الوثيقة القادرية

الوثيقة القادرية
الوثيقة القادرية انحراف عميق في تاريخ الامة

dimanche 30 décembre 2012

 

الباحث الاستاذ صلاح غريب

إن التاريخ قد حفظ لنا اعتراضا قويا لأحد المحبين لابن تيمية ، إنه الحافظ شمس الدين الذهبي مؤرخ الشام ومحدثها الكبير. المتوفى سنة (748 ه‍) والذي بعث لابن تيمية رسالة ينصحه فيها ومما جاء فيها:
” الحمد لله على ذلتي يا رب ارحمني وأقلني عثرتي، واحفظ علي إيماني واحزناه على قلة حزني، وأسفاه على السنة وذهاب أهلها…
إلى كم ترى القذاة في عين أخيك وتنسى الجذع في عينك ؟
إلى كم تمدح نفسك وشقاشقك وعبارتك وتذم العلماء وتتبع عورات الناس ؟
مع علمك بنهي الرسول (ص): ” لا تذكروا موتاكم إلا بخير، فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا ” بل أعرف أنك تقول لي لتنصر نفسك… يا رجل بالله عليك كف عنا، فإنك محجاج عليم اللسان لا تقر ولا تنام، إياكم والغلوطات في الدين، كره نبيك (صلى الله عليه وآله) المسائل وعابها ونهى عن كثرة السؤال وقال:
” إن أخوف ما أخاف على أمتي كل منافق عليم اللسان ”
وكثرة الكلام بغير زلل، تقسي القلب إذا كان في الحلال والحرام فكيف إذا كان في عبارات اليونسية والفلاسفية وتلك الكفريات التي تعمي القلوب، والله قد صرنا ضحكة في الوجود، فإلى كم تنبش دقائق الكفريات الفلسفية ؟
لنرد عليها بعقولنا، يا رجل ! قد بلعت سموم الفلاسفة وتصنيفاتهم مرات، وكثرة استعمال السموم يدمن عليه الجسم، وتكمن والله في البدن، واشوقاه إلى مجلس فيه تلاوة بتدبر وخشية بتذكر وصمت بتفكر… يا خيبة من اتبعك فإنه معرض للزندقة والانحلال، ولا سيما إذا كان قليل العلم والدين باطوليا شهوانيا، لكنه ينفعك ويجاهد عنك بيده ولسانه، وفي الباطن عدو لك بحاله وقلبه.
فهل معظم أتباعك إلا قعيد مربوط خفيف العقل ! أو عامي كذاب بليد الذهن، أو غريب واجم قوي المكر ؟
أو ناشف صالح عديم الفهم ؟
فإن لم تصدقني ففتشهم وزنهم بالعدل، يا مسلم أقدم حمار شهوتك لمدح نفسك، إلى كم تصادقها وتعادي الأخيار ؟
إلى كم تصادقها وتزدري الأبرار ؟
إلى كم تعظمها وتصغر العباد ؟
إلى متى تخاللها وتمقت الزهاد ؟
إلى متى تمدح كلامك بكيفية لا تمدح – والله – بها أحاديث الصحيحين ؟
يا ليت أحاديث الصحيحين تسلم منك. بل في كل وقت تغير عليها بالتضعيف والإهدار أو التأويل والإنكار أما آن لك أن ترعوي ؟
أما حان لك أن تتوب وتنيب ؟
أما أنت في عشر السبعين وقد قرب الرحيل ؟
بلى – والله – ما أذكر أنك تذكر الموت، بل تزدري بمن يذكر الموت…
فما أظنك تقبل على قولي ولا تصغي إلى وعظي، بل لك همة كبيرة في نقض هذه الورقة بمجلدات، وتقطع لي أذناب الكلام، ولا تزال تنتصر حتى أقول البتة سكت، فإذا كان هذا حالك عندي وأنا الشفوق المحب الواد، فكيف حالك عند أعدائك ؟ وأعداؤك – والله – فيهم صلحاء وعقلاء وفضلاء، كما أن أولياءك فيهم فجرة وكذبة وجهلة وبطلة وعور وبقر، قد رضيت منك بأن تسبني علانية، وتنتفع بمقالتي سرا فرحم الله امرءا أهدى إلي عيوبي، فإني كثير العيوب، غزير الذنب، الويل لي إن أنا لا أتوب، وافضيحتي من علام الغيوب ! ودوائي عفو الله ومسامحته وتوفيقه وهدايته والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين (*).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) بحوث في الملل والنحل، م س، ص 39 – 40، نقلا عن تكملة السيف الصقيل، للمحقق المعاصر الكوثري، ص 190 – 192.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire