوار مدنهم تريد فتحها باصرار: لو قيل لهؤلاء الحكام. ايها السادة  لو ظهر في أمة محمد رجل يشغل المسلمين بحروب داخلية، عن تقويض عروشكم، وفتح بلدانكم و قهركم على دفع الجزية محوّلا( أي ذلك الرجل) النظام الإسلامي  الذي يرأسه حاكم تقي مجاهد، الي ملكية وراثية يحكم فيها الزاني والملحد و شارب الخمر، لينتهي الأمر الي ان يصبح العالم الإسلامي الذي يثير ذعركم، كيانا هزيلا مقسما الي اكثر من سبعين محمية غربيّة ذات سيادة شكلية، ترأسها أدوات قتل رهيبة(1) تسيّر من بعد  وتعيش هي و شعوبها على صدقات الغرب و منحه؟ لو ظهر هذا الرجل في امة ألإسلام، وقدم لكم كل هذه الخدمات التي لا تقدر بثمن،  فماذا تعطونه وبما تلقبونه وكيفا تجازونه؟ لو قيل لهم ذلك  لأجابوا و بصوت واحد : هذا الرجل هو قرة اعيننا  و محطّ آمالنا   سنقيم له تمثالا من ذهب، لأنه منقذنا وضامن أمننا، واستقلالنا(2)  لأنه المدمر الفعلي لدولة الإسلام" .هل فهمتم الآن ايها السادة  لماذا يغيظ معاوية المسلمين ؟ و يفرح الكفار ؟ ((( قال الله تعالى عن اصحاب محمد (( ليغيظ بهم الكفار)) الحجرات 29
أما اذا لم يغظك ما فعله معاوية، فلأنك لا تملك من اسلام محمد الا الإسم، فراجع نفسك قبل ان يداهمك الموت.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ  
(*) (محمد رسول الله و الذين معه اشداء على الكفار رحماء بينهم ...ليغيظ بهم الكفار) سورة الفتح
(1)" أحمد الليثي[ وزير الزراعة المصري] يعترف بوجود 60 مبيدا بالأسواق[ المصرية] تسبب السرطان. والخبراء يشيرون الي اصابة 15 مليونا مواطن[ مصري] و 250 الف طفل بالمرض.( انظر جريدة الشعب بتاريخ 5 أغسطس 2005).أن  ما تقتله نظم الإرهاب العلماني في وطننا الإسلامي كل سنة، يفوق بكثير قتلى الحربين العالميتين الأولى والثانية. وحين ينادي المرء بضرورة التصدي المسلح لهاته الإنظمة الدموية، يتباكى السلفيون على الأمن الذي سيفقد! و الأرواح التي ستزهق نتيجة، الإصطدام بهاتيك النظم! ألا ساء ما يحكمون.
(2)لأجل ظلم الكفار(و الكافرون هم الظالمون) حرمهم الإسلام من اقامة كيانات سياسية مستقلة عن دولة الإسلام، حتى  لا تتحكم في مصير البشرية فتشرع لهم بما تمليه عليهم اهواؤهم الشاذة ونفوسهم المريضة, لأجل ذلك كلف المسلمون بالقوامة عليهم.( انظر كيف تشرع تلك النظم للشذوذ وانتهاك حقوق الطفل الضعيف، وهي التي صدّعت رؤوسنا بدعايتها لحقوق الإنسان:" كتبت جريد الشعب بتاريخ 13/5/2005 " صوت البرلمان الإسباني ذو الأغلبية الإشتراكية على مشروع قانون يعترف للشواذ الجنسيين بالزواج فيما بينهم و تبني الأطفال و تكوين اسرة" إهــ فاذا كان الأب الغربي لا يتورع  أحيانا عن اغتصاب فلذة كبده، فكيف يصنع الشاذ بمن تبني من صبية غرباء؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 21 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
   قال بيدبا : " زعموا أن قردا كان ملك القردة يقال له ماهر،  و كان قد كبر وهرم،  فوثب عليه 
  قرد  شابّ من بيت المملكة فتغلب عليه و أخذ مكانه.  فخرج هاربا على وجهه... "
                                         عبد الله بن المقفع
                                              كليلة و دمنة
                                         باب القرد و الغيلم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 22 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


فصل
ما كان معاوية صحابيا الا في خيال السلفية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من هو معاوية:                                                                                            
 أسلم معاوية بن ابي سفيان بعدما تمّ فتح مكّة وجاء نصر الله والفتح ، و كان عمره و قتها 23 سنة و قد إستفاد معاوية من العفو النبويّ عن أسرى قريش، فكان بذلك أحد طلقاء رحمة الإسلام . كما استفاد من التشجيعات المالية التي صرفها رسول الله لبعض الطلقاء تحبيبا لهم في الإسلام أو تأليفا لقلوبهم فهو من المؤلفة قلوبهم أو من مسلمة الفتح .                                                

  و قد رويت في فضائل معاوية أحاديث لم تصحّ،  قال الحاكم: سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب بن يوسف يقول: " لا يصحّ في فضل معاوية حديث". (1) وعن الأصمّ، حدثنا ابي سمعت اسحاق ابن راهويه يقول:"لا يصحّ عن النبيّ ص في فضل معاوية شيء"(انظر لذهبي .أعلام النبلاء ج3 ص 132) ولقد دفع النسائي حياته ثمنا إستنكار سفاهة حنبليّة دفعت بعض أتباع بن حنبل الى سؤاله رواية ما جاء من أحاديث عن فضائل معاوية! فكان جواب الرجل:أما يكفي معاوية ان يذهب
راسا براس حتى يروى له فضائل؟! (2) بمعنى ألم يكف معاوية النجاة من القدح  حتى يمدح!  فما كان منهم الا أن داسوه على خصيتيه حتى تسبب ذلك في موته! و في رواية أخرى انه رد عليهم  : لا أعرف له فضيلة إلاّ قول الرسول له لا أشبع الله بطنك! وهو دعاء على معاوية دعى به عليه رسول الله حين تأخرعنه حين طلبه ذات يوم(  شغله الأكل عن الحضور)! والطريف أن المفسروالمؤرخ ابن كثير(سلفي) قد عدّ ذلك الدعاء فضيلة لمعاوية فقال" و قد انتفع معاوية بهذه الدعوة في دنياه وأخراه[! ]اما في دنياه فإنه لما صارالى الشام أميرا كان يأكل في اليوم سبع مرات[!] يجاء بقصعة فيها لحم كثير وبصل فيأكل منها، و ياكل في اليوم سبع اكلات بلحم[!] و من الحلوى و الفاكهة شيئا كثيرا ويـقول [اي معاوية]: والله ما أشبع وإنما أعيا! و هذه نعمة و معدة يرغب فيها كل الملوك [!] واما في الآخرة، فقد أتبع مسلم هذا الحديث بالحديث الذي رواه البخاري و مسلم و غيرهـما أن رسول الله قال اللهم انما أنا بـشر فأيّما عبد سببته أو جلدته أو دعوت عليه، و ليس لذلك أهلا فأجعل ذلك كفارة و قربة تقربه بها عندك يوم القيامة، فركّب مسلم من الحديث الأول لا أشبع الله بطنه وهذا الحديث فضيلة لمعاوية! (3) .
   
 (والتبرير البارد لإبن كثير، يذكرني بطرفة مشهورة عن رجل صحب مدّاحا مأجورا كي يزكيه لدى  والد العروس التي اراد خطبيتها، فلما شرع المداح  في تزكيته ضرط الخاطب، فولّى وجهه شطر باب الدار حياءا مما فعل، فما كان من المدّاح إلاّ أن أثنى على ضرطته تلك، بجمل طويلة أذكر منها قوله " أنظر الى ضرطته  ما قرقرها وما بربرها, و ما أطنّها و ما أرنّها..."  فما كان من والد البنت المخطوبة  الاّ أن قال له عد فقد زوجناك ولو سلحت ( خرئت)على نفسك !)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 (1) الشوكاني "الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة " ص 407
(2) البداية و النهاية ابن كثير ص 147ج11
 (3) نفس المصدر ج8ص 514/515
انظروا أذهل حب معاوية بن كثير عن عقيدة سلفية تنسب العصمة المطلقة للرسول الله أما تأويل مسلم فأبرد من تأويل بن كثير  بمراحل كثيرة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 23 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
   







كما كان الحاكم النيسابوري محترما لدوره كعالم، حين رفض تخريج حديث في فضل معاوية رغم حصار الكرامية له( طائفة من المجسّمة ذات اصول حنبلية )" قال أبو عبد الرحمن السلمي: دخلت على الحاكم و هو مختف من الكرامية لا يستطيع ان يخرج منهم. فقلت له لو: خرّجت حديثا في فضائل معاوية، لأسترحت مما انت فيه. فقال: لا يجيء من قبلي،لا يجيء من قبلي (1)

   ولعلّ  القول الفصل في إلحاق معاوية بصحابة رسول الله من عدمه، هو الحديث الوارد في صحيح مسلم حيث نهى عليه السلام خالد بن الوليد عن سب عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه  بقوله عليه السلام : " لا تسبّوا أحدا من أصحابي ". وما كان لسيّد البلغاء الذي اوتي جوامكع الكلم، أن يقول ذلـك وهو يقصد أنّ المنهيّ عن السبّ (خالد) يعدّ هو أيضا من جملة صحابته! و لابدّ أن يكون المرء مزوّدا بقدر كبير من السّذاجة السلفية، حتى يذهب في ظنّه إذا سمع رجلا يقول ــ مثلا ــ لغلام : لا تضرب أولادي, أنّ ذلك الغلام من جملة أولاد  الرجل !.                                                

ـــــــــــــــــــــــــ

 (1) البداية و النهاية   ج11ص433
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 24 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
                                       




















فصل
                                  هوس خلدوني سلفي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

"فالعصبية  ضرورية في كل أمر يحمل الناس عليه من نبوة أو أقامة ملك !"
بن خلدون


 " ادى انقسام العرب في جاهليتهم الى عرب الشمال( عدنانيون: قيسيون) وعرب الجنوب (قحطانيون: يمنيون) وعلى اساس قبلي بحت،الى قيام الحروب والمنازعات بين الكتـلتين وزادت الخصومة بينهماالى حد اتخذ أن كل حي منهم شعارات في الحرب يخالف شعارالآخر، فاتخذ القحطانيون العمائم الصفروالرايات الصفر، والعدنـانيون العمــائم الحمـــر والرايات الحمر، وظـــل
الخلاف واضحا بينهم "(1) الى ان وحد الإسلام صفوفهم تحت الراية النبوية التي اهدرت قيمة النسب واعلت قيمة الأخوة الأسلامية، بل و بشرت بوحدة جنس بشري  تتعارف فيه الشعوب و القبائل تحت راية الإسلام القوي الرحيم(( وجعلناكم شعوبا و قبائل تعارفوا) .                                                                                             
  
   وقد بلغ  العمل بنظرية إقصاء الأساس العنصري في تحديد العلاقة البشرية بين المجتمع النبوي  حد  تزوج العبد الأسود الأفطس ( اسامة بن زيد) بالشابة القرشية الفاتنة ( زينب بنت جحش) كما بلغت استجابة اصحاب محمد لدعوة الإسلام في إكبارمن رفعته تقواه دون مؤهلات النسب والمال والجاه، الى درجة لم يستنكف معها العربي الشريف عمر بن الخطاب ان يقول عن بلال بن رباح العبد الحبشي الأسود " أبو بكر سيدنا و اعتق سيدناــ  بلال ـ" و ما حصل بلال على ذلك الشرف الذي أهله ليكون" سيدا" في نظرعمر جبار الجاهلية و عملاق الإسلام، غير مؤهلاته الإيمانية  التي لم تكن قط  تتمثل في حفظ ألف الف حديث( شأن المليونير ابن حنبل) ، أو حتى حفظ القرآن كاملا، فتلك المؤهلات السلفية لم تكن تعني شيئا لدى اصحاب محمد عليه الصلاة و السلام كما تعني اليوم لطيور البطريق السلفية العرجاء، بل أدرك ذلك المقام الرفـيع و المكانة السامية في قلب بن الخطاب وفي قلوب الملايين الى قيام الساعة، بشجاعته الفائقة، وايمانه الراسخ وتحديه لرموز الكفر.( سوف تتحول كل تلك المؤهلات الإيمانية الى كمشة من بعر عند حكام بيني امية و من تلاهم  ليكون اكرم المسلمين عند هؤلاء الفجار، أهون  من جيفة حمار) .  

   و بعد وفاة الرسول، استمر العمل بالمقياس الرباني الدقيق في ترشيح اكرم الناس عند الله تعالي لإدارة شؤون المسلمين، لتسعد البشرية بخلفاء أربع  كان ترتيبهم  يعتمد على كرامتهم عند الله وعند المسلمين.الى ان حدث انقلاب معاوية  الذي راهن على خـيار العصبـــية القبيلية و القــــبضة
الحديدية، ليصبح خيارالتفاضل العنصري المدعوم بالقوة الغاشمة هو سيد الموقف ، لتدخل الأمة الإسلامية في سلسلة متصلة من الصراعات القبلية الدامية التي تأجـــجت من جديـد  كأشد ما كانت
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) د . محمود عرفة محمود العرب قبل الإسلام احوالهم السياسية و الدينية و اهم مظاهر حضارتهم ص 31 دار الثقافة العربية مصر  رقم الإيداع 5969/ 98
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 25 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عليه زمن الجاهلية (1) لتعيدة  تقسيم العرب المسلمين و من جديد على اسس قيسية و يمنية  ليــ" تزاحم الفريقان على السيادة و لتكون بينهما منازعات في الشام و العراق و مصر و فارس و خراسان و افريــقيا و الأندلس لتنتقل الى لبنان في القرون الوسطى و الحديثة (2 )  بعد أن "عمل بنو أمية[ميدانيا] على احياء العصبية الأولى بين القبائل جميعا[ وعملت السلفية نظريا من خلال ترويج مرويات من قبيل الأئمة من قريش] و قد تسبب هذا الوضع في الإساءة الى القبائل الجنوبية [أي القبائل القحطانية اليمنية المتضررة من انقلاب الأمويين الذين راعوا الحزازات الجاهلية القديمة  لإقصاء الجناح العربي المنافس عن اشراكه في امتيازات الحكم ] التي سرعان ما انتهزت فرصة قيام الدولة العباسية،  فعملت على استعادة ما فقدته على ايام الأمويين (3)، فبدأ الإخباريون و معظمهم من قبائل الجنوب يكتبون عن الأنساب وعن التاريخ العربي قبل الإسلام " (3) و زاد الغباء السلفي كما المحت آنفا، في اشعال فتيل العصبية عبر ترويج مرويات تدعو جهرة الي تمييز الناس على  اساس عنصري، و جعل قبيلة الله المختارة (التي قضى التقسيم الجعرافي لسوء حظ القحطانية لتكون عدنانية) تركب ظهور العباد باسم الشرعية السلفية " الأئمة من قريش" .     

   و لئن غاب عن المنظومة السلفية الآثار المدمرة للنظم الملكية، فكيف تغاضى بن خلدون( 1332ــ 1406 م) عن تلك الحقيقة رغم انه ولد بعيد سقوط الخلافة العباسية 1258 و ما حف سقوطها من فجائع،  حين اقر استمرار امتنا في دورة جديدة من تجربة السم المجرب و النظام الملكي المخرّب، خصوصا و قد رسم  في مقدمته الشهيرة، المراحل الحتمية لتدهور الملكية و سقوطها، حين أوضح أن " حالات الدولة لا تعدو في الغالب خمسة اطوار. اما الأول فطور الظفر بالبغية و الإستيلاء على الملك و يكون صاحب الدولة في هذا الطور اسوة قومه في اكتساب المجد و جباية المال و المدافعة عن الحوزة ... و الطورالثاني فهو طور استبداد صاحب الدولة على قومه و الإنفراد دونهم بالملك و كبحهم عن التطاول للمساهمة و المشاركة، ويكون صاحب الدولة في هذا الطورمعنيا باصطناع الرجال و اتخاذ الموالي والصنائع، ليدافع اهل عشيرته وعصبيته عن الملك و يفرد اهل بيته بما يبني من المجد.  واما الطور الثالث،  فهو طور الفراغ والدعة لتحصيل ثمرات الملك مما تنزع طبائع البشر اليه، اما الطور الرابع، فهو طور الخنوع و المسالمة. واما الطور الخامس، فهو طور الإسراف و التبذير، و يكون صاحب الدولة فيه متـلفا لما جمع اولوه في سبيل الشهوات و الملاذ، والكرم على بطانته في مجالسه، و اصطناع اخوان السوء و تقليدهم عظيمات الأمور التي لا يستقلون بحملها مستفسدا لكبار الأولياء من قومه و صنائع سلفه حتى
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 (1)"  وصل الأمويون الى السلطة بفضل مساندة الجيوش العربية التي كانت متمركزة في سوريا و التي كانت لا تزال منظمة على اساس قبلي. و بالطبع كان انتصارهم الذي احرزوه بشق الأنفس انتصارا على قوات تنتمي الى قبائل اخرى، و ادى ذلك الى احياء المنازعات القبلية و الدينية الجديدة القديمة التي لم تكن الوحدة القومية و الدينية الجديدة قد استاصلت شافتها تماما " د. فوزي منصور . خروج العرب من التاريخ ص 31
(2)المنجد في اللغة والأعلام ص 560 الأعلام دار المشرق بيروت الطبعة 28/ السنة1986
(3) " و جاء الفشل الذريع في وضع قاعدة للخلافة يقبلها و يخضع لها الجميع و يدينون لها بالطاعة، و هو فشل استمر يقض مضاجع الأ سر الحاكمة العربية والإسلامية و معها دولها حتى العصر الحديث، ليجر القبائل العربية الرئيسية الى مزيد من المنافسات القبلية بل والصدامات،  فقد جرت العادة  على ان يستخلف الخليفة اموي اثنين من ابنائه أو أكثر على التعاقب لكن عندما كان الإبن البكر يرث الخلافة، كان يحاول ان ينقلها من بعده الى ابنائه هو، ولا يتركها لأشقائه و سواء نجح في ذلك ام فشل، فان هذه المناورة على السلطة كانت تتطلب ابرام تحالفات قبلية و تحالفات مضادة، مما ادى خاصة في الجزء الأخير من الحكم الأموي، الى نشوب مواجهات مسلحة"( خروج العرب من التاريخ ص 69 د فوزي منصور ترجمة عبد الله ظريف و كمال السيد مكتبة مدبولي. طبعة اولى 1993
(4) العرب قبل الإسلام ص 31/32
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 26 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


 يضطغنوا عليه و يتخاذلوا عن نصرته مضيعا من جنده بما انفق من اعطياتهم في شهواته، فيكون مخربا لما كان سلفه يؤسسون. و في هذا الطور تحصل في الدولة طبيعة الهرم و يستولى عليها المرض الذي لا تكاد تخلاص منه و لا يكون لها معه برء الى ان تنقرض " (1) عند  وثوب قرد شاب من عائلة اخرى !.

   ورغم تلك التداعيات الخطيرة و الحتمية للمنظومة االملكية،  يقصر الذهن السلفي للمؤرخ الشهير عن تصور مخرج آخر للأزمة، مصرّا على أن السلطة لا يمكنها ان تكون في نظره الا" السلطة المطلقة المعروفة في الشرق، والقائمة على استغلال المجموع لمصلحة السلطان و حاشيته, وان حصل التغيير في الرجال و السلالات،  فالشكل لا يتغير و لا يتبدل" (2)  جاعلا من العصبية أساسا حتميا لقيام الدول بل ــ و يا للهراء ــ لنجاح دعوة الأنبياء و الرسل !! متباكيا عن ضياع اجتهادات معاوية الرائدة  التي أسست الملكية الفاسدة ، والتي  لم ترشحه( يا لسوء الحظ ) الى الحاقه تاريخيا بالخلفاء الراشدين،  حسب أماني المنظر الفلتة " و قد كان ينبغي [ والكلام لإبن خلدون] ـ  ان تلحق دولة معاوية واخباره بدولة الخلفاء الراشدين، واخبارهم في الفضل و العدالة و الصحبة]!] و لا ينظر في ذلك الى حديث الخلافة بعدي ثلاثون  فانه لم يصح. و الحق ان معاوية في عداد الخلفاء (3) فهو من الخلفاء الراشدين ] ليس معاوية فحسب،  بل و كما كتب بن خلدون ] و من كان تلا ه في الدين و الفضل من الخلفاء المروانية ممن تلاه في المرتبة كذلك  ( 4) " .               
   وفي معرض دفاعه الأعمى عن الملكية الوراثية المدمرة  كتب المؤرخ الأشهر"  واعلم  أن الملك الذي يخالف بل ينافي الخلافة هي الجبروتية، و المعبر عنها بالكسروية،ـ و اما الملك الذي هو الغلبة و القهر بالعصبية و الشوكة فلا ينافي الخلافة و لا النبوة [!] [ ثم كتب، مشبها الملائكة بالزبالين ] فقد كان سليمان بن داود و ابوه صلوات الله عليهما نبيين و ملكين، و كانا على غاية الإستقامة في دنياهما[ مش معقول! هل أنت متأكد يا مولانا] و على طاعة ربهما عز و جل[ عجيب!] . و معاوية لم يطلب الملك و لا ابهته للإستكثار من الدنيا، وانما ساقه امر العصبية " ( 5) (أقول: هذا تبرير سلفي سخيف قد يتوقع نظيره  من أحد عوام المسلمين، و لكن لن يقبل بحال من الأحوال من مؤرخ وعالم اجتماع "ملأ الدنيا  و شغل الناس ".                                                                                                  
  
  فالرؤية السلفية البالغة البؤس التي يعتمدها الصنم الخلدوني (6)  لا تكرس في واقع الأمر سوى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) حنا الفاخوري و خليل الحر. " تاريخ الفكر الفلسفي عند العرب " ص922. مكتبة لبنان الطبعة الأولى 2001. دار" ناشرون". 
(2) نفس المصدر ص 913
(3)  عزيز العظمة ابن خلدون ص 163  دار رياض الريس للكتاب طبعة اولى 2000
(4) عزيز العظمة نقلا عن ابن خلدون
(5) عزيز العظمة نقلا عن ابن خلدون
(6) التعبير لعزيز العظمة و قد  ساقه في مقدمة كتابه" ابن خلدون " كما ياتي " يحتل الصنم الخلدوني في الثقافة العربية الحديثة موضعا متميزا فهو قديم و محدث, معلم فكري عائــد للقرون الوسطي قائم في قلب علوم زماننا التاريخية  الإجتماعية " ص 9 .   
 و الحق ما قال الرجل( الذي لا يخفى الحاده) . فابن خلدون  لا يستحق احترام اي رجل حر، فلست اعتز لا بانتمائه الى ديني و لا الى وطني تونس.  و لعل الشهرة العالمية التي نالها خصوصا في الأوساط الغربية، ترجع الى ادراك الغرب بانه ـ ابن خلدون ـ لا يعدو ان يكون  مخدرا سلفيا ناجعا قد حول التاريخ،  وعلى رأي  عزيز العظمة " من حافز الي عبء" . 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 27 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

واقع الذل والهوان، خصوصا و الرجل يرى" أن الأنظمة قد حددها الدين و العادة و من ثم لا سبيل الى تغيـيرها، و هو الى ذلك يحظر الحيد عن الواقع، و يرى ان كل تغيير في هذا الواقع يضــعف المجتمع و يجعله فريسة لمطامع الغزاة " !(1) .  

المنظمومة السلفية هي المسؤولة:

  كان :"  أول ضرر من الإضرار الرئيسية التي نكبت بها الأمة الإسلامية من جحر النظام الملكي هو أن تقسمت قيادة الأمة الإسلامية الى قسمين بعد أن كانت هذه القيادة في عهد النبي صلى الله عليه و سلم وعهد خلفائه الراشدين تستــقطب جميع نواحي الحياة الروحية والفكرية والسياسية حول محور واحد... فنفس القادة الذين كانوا يوجهون هذه النواحي هم الذين كانوا في الوقت  نفسه قادة المسلمين في اصلاح الأخلاق و قادتهم في الفكروالعلم وقادتهم في التربية الروحية... الا أنه لما نجم قرن الملكية اعترى القيادة الإنقسام وانشقت الى شقين فيما يتعلق بالشؤون السياسية إستأثر بها الحكام،[و] فيما يرجع الى النواحي الخلقية والفكرية والروحية, إنتقلت ازمته الى رجال العلم والفقه والتصوف... وكان هذا الإنقــسام في القيادة بحد ذاته فـتنة مدمـّرة كان من المحتوم أن تعكس آثارها السيـئة في  المجتمع (2).  

   ولما كان الملوك أبعد ما يكونون عن الرشد و بالتالي عن تحميلهم جنائيا  مسؤولية ما آل اليه  أمرنا، كان لا بد من تحميل السلفية أو" أهل السنة و الجماعة " جرائر ما اصاب امتنا لأنها المسؤول الأول عن دمارنا. و سواء أصحّة نسبة حديث " أثنان اذا صلحا صلح الناس جميع و إذا فسدا فسد الناس جميا العلماء والأمراء " الي الرسول أو لم يصحّ،  فإن العقل والتجربة  يؤيدان حقيقة أن المنظومة السلفية هي وحدها من يتحمل تبعة ما حدث المسلمين قبل اي ملك ظالم أو جنرال جاهل .(3) لأجل ذلك وجب اماطتها عن المشهد الإسلامي لو اريد لهذا الدين النهوض من جديد.
ــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر الفلسفي عند العرب  ص913
(2) ابو الأعلى المودودي "الإسلام اليوم" ص 29و 30
(3) فمعاوية (على سبيل المثال) ولد لكي يكون ملكا, ولو لا  نزول الوحي على محمد، لورث منصب والده في زعامة قريش, فلا يمكننا بالتالي  تحميله مسؤولية كل ما حدث نظرا لتطلعاته المشروعة للسلطة ثم حداثة عهده الإسلام وقيمه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 28 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


الباب الثاني

جناية السّـلفية على الشورى الإسلامية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ   29 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 { و ما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم و يعفو عن كثير }


" إن الأمة التي تضع مصيرها في يد شخص أو يد طبقة انما تضعه أصلا في يد الصدفة العمياء "
ـ الصادق النيهوم ـ

" عندما تعرض حالة غياب الديمقراطية في العالم العربي للبحث , تعزى عواملها غالبا ليس الى الإسلام فقط , بل و الى كون الحضارة العربية ذات طبيعة مجافية للديمقراطية "
 انجماركارلسون الإسلام و اروبا ص 78
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ  30 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ










فصل
الشورى الإسلامية قبل المسخ السلفي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   من موقع اراب تايمز كتب  الأزهري العلماني احمد صبحي منصور" الشورى جاءت فريضة بين أشهر فريضتين من فرائض الإسلام وهما الصلاة والزكاة، وهي المرة الوحيدة التي جاء فيها فاصل بين الصلاة وايتاء الزكاة معا و بالترتيب وبدون فاصل بينهما. وهي المرة الوحيدة التي جاء فيها ذكر الشورى مع الصلاة والزكاة ليؤكد رب العزة على انها فرض تعبدي مثل الصلاة و الزكاة وبنفس الملامح. قال تعالى((و اقاموا الصلاة و امرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون))  فكما كانت الصلاة فرض عين لازما واجبا فكذلك الشورى. ثم اذا كانت الإستـنابة لا تصحّ في الصلاة أى لا يصح ان يصلى احد عنك، فكذلك لا يصح في الشورى الإسلامية ان يكون فيها نظام نيابي أو أهل الحل و العقد الذين يفكرون بالنيابة عن الناس، وانما مجــتمع المسلمين كلهم اعضاء في مجلس الشورى. ولأن الشورى في الإسلام عبادة فالمسلم عليه ان يمارسها في بيته ومصنعه ومعمله ومجتمعه أي ان يتنفس الشورى و ينبض بها قلب المجتمع حيث لا مجال فيها لأي عذر شأن الصلاة فكذلك النبي والمسلمون كانوا فالمجتمع المدني في المدينة عرف تطبيق الشورى .. والدليل على ذلك أن الصلاة و الشورى معا كان لهما مكان واحد هو المسجد ينادى في الناس الصلاة جامعة فيسرع الجميع الى المسجد تماما كما يحدث في الصلاة و الفارق ان مواعيد الصلاة المنتظمة خمس مرات في اليوم ما عدا مجلس الشورى فكان يتم عندما يستدعى أمر يستوجب عقد المجلس فيؤذن المؤذن .وقد نزل قوله تعالى يعيب على بعض المؤمنين(1) تكاسلهم عن حضور مجالس الشورى ((انما المؤمنون الذين آمنوا بالله و رسوله واذا كانوا معه على امر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه)).الاية نزلت تعيب على بعض الذين يستأذنون النبي في عدم حضور الشورى و الذين يتسللون بعد حضورهم. فقد مارس المؤمنون من خلال الشورى كامل حريتهم في القول والفعل السياسي، و تحمل النبي ذلك بصبر استوجب ان تنزل آيات فيما بعد تلوم المؤمنين على انهم وقعوا في المزايدة على النبي، وانهم تناسوا آداب الخطاب معه بحيث كانوا يرفعون اصواتهم فوق صوته و يجهرون له بالقول كشأنهم في الأسواق... والمنافقون في تآمرهم القولي وتناجيهم بالإثم والعدوان، اتهموا النبيّ في ذلك الوضع الجديد بأنه يعطى أذنه للمؤمنين ــ المستضعفين ــ الذين وصلت بهم الأحداث الى مرتبة التاثير والصدارة بحكم بلائهم وصدارتهم في السلم والحرب، ثم هم الذين ينفذون قرارات الشورى وهم الذين يلتزمون بها اما الآخرون فلا عمل لهم الا الإفتراء بالأباطيل، ولم يدافع النبي عن نفسه ونزلت آية قرآنية تدافع عن النبي يقول تعالى((ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هواذن، قل اذن خير لكم يؤمن بالله و يؤمن للمؤمنين)) ــ التوبة61 ــ قالوا عنه انه اذن أي يعطي اذنه الى من هب و دبّ (2) و يذكر ابن هشام في سيرته انه لما عمّ الإبتلاء في حصار الأحزاب ارسل النبي الى زعماء غطفان يدعوهم للصلح و الأنفصال عن الأحزاب مقابل أن يعطيهم ثلث ثمار المدينة ووافق زعيما غطفان عيينة بن حصن و الحارث بن عوف و استشار النبي سعد بن معاذ و سعد بن عبادة فرفضا فلم يتم عقد الصلح.و هذه
ـــــــــــــــــــ
(1) تعبير أحمد صبحي صبحي منصور غير موفق، و الصواب ان يقال : بعض المنافقين أو ضعاف الإيمان من غير الصحابة.
(2) و هذا شرف للرسول ويدل على تواضعه و صبره .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 31 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 الرواية تؤكد الى ان المشورة انتهت الى عدم تنفيذ رأي النبيّ " " في مجالس الشورى تلك تخرج عظماء من العرب المسلمين مثل ابي بكروعمر و خالد وابي عبيدة  وعلى المقداد و غيرهم كانوا عظماء في الفتوحات، و كانوا عظماء في توطيد الفتوحات و في حكم البلاد المفتوحة، و هي بلاد تختلف عن بلادهم الأصلية في كل شيء ولكن مدرسة الشورى مكنتهم وهم ابناء الصحراء من حكم بلاد متحضرة مثل مصروالرافدين و ايران فتحققت اكبر معجزة عسكرية  و حضارية في التاريخ العالمي ولا تزال المعجزة تستعصي على تفسيرات الباحثين و ان كنا نرى انها مرتبطة اساسا بتربية المسلمين على اسس جديدة اهمها العقيدة الصافية و نظام الشورى "(1)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) احمد صبحي منصور الشورى اصولها و تطبيقاتها موقع أراب تايمز.
لما كانت الحكمة ضالة المؤمن اين وجدها فهو احق الناس بها، لم اكن اهتم عمن آخذ و بمن استشهد من الكتاب و الباحثين، ما دام القائل قد وفق الي الصواب، و الا فان الدكتور احمد صبحي منصور قد حالف امريكا و رضي بقوامتها على المسلمين، كما حالف العلمانيين و سماهم بالفضلاء العلمانيين، كما نال من ابي بكر و عمر و اتهمها بالدكتاتورية و قال فيهما ما لم يقله مالك في الخمر( دعك مما قاله عنهما في الفقرة السابقة فقد تراجع عنه فيما بعد). كما تباهي بانه كان السبب في الفتوي التي تبيح اكل الربا المقدم من البنوك،  كما أجاز أخيرا امامة المراة الرجال في صلاة الجمعة!.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 32 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



























فصل
 الشورى نهب العبث السلفي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 دأبت المنظومة السلفية و على مدى قرون متطاولة على القيام، وبحسن نية مميتة (1) بدور محامي الشيطان بدفاعها عن الملوك المفسدين الذين غيبوا الشورى في اختيارهم ثم تنصيب كبار المسؤولين في الدولة، مستعيضين عن الشورى الإسلامية باخرى شكلية  باهتة لا تقدم و لا تؤخر وجودها كعدمها، وحضورها كغيابها.  مما اضاع عن المسلمين  فرصة اختيار الإداريّ الكفء  والمسئول الورع ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب.

   و لقد بذل الألكليروس السلفي " جهودا جبارة من أجل تبرير تصرفات الملوك وإضفاء الشرعية عليها، وما لم يجدوه من تشريع في هذا المجال في الكتاب والسنة صريحا استـنبطوه منهما تأويلا و قياسا واستحسانا واستصحابا وسدّا للذرائع و تحقيقا  لمقاصد و مصالح مرسلة.أو بمفاهيم الإشارة و الموافقة والمخالفة ودلالتى الأولى و الإقـتضاء والعام المخصص بالقياس أو بالمصلحة والمطلق المقيد بالعقل اوبالمقاصد، إلى غير ذلك من اساليب الإستنباط التي أوهنت النصوص، وحوّلت علم اصول الفقه لعبة شطرنج يتلهى بها الفقهاء و يستفيد منها الحكام. ثم تدهور الإستنباط في هذا الموضوع مرة أخرى، فأتخذوا من سير ملوك بني امية مرجعا فقهيا و مستندا شرعيا، و نزل بذلك فقه الأحكام السلطانية الى حالة من الإسفاف و السطحية الفجّة تعب الفقهاء بها في تبرير تصرفات الحكام المنحرفة، و لم يتعب الحكام من استحداث شتى ضروب البدع في سلوكياتهم و احكامهم وتصرفاتهم الضالة"(2)" فلم يعد الكافر"[ في إعتبار الحس االسلفي لأمني المستنفر دوما لخدمة أسيادهم]" هو فرعون الذي طغى في البلاد، بل أصبح هو المواطن الذي يخرج عن طاعته. بل وقد اتفقت مذاهب الفقه على إهدار دم الخارج عن السلطان بحجة انه خارج عن الجماعة من دون ان يهدر أحد دم السلطان نفسه الذي استباح حق الجماعة بأسرها"!(3) و ياليتهم حينما  سكتوا عن انتهاك فريضة الشورى في اختيار الحكام  لم يفتروا على الله الكذب فينسبوا مخازيهم وخورهم  لدين الإسلام( الدين الذي جعل الكفر بالطاغوت اول شرط لإعتناقه!!)، ليفرضوا على الناس بيعة الرضّع و المعتوهين و الشواذ من بحجة وجوب اطاعة اولي الأمر و تحت طائلة التهديد بالــطرد  من جماعة المسلميـــن، جاعلـــين مصيرأمتنا رهـــين مـن يـــسوقه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) لعل حسن ظني غير السلفي يحملني  على الغاء  فرضية  مقايضة السلفيين الدين بالدنيا لقاء  خدماتهم الملكية التي لا تقدر بثمن، خصوصا وقد ثبت زهد معظمهم في متاع الدنيا و زخرفها,  فكانوا بعجيب صنيعهم ذلك لا يختلفون عن صاحب الحانة الممتنع عن شرب الخمر، و صاحب الماخور الذي حرم على نفسه الزنى،   بل ارجع  احتفاء رموز السلفيين بالظلمة و النظر اليهم بعين الرضى الي غبائهم و تخلف الذهني الذي زين لهم الإعتقاد بان هؤلاء الملوك ما حكموا المسلمين الا بموجب حق الهي مقدس، و ما اختارهم الله ليكونوا" ظله في الأرض" وما عينهم  لحكم المسلمين و ملّكهم خزائن الأرض و من عليها، الا لرضوانه عنهم، و تكريمه لهم، و بالتالي  فمن اغضبهم  فقد اغضب الله، و من عارضهم فقد عارض مشيئته، أما من شكك في شرعيتهم فقد هوى ومرق عن "السنة" و جاهر بالبدعة واستسرع النار واختار بئس القرار. أما حرّض عليهم واشهر في وجوهم السلاح ، فقد انسلخ عن الملة و استبدل الضلالة بالهدي والعذاب بالمغفرة و اختار لنفسه ميتة جاهلية، لأن التشكيك في شرعية هؤلاء  لا يعني سلفيا غير التشكيك في حسن تقدير من أتاهم الملك  ورضيهم نوابا عنه.                                                             
(2)  من  مقدمة  الإستاذ  عبد الكريم مطيع الحمداوي لكتاب" تحفة الترك للطرطوسي " المقدمة ص 78/79                 
(2) الصادق النيهوم " صوت الناس محنة ثقافة مزورة"  ص 79 .                                                                                                                          
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 33 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

التسلسل الوراثي للقوامة عليها دون مؤهّـل يذكر ولا فضيلة تعرف، سوى أن نطفة السوء التي قذفت به الى عالمنا هي نطفة ملكيّة أو سلطانية, فحكمنا الشواذ و المعتوهون و كل من نافس فرعون في قوله انا ربكم الأعلي فلا راي يعلو على رأيه ولا كلمة تقدم بين يديه "  ليصبح تاريخ دولة الإسلام هو تاريخ الخلفاء شخصيا، فالدولة الإسلامية قوية في يـد رجل قويّ، و ضعيفة في يد رجل ضعيف "(1) و أصبح  تحقيق الأمن والعدل والمساواة رهين قدوم أميرعادل يبرزهكذا فجأة بين سلسلة سوداء من أمراء الجورالفساد، أورهين أساطير و منامات  تبشّر بقدوم خليفة عادل بعد عمرطويل ، ليشتـغل الناس بتفحص صبيـان  العائلة المالكة علهم يعثرون بينهم على" أشجّ بني أميّة"(عمر بن عبد العزيز) وكأن ديننا الحنيف قد جعل تحقيق العدالة والشورى رهين الصدف العمياء، ولم يجعل من تنصيب الأمير الصالح ضمانا  أحاطه بجميع فرص التطبيق، بما فيها تصفية من تشبث  بكرسي الحكم دون وجه حقّ، بعد ما أسقطته الشورى من غربالها,  مع تصفية من ظلم وجارأثناء حكمه،كما تصفى الكلاب المسعورة "(2) .                                                                                                                        
ككا اسرفت الثدييات السلفية في تبرير مظالم الحكام درءا للفتنة بزعمهم، ليأتي من بعدهم من يكسب تلك السوأة الفقهية  غطاءا شرعيّا بتسميتها " جواز إمارة المتغلّب و طاعته!", ليليها من الثدييات من يزيد الطين بلّة  ليزعم أن الشورى غير ملزمة للحاكم بل هي شكلية, شأنها في ذلك شأن مشاورة النساء قصد مخالـفتهنّ فيما بعد, معطيا للحاكم حق الفيتو في تسفيه راي الأمة و جعل صوته فوق كل اصواتها باعتبار ان الكلمة الفصل هي كلمته .  ثم ليأتي  بعد ذلك  من يقر بأن بيعة السلطان المتغلب ـ الإنقلابي ـ عبارة عن عقد شرعي يصح شرعا اذا حضره شاهدان قياسا على عقد النكاح، ثم ختموا تلك الكوميديا السوداء بنسبة لصوقهم بالأرض الى سنة خاتم النبيين وعدوّ المفسدين , فقرّروا دون حياء من الله" إذا لم يستجمع المتغلب شروط الإمامة و تمّ له التمكين و استتبّ له الأمر وجبت طاعته وحرمت معصيته" !.                                                                                   


ـــــــــــــــــــــــــــــــــ   
(1) الصادق النيهوم " صوت الناس محنة ثقافة مزورة "  ص125
(2) " و هذا عمرالخطاب يولى الخلافة فيكون أكثر تمسكا بهذه المعاني، حتى أنه ليرى قتل الخليفة الظالم، خطب يوما فقال : لوددت إني و أياكم في سفينة في لجة البحر تذهب بنا شرقا وغربا فلن يعجز الناس أن يولوا رجلا منهم فإن إستقام إتبعوه و إن جنف قتلوه. فقال طلحة : وما عليك لو قلت : و إن تعوّج عزلوه, قال: لا, القتل أنكل لمن بعده )التشريع الجنائي مقارنا بالقانون الوضعي لعبد القادر عودة 318/2).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 34 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فصل
الشورى و ظروف فرضيتها
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

     تفننت السلفية في قص حواشي الشورى، وبتر أطرافها حتى  تكيفت تماما مع المطالب الملكية النهمة وإستجابت لأهوائها الجامحة، حتى أننا لا نفاجأ حين نقلب أعرق كتب التفسير  فنجد تاويل قوله تعالى (( و شاورهم في الأمرو إذا عزمت فتوكّل على الله ))  يفسر على هذا المنوال المدهش : قال الطبري ( توفي 310 هـ)  وأما قوله(( فإذا عزمت فتوكل على الله)) فإنه يعني: فإذا صحّ عزمك بتثبيتنا اياك و تسديدنا لك فيما نابك و حزبك من امر دينك و دنياك، فأمض لما أمرناك به وافق ذلك آراء أصحابك وما أشاروا به عليك أو خالفها[! ]( تفسير الطبري 2/355 )( فيا ليتني كنت ادري اذا كان الله سبحانه وتعالى قد قرر مسبقا ما سيفعله رسوله فما جدوى المشاورة ؟! ).                                                                                              
  
 اما ابن كثير ـــ توفي 774 هـــ ــ فقد اسّس على  تفسير الطبري ليفسر قوله تعالى ((و شاورهم في الأمر)) على النحو العجيب:" و قد أختلف الفقهاء هل كان ذالك واجبا عليه أو من باب الندب تطييبا لقلوبهم ! ( تفسير بن كثير ج1ص558 ) .

   ولعل القول الثاني ( تطييب القلوب) هو ما عمل به الحكام  طوال تاريخنا والي يوم الناس هذا، الأمر الذي ازعج محمد الغزالي رحمه الله وجعله يكتب :" في عصرنا هذا متحدثون اسلاميون كأنما أصابهم سعار، فهم يردّدون بإلحاح منكر أن الحاكم لا يلتزم بالشورى، ومعلوم أن الأمة الإسلامية تتدحرج الى الهاوية منذ عدة قرون لما أصابها من الإستبداد السياسي، ومع ذلك فإن قوله تعالى(( وأمرهم شورى بينهم)) يجيء اليه شارح ضرير فيقول: ذلك مع الإحتفاظ للسلطان بحق مخالفة الشورى و المضي وفق هواه!! هذا الكلام ليس نصحا لله ولرسوله و عامة المسلمين و خاصتهم ! إنه قرة عين للجبابرة الذين ساقوا الجماهير بالسياط ! وهو السبب في ان المسلمين منكسرة نفوسهم في اوطانهم، وأن الأحرارمنهم يستوردون شارات الكرامة والحقوق الخاصة والعامة من الخارج لأنّ الأفّاكين لوّثوا ينابيع الوحي "( 1) .                                                      
  
  ولقد كان عليه السلام  كثير المشورة لأصحابه و نسائه، ولم يثبت عنه مرة واحدة انه استشار صحابته ثم عمل بغير مشورتهم، حتى كانت موقعة احد حيث اراد عليه السلام القتال داخل المدينة فيما ذهبت الأكثرية من اصحابه الى القتال خارجها فاستجاب عليه السلام لما دعوا اليه وخرج لقتال المشركين، ولكن النصر لم يكن حليفهم. و كان من المنتظر أن يتنزل الوحي بتقريع المسلمين على حمل رسول الله على الخروج لقتال الأعداء في غير الظرف المكاني الذي اختاره عليه السلام , ولكن الوحي الكريم جاء ليؤكّد على وجوب  مشاورة الرسول لأصحابه فقال تعالى في سياق الحديث عن وقائع المعركة المذكورة(( فأعف عنهم واستغفر لهم و شاورهم في الأمر))! يا سبحان الله ! حتى لو ادت تلك الشورى الى الهزيمة؟! نعم , حتى لو ادت الى الهزيمة .لأن الهزيمة التي تكون نتاج  شورى اسلامية  ستليها انتصارات وانتصارات أما  النصر الذي يســـاق بالـصدفة
نتيجة رأي فرد فستعقبه نكبات و فواجع مؤبدة, لأن الهزيمة الكبرى تكمن في الإستبداد. والخسارة العظمى تتحقق بتسليم مقاليد الأمور لفرد واحد مهـما كانت عبقريته و نبوغه(2). ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) محمد الغزالي" مستقبل الإسلام خارج أرضه كيف نفكر فيه"  ص63/64
(2) ما جـاوز الفرنسي شاتو بريان( 1752ــ 1848)  حقيقة قرآنية حين قال جملته الرائعة" نحن لا نخسر شيئا اذا بقيت لنا حرية الرأي" . 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 35 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   لقد جاء النص القرآني الذي يفرض الشورى في جو مثخن بالجراح "عقب وقوع نتائج للشورى تبدو في ظاهرها خطيرة مريرة! فقد كان من جرائها ظاهريا، وقوع خلل في وحدة الصف المسلم، اختلفت الآراء فرأت مجموعة أن يبقى المسلمون في المدينة محتمين بها وتحمست مجموعة اخرى فرأت الخروج للقاء المشركين، وكان من جرّاء هذا الإختلاف ذلك، الخلل في وحدة الصف، إذ عاد بن سلول بثلث الجيش و العدوّ على الأبواب، وهو حدث ضخم وخلل مخيف... و كان من حقه عليه السلام أن يلغي ما استقر عليه الأمر نتيجة للشورى. ولكنه أمضاها وهو يدرك ما وراءها من خسائر وتضحيات، لأن إقرارالمـبدأ و تعليم الجماعة، وتربية الأمّة أكبر من الخسائر الوقتيّة. ولقد كان من حق القيادة النبوية أن تـنبذ مبدأ الشورى كله بعد المعركة أمام ما أحدثته من انقسام في الصفوف في احرج الظروف، وامام النتائج المريرة التي انتهت اليها المعركة! ولكن الإسلام كان ينشىء أمّة ويربيها ويعدّها لقيادة البشرية. وكان الله يعلم أن خير وسيلة لتربية الأمم واعدادها للقيادة الرشيدة أن تربّى بالشورى،  وأن تدرّب على حمل التبعة،  وأن تخطىء مهما كان الخطأ جسيما والنتائج مريرة، لتعرف كيف تصحح خطأها وكيف تدرب على حمل التبعة[ المسؤولية]... والخسائر لا تهم إذا كانت الحصيلة هي انشاء الأمة المدربة المدركة المقدرة للتبعة، واختصار الأخطاء والعثرات والخسائر في حياة الأمة، ليس  فيه شيء من الكسب لها،اذا كانت نتيجته ان تظلّ هذه الأمة قاصرة كالطفل تحت الوصاية.انها في هذه الحالة تـتقي خسائر مادية ولكنها تخسر نفسها و تخسر وجودها و تخسر تربيتها " (1)


ــــــــــــــــــ
 (1) سيد قطب " في ظلال القرآن" ج 1 ص 501/502
 رحم الله سيد قطب وأجزل له الثواب، وابدلنا بامثاله جميع الثدييات السلفية التي تحجب شمس الحرية، و تسوقنا بحماقاتها الى ضياع الدين والدنيا معا . فقد اوتي سيد قطب التي تطارده السلفية حيا ميتا بتهمة الخروج عن "اولياء امورها" فهما ثاقبا وفكرا سديدا . ولأن جمعه تنظيم الإخوان بالثدييات الإخوانية فإن ذلك لا يحط من قدره, ولا يزري بمكانته،لأن المضطر يركب الصعب، فقد كان تنظيم الإخوان الدكان الوحيد المفتوح حينها. ولقد استفاد الإخوان من مواقف سيد قطب الجهادية للدعاية لفكرهم المخنث، قبل الكشف عن وجههم القبيح وإعلان حبرهم الأكبر القرضاوي براءته من توجهات الجهادية للشهيد الكبير, خصوصا و ان كتابات سيد قطب  تحرج الإخوان كثيرا امام اصدقائهم  الغربيين والأمريكان، بعدما فتحت لهم ابواب برلمانات العلمانية اثر تنازلات و خيانات مكشوفة و تعاون معلن مع اهل الصلبان في افغانستان و تركيا و العراق و الكويت ( انظر كتابنا" فتش عن الإخوان").                                                      
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 36 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فصل                                               
قصور العقلية السلفية عن استيعاب الشورى و مقاصدها
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

     وما تزال السلفية( طائفة أهل السنة) المتطفلة على السنة النبوية مرتكسة في انحدارها المريع  حتى أسقط أبو حامد الغزالي( توفي 1111 ميلادي) ـــ متأسيا بابن حنبل ــ  شرطيّ العلم و الورع فيـمن فرض نفسه خليفة على أمة محمد! فقال في "إحياء علوم" دينه السلفي  2/233 " لو تعذّر و جود العلم والورع فيمن تصدى للإمامة بأن يغلب عليها جاهل بالأحكام أو فاسق، و كان في صرفه عنها اثارة فتنة لا تطاق، حكمنا بإنعقاد إمامته" وكأن الغزالي  بصدد انتداب زعيم مافيا اكثر ما يستغني عنه العلم والورع، وليس حاكما ينتظر منه العمل بما جاء في كتاب الله و ما وافقه من سنة رسوله!. 

  جاء في ص 82 من كتاب" معاملة الحكام في ضوء الكتاب و السنة ":" الصبر على جور الأئمة أصل من اصول أهل السنة و الجماعة[!] وهذا من محاسن الشريعة[!!!] فإن الأمر بالصبر على جور الأئمّة يجلب من المصالح ويدرأ من المفاسد ما يكون به صلاح العباد والبلاد[!!!]" إهــ

  وبمثل هاته السفاهات أستبيحت أمّتنا و نكحت مقبلة و مدبرة، لا من قبل السلطان الغشوم الـذي إرتضاه لنا سلفنا بدل" الفتنة التي تدوم"، بل من قبل علمانية دهرية و ملكية جائرة . حتى فقدنا كلّ ما نخشى ضياعه، فمقدساتنا احتلّت من قبل اليهود أو دنّست بالحضور النصراني و اليهودي في أرض الحرمين، وشريعتنا عطّلت، ومصاحفنا وطئت بالأرجل في وزارات داخلية النظم العلمانية المحلية  قبل أن تطأها أرجل عساكر اليهود و زنادقة الشيعة، و نساءنا و بناتنا عرّين و أنتهكت أعراضهنّ، و فتحاتنا الشرجية لم تسلم من عصيّ جلاوزة التعذيب أو عبث مساجين الحقّ العام. وأخطر من  ذلك كلّه، قد وقع التشكيك في ديننا جهرة فقيل عنه بأنه مجرد مجموعة من التعاليم الروحية لا صلة لها بالسياسة والحكم، كما وجدنا من ابناء المسلمين من يكتب دون مواربة"أن حكومة النبي هي حكومة الله، وهي حكومة تؤسس على كــلّ القــيم الديـنية والمبادىء الأخلاقية ولا تجنح أبدا إلى أخلاقيات السياسة و سلوكياتها, أنها حكومة من نوع خاصّ لا توجد إلاّ حيثما يوجد نبيّ. ولا نبيّ بعد محمد"(1) بعد ما ذهب في روع الكاتب أن الخلل وراء الإختفاء السريع للحكم الإسلامي الراشد، يكمن في دين الله وليس في النظام الملكي الدخـيل الذي عكــس  مساره وغيّر وجهته. أوفي التواطىء السلفي القديم الذي تستر عن الخلل المميت، مما انتج انحرافا تراكميا  ساعد على تثبيت أوضاعا مقلوبة، اصبحت فيها الأمة خادمة عوض ان تكون مخدومة، حين جعلت" شؤون الدولة الإسلامية في يد رجل واحد، وهو انحراف صريح عن كل مبدأ أساسي في الإسلام ... ذلك أن رجال الدولة اسمهم في لغة القرآن أولو الأمر. وهو جمع لا مفرد له. فكلمة ولي الأمر جمعها أولياء الأمور, أما أولو الأمر فإنها مصطلح قرآني لا مفرد له، لأنّ دولة الإسلام لا يتولى أمرها فرد واحد" كما مسخت مصطلحات شرعية من قبيل كلمة مسلم التي لم تعد " أداة اشارة الى مواطن محرر من شرع الأقوياء يعمل لدنياه كما يعمل لآخرته، بل أصبحت لقبا يحمله مواطن غير مسئول عن مصيره في الحياة الدنيا أو مصيره في الآخرة، ولم تعد كلمة"السلام"اداة اشارة الى سلام ملموس في حياة الناس،بل اصبحت تحية يتبادلهاالمسلمون
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ                         
 (1) محمد سعيد العشماوي " الإسلام السياسي" ص 18
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 37 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


في واقع لا يعرف السلام. ولم تعد الرحمة اداة اشارة الى قوانين اسلامية رحيمة بالطفل والمراهق والمرأة و العجوز والغريب، بل اصبحت دعاء للميت قبل الحيّ لكي يرحمه الله في حياة جديدة أخرى. ولم يعد عدل الله يشمل الدنيا والآخرة, بل اصبحت الدنيا رهنا بالحظ و الأنساب واقتصر عدل الله بين الناس على الناس الميتين... فكل دولة اسلامية تعلن الآن في دستورها ان الإسلام دينها الرسمي مما يعني ترجمته حرفيا ان الإدارة نفسها ادارة جماعية وهو نظام لم تعرفه الدولة الإسلامية منذ عصر معاوية "(1) مما ادى الي افراغ الإسلام من  مضمونه ليصبح  جسدا بلا روح، أو شجرة  اصطناعية منخورة الداخل تكسوها أوراق بلاستيكية مخادعة، فعلى الرغم من  أن " صوت القرآن ـ لم يسكت ـ و لم يكف الناس عن الصلاة و الصوم والحج وايتاء الزكاة, لم تغب شعائر الإسلام ولكن الإسلام نفسه اصبح ايديولوجية تعيش في لغة الناس و ليس في واقعهم  وهي محنة ثقافية قاسية علامتها أن يتورط المواطن في لغة بديلة عن لغة الواقع.. إن مصطلحات الشرع الإسلامي تعايش هذه المحنة منذ عصر معاوية"(2)" لقد نجح الفقه في تحويل الإسلام من عقيدة لها ادارة الى عقيدة مسخرة لخدمة ادارة اخرى... نجح الفقه في تفسير الدين تفسيرا غيبيا محضا لا يستعمل لغة الناس ولا يتكلم عن عالمهم... لقد اختارالفقه ان يتكلم لغة السحرة... لغة مفرداتها مستمدة من لغة الناس، لكن معانيها ليست مستمدة من واقعهم. فالجماعة تصلى على الميت لكنها لا تحمي الحيّ. والجماعة تلتقي للصلاة في المسجد ولكنها لا تتحدث خلال هذا اللقاء عن مشاكلهاالحياتية. والجماعة تصوم لتجربة الجوع في رمضان، لكنها لا تضمن القـوت للجائعين, والجماعة توحد الله(*) لكن ادارتها في يد رجل وحيد. والجماعة تتلو كتاب الله لكنها لا تتحدث عن شرعه الجماعي، كل شيء حسن في اللغة و كل شيء ليس حسنا في الواقع . فهذا هو الهدف الأساسي للساحر الذي يحتاج بداهة الى واقع غريب عن عالم الناس من دون ان يكون غريبا عن لغتهم (3).

    و قد اشتغل كهنة السلفية في ما يشبه في عبثيته فك الغاز الكلمات المتقاطعة حين تعاملوا مع ما جاء في القرن الكريم "على انه بناء من الألفاظ و الجمل و التراكيب قبل ان يكون عالما من الأحكام و النظم والمقاصد، وهو ما جعل النشاط الفكري داخل هذا العقل [ السلفي] كما يرى البعض نشاطا وحيد الإتجاه يتجه دائما من اللفظ الى المعنى، كما في علم اللغة وعلم النحو وعلم البيان. صحـيح ان الأحكام الشرعية انمـا تؤخذ من ادلتها واهـم هذه الأدلة واصلها القرآن، غير ان الأوليين انساقوا انسياقا كبيرا مع اشكالية اللغويين والنحاة،اشكالية اللفظ والمعنى, فجعلوا من الإجتهاد اجتهادا في اللغة التي نزل بها القرآن، فكانت النتيجة ان شغلتهم المسائل اللغوية عن المقاصد الشرعية فعمقوا في العقل البياني ـ وهو ما نعبر عنه بالعقل الفقهي ـ خاصيتين لازمتاه منذ البداية .الأولى هي الإنطلاق من الألفاظ الى المعاني, ومن هنا اللفظ ووزنه في التفكير البياني, والثانية هي الإهتمام بالجزئيات على حساب الكليات "(4) كما شغلوا العامة بحفظ القرآن دون فهم معانية. مع تشدّد مرضي في كيفية نطق حروفه حتى قيل انه لم يوفق (خلال 14 قرنا) على نطق"الضالين" غيرافراد لا يتجاوز عددهم اصابع اليد الواحدة! (منهم الفاروق عمر!) و لسوف تحتاج امتنا الى مدة لا يعلمها الا الله  لتحسن نطق الظاء حتى تقول للظالم يا ظالم وهي موقنة بانه فهم جيدا انها لا تقصد: يا حبيب الجماهير!.                                               
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 (1) و (2)  الصادق النيهوم "صوت الناس محنة ثقافة مزورة" .على التوالي ص 68/ 97/98 /95 /80/90/
(*) لو وحدت الله لكفرت بالطاغوت و لرجمت الحاكم المستبد ،ولكن ذلك التوحيد لا يختلف عن توحيد ابليس أي الإعتراف لله بالخلق فحسب أما التشريع فللسادة الحكام !
(3) الصادق النيهوم نفس المصدر ص 79.
 (4) عبد الجواد يس السلطة في الإسلام  ص 37  .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 38 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فصل
وقاحة سلفية معتادة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    ما فتئت السلفية الغبيّة تصر على تمجيد ماضينا السياسي التعيس وما زالت تنافح عن تجاربه الملكية البائسة، و ما انفكت تدافع عن بطّاتها السلفية العرجاء من اشباه العلماء حتي ذهب الظن ببعض ابناء المسلمين الكارهين للدين الذي تتكلم السلفية باسمه، الي الإعتقاد بان الخلل لا يكمن في الفكر السلفي(دين الملك) القاصر بل في تعاليم  الإسلام  ذاتها (دين الله).(1). فاذا انبرى احد ابناء المسلمين يسفه التجربة الملكية وجهاز تبريرها السلفي، انبرى له السلفيون ليزيدوا ابناء المسلمين تضليلا  و شرودا عن اسلامنا العظيم (2).

   ولعل ما ساذكره من أمر المعركة الفكرية التي حدثت في اواسط التسعينات بين الكويتي د. البغدادي و بعض رموز السلفيين بشقهم الإخواني والوهابي يشرح بعض الشيء ما ذهبت اليه .  ففي العدد 1227 من مجلة"المجتمع" الكويتية(اخوانية) بتاريخ 26/11/1996 إحمرّ أنف الإخواني عبدالرزاق الشايجي الأستاذ بكلية الشريعة بالكويت من قول العلماني الكويتي د.البغدادي
" الأزهر ليس أمينا على شيء، ما دام لا يتكلم الا ذا طلبت منه السلطة ذلك " إهــ وما قاله البغدادي يعد  حقيقة معلومة لكل المراقبين، وإلاّ فمن ينكر غثائية الأزهر(3) و من يجهل تبعيته العمياء للإرهاب العلماني الحاكم بمصر؟!، وهل يشك في  حقيقة ما قاله البغدادي عن الأزهر رجل شريف يريد خيرا لهذا الدين، ويريد تجنيب ابناء المسلمين اختيار الكفرعلى اعتناق دين يمثله كهان الأزهر؟!. ألم يقل جمال عبد الناصر عن كهنة الأزهرأن  " الواحد من دول يمكن تاخذ منو فتوى بفرخة!؟ اليس الأزهرمن بارك العلمانية المحاربة للشريعة  فأباح الربا وسكت عن مواخـير وحانات شارع الهرم، أليس الأزهر( ممثلا بمحمد متولى الشعراوي) من بارك للتطبيع مع اليهود؟ ثم اليس الأزهر هو الذي أباح اخير ا للنصاري حرية الدعوة في الطرق العامة وفي الأتوبيسات؟! ألم يقل عبد الحميد كشك لرجال البوليس (وهم يحققون معه على خلفية قوله" شيخ الأزهر نائم ")." والله لو كان شيخ الأزهر نائما لرجونا ان يستيقظ، و لكنه ميت"؟! 
 
   كما اشتد اغضب عبد الرزاق الشايجي حين كتب البغدادي" لقد ضحى علماء الإسلام بمنهج الإسلام في الحكم القائم على مبدأ الشورى والعدل في سبيل الحفاظ على وحــــدة المجتمع... لــــقد
ضحى الماوردي بمبدأ الشورى من حياة المجتمع الإسلامي كلية على مذبح السلطة التي تدعي الخلافة مناقضا الوحي الناص: و امرهم شورى بينهم " إهــ .و ما كتبه البغدادي ( رغم علمانيته التي اتهم السلفية بتوفير التربة الصالحة لنموها ثم ازدهارها)، هو عين الحق والصواب، و كان على كل منصف ان يشكره اذا كان عمريّ المذهب ( نسبة الي عمر بن الخطاب الذي قال ذات مرة رحم الله امرئ اهدى اليّ عيوبي)لأن الرجل قد وضع يديه على مكان الداء الذي ضلــت عنه الـدابة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) قبل اشهر قليلة صرح عبد الله بن الحسين ملك الأردن أن الخلل يكمن في الإسلام ذاته، و ليس في سلوك الإرهابيين و تطبيقات المسلمين!!
(2) آخر احصائيات تقول بان عدد المسلمين الملتزمين باداء الشعائر الدينية هم 10 في المئة فحسب !
(3) الأزهر لغة هو وعاء الخمر... الشيعة هم الذين بنوا الأزهر. لأجل ذلك لم يفلح قط(( أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير امن اسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم و الله لا يهدي القوم الظالمين)) التوبة  109
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ  39ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


السلفية العمياء لقرون عديدة، لا ان يقال عن  تشخيصه ذاك و بكل قلة حياء" هذا اسلوب سامج لا يرتضيه عاقل، فتعميم الحكم و الطعن في النيات خاصة و في العلماء، اسلوب استشراقي رضعه البغدادي من ثدي أساتذته الذين منحوه شهادة الدكتوراه" إهــ .

 و لكن اني للمحظية السلفية ان تبصر، و قد اعمتها الطاعة العمياء لمحظييها، بل كيف تبصر و هي ملك يمين العلمانيين، لا تملك المسكينة اغضابهم حتى لو تبين لها الرشد من الغيّ والحق من الباطل . ولقد كان البغدادي مؤدبا  حين رفع شأن كهنة السلفية فوصفهم بانهم " علماء الإسلام" ، والحال انهم مجرد هراوات في عجلات هذا الدين تمنع تقدمه وتعرقـل نجاحه، وتنهال في اوقات فراغها على رؤوس من سفه منهجها وشكك في ايمان سيدها.                                 
   
  واذا كان أعلام السـلفية و بقراتها المقدسة أمثال الشافعي و بن حنبل و غيرهم قد مثلوا بسكوتهم عن الحق رؤوس الحربة في تعويق المسيرة ألإسلامية، فما بلك بمن هم دونهم من الرخويات السلفية المعاصرة والتي ارتكست الى اسفل سافلين بمنافحتها عن انظمة علمانية بينة الردة، يعتذر ابليس ان يكون موظفا في مؤسساتها أو عضوا في  برلماناتها ؟! 
  
   كما تشنج الشايجي حين كتب البغدادي" خلال ثمانية قرون من التاريخ الإسلامي، لم يستطع الفقهاء خلق نظام سياسي تستمد مشروعيته من الدين الإسلامي نفسه" إهـــ و تلك حقيقة لا غبارعليها،  فالموبقات السياسية التي افرزها التخبط الملكي المدعوم بالتبرير السلفي ، لا علاقة لها بقرآن أوسنة متواترة، فالفقه السياسي الذي تقدمه الدوغمائية السلفية على اساس كونه نتاجا اسلاما خالصا لا ياتية الباطل من بين يديه و لا من خلفه، من شك فيه فقد مرق من الدين و خالف سنن المرسليين، لم يكن يوما وليد النص بل جاء نتيجة قراءة سلفية خاطئة لنصوص صحيحة، أو نتيجة مرويات صحت فقط في التصور السلفي المختل رغم مخالفتها لمقاصد الشريعة، بعد أن زكّتها إجماعات تراكمية سوغت ما لا يسوغ و باركت الإعوجاج وأصّلت الإنحراف، وأكسبت الوضع القائم شرعية مزورة لم يساهم كتاب الله و لا سنة رسوله في صياغتها .                                                                                    
 
   كما انتفض الشايجي كمن به جنة، حين كتب البغدادي" وللأسف استخدمت الأحاديث النبوية لحث المسلمين على الصبر تجاه الظلم و الإنتظار للمحاسبة يوم الدين، وكانت نتيجة هذا كله ان اصبح الإستبداد السياسي السمة السياسية لتاريخ دولة الإسلام "إهـ. وكلام الرجل لا يحتاج الى تعليق  ولا املك الا ان اقول اذا لم تستح فكن سلفيا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 40 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


فصل
الإسلام محجوب عن المسلمين بالخشب السلفية  غير المسندة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   وفرت السلفية المتطفلة على "السنة" النبوية أكبردليل ادانة ضد هذا الدين بما يقترفه أفرادها
بشقهم الوهابي الحنبلي وجناحهم اللإخواني الأشعري، من دفاع مثير للأشمئزاز عن الملكيات الغابرة و أدواتها القمعية التي لا يتررد ابليس نفسه من هجرها في الله. فها هو مصطفى السباعي ( مؤسس الإخوان المسلمين في سوريا)، يستنكرحتى مجرد التذكير بمظالم الأمويين، مصورا تلك المظالم مجرد أكاذيب مختلقة، يرددها المستشرقون " أعداء الدين"، على الرغم من أن جميع كتب التاريخ والأدب تحفل بشتى صنوف الروايات المتضمنة لتلك المظالم، فنراه يكتب في في صفحة 216 من مؤلفه " السنة و مكانتها في التشريع الإسلامي":" ثم أن المستشرق يصور لنا عصر  بني امية عصر ظلم وجور"إهــ  وقد وردت جملته الأخيرة فور فراغه من مدح الحجاج بن يوسف الثقفي بقوله" ووقع شيء من الجفاء بين الحجاج و بعض علماء عصره سببه اشتداد الحجاج في مقاومة خصوم الدولة الأموية، لا امعانه في الفسق و الضلال... كيف و للحجاج فضل في اعجام حروف القرآن و شكل كلماته، وهذا يدلّ على مبلغ عنايته بكتاب الله و ذلك لا يكون الا في نفس عميقة التديّن"[!!](1).

  إن الحجاج ابن يوسف الذي مدحه السباعي ، قد سبق و كفّره علماء عصره، ولعل اشهر من فعل ذلك قتيله سعيد بن جبير الذي بررخروجه عليه بقول:"اني والله ما خرجت عليه حتى كفر"(3) وعن الأعمش قال : اختلفوافي الحجاج فسألوا مجاهدا فقال تسألون عن الشيخ الكافر؟ وروى بن عساكر عن الشعبي انه قال:الحجاج مؤمن بالجبت والطاغوت كافر بالله العظيم، و لقد كان ظلم الحجاج و فسوقه وخروجه عن تعاليم الإسلام من الوضوح الى حد قيل فيه " كفى بالمرء عمى أن يعمى عن أمر الحجاج". و لعل اعظم جرائم الحجاج استهانته بصحابة رسول الله الذين تزعم الزواحف السلفية انها تغار عليهم و تغضب لهم، فها هو الحجا ج يبلغ به "عمق التدين" الى التحرق غيظا لأنه لم يدرك الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه حتى  يبطش به تقربا الى اسياده : " عن الصلت بن دينار سمعت الحجاج على منبر واسط يقول : عبد الله بن مسعود راس المنافقين لو ادركته لأسقيت الأرض من دمه"( انظرتاريخ بن كثير ) كما أهان الحجاج الصحابي أنس بن مالك خادم رسول الله الى حدّ و بخه فيه عبد الملك بنى مروان ( ملك اموي، والتوبيخ لمجرد  لتهدئة خواطر الناس، وهي رسالة تشبه في مضمونها ثم عمل الحجاج
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 (1) مصطفى السباعي "السنة و مكانتها في التشريع الإسلامي" ص 199 نشر المكتب الإسلامي طبعة رابعة 1985). وهذا المديح الأعمى لا يستغرب صدوره من قيادي أعمته إخوانيته وسلفيته، عن تبين الحق من الباطل، فها هو كاهنهم يوسف القرضاوي  يعتبر  ياسر عرفات  شهيدا !  ورد في جريدة الشعب من موقعها في الأنترنيت 24/12/2004) " و قال القرضاوي خلال حفل تأبيني للرئيس الفلسطيني الراحل في الدوحة بحضور محمود عباس رئيس منظمة التحرير الفلسطينية: اثناء ثورة القناة ضد الأنكليز في مصر سنة 1951 كان هناك شاب فلسطيني متحمس اسمه ياسر عرفات يتولى تدريبنا على اطلاق النار... و دعا القرضاوي القيادة الفلسطينية الجديدة الى المحافظة على وحدة الشعب الفلسطيني  ثم ترحّم على عرفات و شدّد على انه يعتبره " مات شهيدا و أن بني صهيون قد دسّوا له السمّ "!
(3) بن كثير البداية و النهاية ج9 ص 151
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 41 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بموجبها، بقول أعمي لأصمّ: خلينا نشوفك ! وإلاّ فإن عليا رضي الله عنه كان يلعن على المنابر ساعة كتابة هذا التوبيخ الدعائي) . كتب بن مروان للحجاج في معرض لومه " و الله لو ان اليهود و النصارى رأت رجلا خدم عزير بن عزى أوعيسى ابن مريم لعظمته و شرفته واكرمته  وأحبته بل لو رأوا من خدم حمار العزير أو خدم حواري المسيح،  لعظموه وأكرموه،  فكيف و هذا أنس بن مالك خادم رسول الله ثماني سنين يطلعه على سرّه، و يشاوره في امره،  ثم هو مع هذا،  بقية من بقية اصحابه" أما سبب تكفير العلماء الحجاج بن يوسف، فمن جملتها تفضيله الملك الأموي على رسول الله عليه السلام!! "عن بزيع بن خالد الضبي قال: سمعت الحجاج يخطب فقال في خطبته: رسول احدكم في حاجته اكرم عليه ام خليفته في اهله؟! فقلت في نفسي: لله عليّ ان لا اصلي خلفك صلاة أبدا وان وجدت قوما يجاهدونك لأجاهدنك معهم" (1)، ولقد وفى رحمه الله بعهده، فقتل في دير الجماجم وهو يحارب الحجاج اللعين.أما الخليفة الذي فضّله الحجاج  على رسول الله فهو من طرازالوليد بن عبد الملك الذي تغذى عنده يوما " فلما انقضى غذاؤهما دعا الوليد( الحجاج) الى شرب النبيذ[ تعبير سلفي ملطف للخمر، فالنبيذ عبارة عن عصير فواكه غير مسكر] فقال يا امير المؤمنين الحلال ما احللت ! و لكنى انهى عنه اهل العراق و اهل عملي[أعوانه]، واكره ان اخالف قول العبد الصالح ((و ما اريد ان اخالفكم الى ما انهاكم عنه)) ــ هود 88 ـــ ( قيل لراقصة لم لا تغنّين فصوتك جميل؟ فقالت: بلغني ان صوت المرأة عورة! فها هو الحجاج الذي يخوض خوضا في دماء المسلمين  يمتـنع عن الخمر!). ولقد بلغت استهانة الحجاج  بدماء المسلمين الى حد جعل خروج أحدهم من احد أبواب المسجد دون الأخرمبررا كافيا لسفك دمه, كما جعل قراءة أحدهم، لا لمنشور سري ضد النظام الملكي، بل لكتاب الله برواية بن مسعود، من موجبات حكم الإعدام.كما حكم ايضا بإهانة المصحف الذي يضبط لدى المقتول، محوأ لآياته الشريفة بضلع خنزير!" عن عاصم بن ابي النجود والأعمش، انهما سمعا الحجاج قبحه الله يقول: والله لو امرتكم ان تخرجوا من هذا الباب فخرجتم من من هذا الباب لحلت لي دماؤكم، ولا أجد احدا يقرأ على قراءة ابن ام عبد [عبد الله بن مسعود]الا ضربت عنقه. ولأحكنّها من المصحف ولو بضلع خنزير، ورواه غير وحد عن ابي بكر بن عياش بنحوه "(3)  كما تجلّى كفر الحجاج في استحلاله اعظم ما حرّم الله تعالى، أي  دماء المسلمين حتى لو كانوا من غيرالمعارضين الذين لم يخطر على بالهم الخروج على الملكية الأموية, فقد جاء في احد خطبه الإرهابية" والله لو اخذت ربيعة بمضر لكان ذلك لي حلالا [ أي لو عاقبت قبيلة بذنب قبيلة اخرى لكان ذلك حلالا عندي! " كما استخف الحجاج  بنبي الله سليمان وسماه حسودا " عن الصلت بن دينار و سمعته [ أي الحجاج] على منبر واسط و تلا هذه الآية : ((وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي)) سورة ص 35 قال : الحجاج : والله ان كان سليمان لحسودا،  وهذه جراءة عظيمة تفضي الى الكفر "(1) هذا اضافة الى رمي الحجاج  بيت الله بالمنجنيق. فليجتهد قادة الإرهاب العلماني في تحكيم غير شرع الله،وليذبحوا من شاءوا من الموحدين، دون خشية التشكيك في عمق ايمانهم،فمهما عمق تدين الحجاج بن يوسف، فسيظل ضحلا و سطحيا،أمام تدينهم الذي بلغ من " العمق" حدّا  تورعوا فيه عن رمي الكعبة بالمدفعية الثقيلة، كما بلغ تسامحهم حدّ تمكين المسلمين من حرية تلاوة القرآن الكريم على جميع الروايات بـما فيها رواية ابن ام عبد المحظورة، كما بلغت حفاوتهم بكتاب النابع من عمق تدينهم  حد تكريم حفظته  بمناسبة وغير مناسبة!.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) بن كثير البداية و النهاية من ص 151 ص 167
(2) يقصد هنا نبي الله شعيب لكن الحجاج لا يهتم بمخالفة رب النبي الصالح هند قوله(( ولا تقتلوا النفس التي حرم الله الا بالحق))
(3) بن كثير ص 155
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 42 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

و لعل سخافة شهادة الزور التي زكى بها الحجاج من قبل مصطفى السباعي السباعي ، وثيقة النسب بتلك الشهادة الآثمة التي تقدم بها شيخه الهالك حسن البنا، حين وصف الملك العلماني فاروق (الذي يعد بيل كلينتن قديسا بالقياس الى فسق ملك مصر) بأنه "حامي المصحف! " بمجرد حمله  مصحفا في جيبه!!! ، كما بلغ النفاق بحسن البنا الي حد تفضيل الملك العلماني المذكور، على الفاروق عمر حين سماه " الفاروق العظيم" ؟         
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 43 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في خدمة الإرهاب
                  
" كل قرشي غلب على الخلافة بالسيف و اجتمع عليه الناس(*) فهو خليفة"
                                                             الشافعي
 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ                            
(*)  كيف لا يجتمع عليه الناس و قد خرج عليهم السفاح  بسيفه؟ فما اصدق القائل:
  تلوا باطلا و جلوا صارما[ استلوا سيفا]
                                                        فقالوا صدقنا؟ فقلنا نعم!
على خلاف على حضوره الطاغي في ايامنا هذه، كان الشافعي مغمورا في عصره حتى انه كاد يعدم ذات مرة لتهمة"باطلة" تتعلق بأمن الدولة، لولا تدخل احد اعوان هارون الرشيد لصالحه و دفاعه عنه والتعريف به, و لكن شهرته تعززت فيما بعد بسبب دفاعه الأحمق عن شرعية  حكام الجور.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 44 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فصل
وقفة قصيرة مع كتاب الإسلام السياسي(1) للمستشار على العشماوي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   ذهب في حسبان المستشار سعيد العشماوي إعتمادا على اصرار الكهنوت السلفي على تبرير الإستبداد السياسي قديما وحديثاالي حد الإعتقاد باستحالة قيام نظام اسلامي مقطوع الصلة بالوحي المباشر، كما اعتقد ايضا عدم تيسر قيام دولة اسلامية معاصرة الا " بوجود شخصية معصومة يوحى اليها، ويسيّر الوحي المباشر حركاتها وسكناتها، لتجنيبها المظالم لتتحقق في تلك الظروف فقط حاكمية الله، تماما ، كما كان العمل بشريعة الإسلام، متعلّق بوجود شخصية النبيّ المؤيد بالوحي المباشر! و اليكم ما كتب" ولقد كان الحكم في عهد النبيّ و في عهد النبيّ وحده، حكم الله اسما و فعلا، كما كانت الحاكمية لله وحده، طالما أن الفهم الإسلامي يؤمن بأن النبي (ص) كان يعـمل بإرشاد الوحي و تحت رقابته، وأن الوحي ابتدأ فأنشأ، وتدارك فصحّح، ووافق فسكت... فحكم يستند الى الوحي و يعمل برقابة الوحي و يصحّح آخذا بقول الوحي، هو حكم الله فعلا، و فيه تتحقق حاكمية الله"(2) و لكن المستشار سرعان ما ناقض نفسه حين اضاف في ص 61 " فإن النبيّ (ص)  الذي لا جدال في الإعتقاد الإسلامي أنه كان على إتصال دائم بالوحي ... صرّح بأن حكمه أي قضـاءه في المنازعات هو حـكم له و رأي وفتوى لبشر، وليس حكم الله، فقد جاء في الحديث الشريف: قد يتخاصم إلّي إثنان منكم ويكون أحدهما ألحن من أخيه فإن قضيت له بغير حقّه فقد أخذ قطعة من النار"إهـ . وقد غابت عن المستشار حقيقة بسيطة متمثلة في ان عدم تدخل الوحي للفصل في كلّ  مجريات المنازعات التي كان يقضي فيها الرسول، كان الهدف منه تدريب من سياتي بعد محمد على توخي وسائل غير نبوية(الوحي) في فض ما يعرض عليهم من نزاعات، وفي ذلك دليل قاطع على أن القاعدة في صفة من يتولى الحكم في دولة الإسلام،هي عدم الإرتباط  بأية جهة غيبيّة تسدّد خطاه وتطلعه على ما تخفي صدورالخصوم، فعلى الحاكم غيرالنبي أن يقضي بالظاهر كما قضى رسول الله. و لوكان النظام السياسي والقضائي الذين أرساهما رسول الله مرهونين بوجوده، لأستغنى عليه السلام عن مخاطبة صحابته بما ورد في الحديث السابق، ولما كانت حيثيات حكمه مبنية على حجج الخصوم، دون على ما يخبره به الوحي عما تخفيه صدور المتنازعين.
  وقد "اعتذر" المستشار عن وجود حكومة عمرية عادلة رغم كونها غير نبوية بان" حكومة عــمر بن الخطاب أو إمارته بالمعنى القرآني، هي حكومة تخالف طبائع الأشياء، و تــجافي قوانين

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الكتاب صادره الأزهر ومنع من التداول( حدث ذلك قبل ان يسلب الإزهر صلاحية مراقبة ما يعرض في الأسواق ) لما تضمن من تشكيك في الإسلام .بعد ذلك وكما يقول الكاتب" أصدر رئيس الجمهورية الرئيس محمد حسني مبارك أمرا بإلغاء قرار المصادرة الخاطىء و ذلك إعمالا لصحيح القانون. وبتاريخ الأربعاء 15 يناير 1992 . نشرت جريدة الأهالي خبر أمر الرئيس و أذعته كافة و كالات الأنباء العالمية والإذاعات العالمية بكل اللغات و منها العربية .."
(ملاحظة : الغرب لا يكف عن مراقبة ما يحدث لطلائعه الثقافية وحاملي فكره  من ابناء المسلمين وهوعلى استعداد دائم  للتدخل الفورى لمساندتهم، من ذلك ما تفاخرت به الروائية ليلى عثمان من تعاطف الهيئات الإنسانية و النصرانية واتصالهم الهاتفي بها عند تقديمها للمحاكمة بتهمة التهجم على الإسلام") كما افتخر الكاتب بكون مؤلفه:" نـشر في الجزائر بواسطة الحكومة الجزائرية لمحاربة جماعات الإسلام السياسي بمقتضى ما ورد فيه من فكار وآراء، وقد كانت الجبهة الإسلامية للإنقاذ على وشك الوصول إلى السلطة في الجزائر " ( الإسلام السياسي ص 12 )...                    
(2) الإسلام السياسي ص 53
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 45 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الواقع، و من ثمّ، فقد بدت فترة مثالية تحقّقت بظروفها و طبيعة الحاكم،  فهي لا تتكرّر و لم تـتكرّر
أبدا، ذلك أن عمر هذا، هو الذي قال عنه النبي (ص) أنه محدّث أي ملهما أو متنبئا، وأن الحقّ على قلبه و لسانه وأنه لو كان نبيّ بعد النبي لكان هـو عمر، و من يقل عنه النبيّ هذا ــ بوحي من الله يكون من طبيعة خاصّة و تكوين إستثنائي أدنى إلى طبائع الأنبياء وأدخل في حقيقة الرائـين، و بهذا التكوين وتلك الطبيعة، وقف عمر بقوله ورأيه وفعله ضدّ قوانين الحياة التي تعمل على غلبة السياسة واخلاقياتها عندما تختلط  بالدين أو تقترب منه" (1) .                         
 
   وقد اضطرالمستشار الى الحاق فترة حكم عمر بن عبد العزيز بــ" حكم الله المباشر" والمسدد من قبل الوحي، دون ان يكلف نفسه( بعد ان أعوزه  الدليل ) إيجاد ما يثبت صلة خامس الراشدين بوحي يرشده، أو قوى غيبيّة مباشرة تسدّده!. وقد أسس المستشار حيثيات حكمه على ما يلمسه كل متأمل في تاريخنا السياسي من حكم فردي، وإستبداد بالأمر دون الرعيّة، ومن دعوى مكشوفة  لملكية الحق الإلهي في الحكم، وتلك حقائق لا ينكرها منصف، ولا يجحدها صاحب شرف ودين .                                                     وقد ضاعف ايمان المؤلف الى ما ذهب اليه( هذا بالإضافة الي وقوف السلفية بجانبها الإشعري و الوهابي في خندق الإرهاب العلماني الحاكم)، هروب السلفيين الى الأمام بإخوانييهم ووهابييهم  بزعمهم أن التاريخ الإسلامي كان ضحية تزييف في الوقائع  كانت تقترفه كل عائلة حاكمة صاعدة نكاية بسابقتها،ممّا جعل المؤلف يعتقد (وهو محقّ ), بأن ذلك الإنكار" يعمل على توطيد إحتمالات عودة مثل هاته الوقائع [المظالم] و تكرارها، ما لم يقع استنكارها واستهجانها وإدانتها ثم التبرؤ منها، والإقرار بأنها ممارسات ضد الإسلام" إهــ  الأمر لذي يبدو مستبعدا سنيّا مع وجود" دفاع حار عن الأمويين و غيرهم من الطغاة " ( 2) .                                                                                                              
       
    ولأجل غياب الأمل في اعتراف سلفي باخطاء الماضي، و في توبة سلفية من مآزرة الإرهاب الحاكم، قررالمستشار  مجاراة  منه للمقولة الشعبية(3) أن الإسلام السياسي قد مات بموت عمر! و أن كل حاكم مسلم سيكون نسخة مكررة من ملوك الجورنظرا  لغياب الوحي الذي يسدد خطاه ، لأجل ذلك جاءت مقدمة كتابه على هذا النحو" أراد الله للإسلام أن يكون دينا، وأراد به الناس أن يكون سياسة... فإن تسيس الدين لا يكون إلاّ عملا من أعمال الفجّار الأشرار، أو عملا من أعمال الجهّال غير المبصرين، لأنه يضع للإنتهازيين عنوانا من الدين، و يقدم للظلم تبريرا من الآيات، و يعطي للجشع اسما من الشريعة "إهــ .
 
    أخيرا  وحيال الفراغ العقائدي الذي اصبح المسلمون يعيشونه، تطوع المستشار بتوجيهم الى الإعتصام بـ" الحضارة الغربية وفنونها وثقافتها [بعدما اتضح] إنهيار عصر المعتقدات الجافة [الإديولوجيا]الذي حصل بإنهيار الإتحاد السوفياتي، و حلول عصر جديد هو عصر التقنية و العمل والإنتاج" !( ص 300) .                                                                                                                                                                             
ـــــــــــــــــــــ 
(1) الإسلام السياسي ص 50   
(2) نفس المصدر ص 48
(3)  " العدل مات مع عمر !
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 46 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فصل
اضاءات
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اضاءة اولى :
                                         فساد الإستبداد

   " اذا كان الحكماء قد استهجنوا قديما مسلك من انفرد برايه، وسفهوا من  ترك مشاورة ذوي الحجى والتجربة من قومه، فشنعوا عليه وعدّوه هالكا بسوء تدبيره، وشؤم صنيعه الى حد قيل فيه" قد خاطر بنفسه من استغنى برأيه" فما عساه يقال في من خاطر بمصيرأجيال متعاقبة بل بأمم يخلف بعضها البعض، فأوردها الذل و الهوان وضياع الأرض والعرض والمقدسات ؟!  

اضاءة ثانية :
                              
                        من معاوية الي صدام رحلة 14 قرنا من الآلام

ـــ " هذا الحال مع صدام، اذا اتخذ قرارا فانه لا يرجع فيه ولا يعنيه اذا كان محقا أو مخطئ في هذا القرار" ص 103


                                           الولاء للقائد  قبل الكفاءة

 " جلس صدام برهة ثم قال لطبيبه الخاص " أنا اعاني مشكلة صعبة، انا ابذل مجهودا كبيرا لأجد الأشخاص المناسبين للمناصب العليا، وأنا اعرف ان وزرائي ليسوا بالمجتهدين ولا هم شديدي الذكاء، وكذلك زعماء حزب البعث ايضا.عندما اناقش معهم قضايا معقدة، يستمر الأمر احيانا فترات طويلة جدا حتى يفهموا ما اتكلم عنه أساسا،  واحيانا اتصفح مثل هذه المناقشات و ارى على الفور انهم لم يفهموا شيئا "

د .علاء بشير
" كنت طبيبا لصدام صورة عن قرب"
 دار الشروق طبعة ثانية سنة 2005

اضاءة ثالثة:

                                 السلفية فتنة للذين كفروا
   بدل ان يكون ساسة المسلمين رسل حرية ودعاة حقوق انسان صاروا ضحكة للكافرين و ودليل ادانة للإسلام و المسلمين... تابعوا معي:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 47 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    ذات مرة التقى وزير الخارجية البريطاني مايكل ستيوارت مجموعة من قيادة حزب البعث العراقي" وقبل ان يختم الإجتماع"التفت الوزير البريطاني  و تساءل عما اذا كان لدينا تعليق او ملاحظة نود ابداءها لينقلها الي رئيس حكومته اجبته[ والكلام للوزير العراقي جواد هاشم] باننى كرئيس للوفد ليست لدي ملاحظات محددة... انبرى هنا خالد مكي الهاشمي ليقول للوزير البريطاني ان لديه احتجاجا يودّ ان يسجله يتعلق بالموسوعة البريطانية للمعارف الإنسكلوبيديا وما ورد فيها حول الأكراد في العراق ... وان ما ورد في الموسوعة من وصف لزعيم الحركة مصطفى البرزاني بانه زعيم ثائر انما هو انحياز للحركة الكردية و موقف معاد للعراق، و بكل برود اجاب الوزير البريطاني موضحا" ان الإنسكلوبيديا البريطانية انما هي موسوعة معارف و ليس للحكومة البريطانية، فبريطانيا بلد ديمقراطي و تمسكنا بالمبادئ الديمقراطية لا يسمح لنا أبدا بإملاء رغبة الحكومة على دور النشر و مؤسساتها". لم يقتنع الهاشمي بما قاله الوزير اذ قاطعه قائلا:" ألا تستطيع الحكومة البريطانية أو حتى وزير الأعلام تصحيح ما ورد في الأنسكلوبيديا حول الحركة الكردية؟" اجابه الوزير البريطاني:" كلا، لا نستطيع التدخل في شؤون مؤسسة عريقة مثل المؤسسة التي تتولى اعداد الأنسكلوبيديا ولا اية مؤسسة اخرى.  ثم ليس في بريطانيا وزارة للإعلام كما هو الحال في بلدان اخرى مثل بلدكم، الإعلام في بريطانيا هو الرقيب على الحكومة، و وسائله من اذاعة وتلفزيون و صحافة، هي لسان المجتمع و ليس الحكومة". " هذا أمر عجيب!" هكذا جاء تعليق الهاشمي باللغة العربية، و هنا تدخل السفير كاظم الخلف بلباقته الديبلوماسية، وانقذنا من ورطة كاد خالد الهاشمي ان يوقعنا فيها. انتهت المقابلة. غادرنا مكتب الوزير متجهين الي سياراتنا، والهاشمي يتساءل و يلحّ على كاظم الخلف بتساؤله عما اذا كان صحيحا ان الحكومة البريطانية بكل جبروتها و قوتها الإستعمارية لا تستطيع تغيير ما هو مذكورفي الأنسكلوبيديا، نزولا عند رغبة الثورة و الحزب و القائد !"(1)

" في تشرين 1980 وحين التقى صدام حسين بسفير بريطانيا ببغداد" ابدى للأخير" امتعاضه من موقف الصحافة البريطانية لأنها على تعبير صدام،  تتعمد اهمال تغطية انتصارات القادسية[ حربه مع ايران] لهذا طلب من السفير الإسراع بإعلام حكومة صاحبة الجلالة باتخاذ  الخطوات المناسبة في توجيه الصحافة البريطانية الي اعطاء اهمية اكبر للقادسية... أشار السفيرالي الحقيقة المرة التي عكرت مزاج صدام حسين قال:" الحكومة البريطانية محافظة كانت او عمالية، لا سلطان لها على الصحافة و الصحافيين. الصحافة هي السلطة الرابعة تكمل البرلمان و بقية اجهزة الرقابة على الحكومة."(2)

اضاءة رابعة :
فتنة السلفية  للذين آمنوا

كتب عمرو اسماعيل[ علماني مصري] في العدد 1286 من الحوار المتمدن و تحت عنوان سيدي الرئيس...  فلتحيي السنة" بعض ما يأتي نصه:
سيدي الرئيس مبارك و كل رئيس
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) و (2) جواد هاشم . مذكرات وزيرعراقي مع البكر و صدام .ص 106و 107 و332
دار الساقي الطبعة الأولى 2003.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 48 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


اني ادعوك  أن تحيي السنة و تمتثل للحديث الذي ورد  في كل كتب الصحاح، من بخاري الي مسلم، ان رسول الله ص قال: "أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم" ولذا انا ادعوك يا سيدي الرئيس أن تحيي السنة، و تقتدي بالصحابي الجليل معاوية ابن ابي سفيان، و تطلب البيعة لإبنكم الجليل جمال مبارك، ولن تعدم سيادتكم من يؤيدكم في دعوتكم من فقهائنا الأجلاء،  تأكيدا أن من بات ليلته دون ان يبايع اماما فقد خرج من الإسلام ... و تأكد أن وفود المبايعة ستتوالى على قصركم،  مثلما حدث في مملكة الحرمين الشريفين.  ومن يتخلف عن البيعة بعد ذلك،  يصبح مارقا من الدين، ويصبح من حقك أن تبعث لهم قواتـك الخاصة لتأديبهم،  كما فعل يزيد بن معاوية في أهل المدينة[ قتل الصحابة و اغتصب النساء]و ظل بعد ذلك أمير المؤمنين،  وتؤسس الدولة المباركية كما أسس الصحابي الجليل الدولة الأموية... فلتحيي السنة يا سيدي ...المهم أن يبقى صحيح البخاري وسيرة معاوية الذي وحّد الأمة بقوة سيفه وعقله، فأصبح الجميع متساوين في الضنك..."إهـ  

اضاءة خامسة :

ــ " إن أحمد بن حنبل إمام المسلمين و سيد المؤمنين وبه نحيى وبه نموت و به نبعث انشاء الله تعالى، فمن قال غير هذا فهو من الجاهلين"
الحافظ يحيى بن مندة الأصفهاني

ـــ " و اذا رأيت الرجل يحب أبا حنيفة و رأيه و النظر فيه، فلا تطمئن اليه و الي من يذهب مذهبه ممن يغلو في امره و يتخذه اماما"!.
"على بن المديني"


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 49 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ملاحظة أخيرة:
هناك هوامش و استشهدات كثيرة تتعلق بالإستبداد و التوريث قد جمعتها  و لكن ضيق الصدر و الرغبة في التخلص من هاته الدراسة الكريهة باسرع وقت، من اثباتها في الرسائل الخمس التي يضمها كتاب "السلفية هي العدوّ" ستجدونها انشاء الله مثبتة في الرسالة الثالثة من كتاب "كوكتيل سلفي" على شكل هوامش مقطوعة الصلة بموضوعها الأصلي.

و الحمد لله على كل حال و نعوذ بالله من حال اهل النار.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 50 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

{{{تمّت الرسالة}}




  سلسلة في الصميم ـــــ كــــــــــــــتـــــابـ ـــ السّلفيّة هي العدوّ ـــ خمس رسائل ـ       الرسالة الثانية  دعــم السلفية للنظم الوراثـيّة   حمّادي بلخشين






























Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire